Akhbar Alsabah اخبار الصباح

المفكر د فهمي هويدي يكتب : فرقعات ثلاث

د هويدي أحدث فرقعة فى سوق الشائعات المصرية تحدثت عن ميلاد تشكيل جديد باسم «جماعة الجهاد لتطهير البلاد». فى بيانها الأول استهدفت قناة «أون تى فى»، التى وصفتها بأنها قناة البوم والغربان التى تستهدف تخريب البلاد وإشاعة الفوضى فيها، وطالبت إدارتها بدفع عشرة ملايين جنيه تبرعا لإحدى المؤسسات الخيرية وإلا تعرضت منشآتها واستديوهاتها للتخريب والتدمير ثم تحدثت عن اختطاف بعض مقدمى البرامج فى القناة، والمطالبة بدفع مبلغ 20 مليون جنيه لإطلاق «صراحهم» هكذا كتبوها.

الخبر بثه موقع صحيفة «المصرى اليوم» على شبكة التواصل الاجتماعى فى 24/4 الحالى. وظل يتصدر الصفحة الأولى من الموقع يوم 25 أيضا، ثم نشرته بعد ذلك يوم 26/ 4 منسوبا إلى جماعة جهادية. ورغم ركاكة البيان وضحالته، وغرابة وسذاجة الطلبات المقدمة فيه، خصوصا ذلك البند الخاص بالإعلان مقدما عن نية خطف بعض مقدمى برامج التليفزيون وطلب 20 مليون جنيه فدية لإطلاق «صراحهم»، إلا أن مجرد الإشارة إلى ظهور «جماعة جهادية»، وتهديدها بالتخريب والاختطاف، كان بحد ذاته كفيلا بتوصيل رسالة الخوف إلى الآخرين، وهى رسالة لها رنينها فى الظروف الراهنة التى تمر بها مصر.

قبل ذلك بأيام قليلة (فى 21/4) شهدنا فرقعة أخرى. حين نشرت صحيفة «الشروق» على صفحتها الأولى خبرا تحت عنوان يقول: «جماعة سيد قطب تدعو لاستبدال العلم المصرى بالراية السوداء» وفى الخبر أن مجموعة من المتظاهرين فى ميدان التحرير حملوا رايات كتبت عليها عبارة: لا إله إلا الله محمد رسول الله. ونقل المحرر عن أحدهم قوله انه لا يعتد بالعلم المصرى الحالى. كما تحدث عن ان عناصر المجموعة وزعت منشورات مختومة باسمها ركزت على مصر الحلم والنهضة. ودعت إلى تدريب الشعب على جميع أنواع الأسلحة وفرض التدريب العسكرى على الكافة، كما دعت إلى تكوين قاعدة صناعية عسكرية. والاهتمام بكل أنواع الأسلحة غير التقليدية البيولوجية والنوعية، لسهولة تصميمها وقدرتها على الإبادة الشاملة. كذلك دعا المنشور إلى وضع ميزانية كبيرة لطباعة الكتب الدينية لدعوة الغرب وضمهم للإسلام، وتوفير عدد كبير من القنوات الفضائية الدينية الناطقة باللغات المختلفة لنشر الدعوة الإسلامية وإثارة البلبلة فى إثيوبيا، ودعم المقاومة الصومالية وقطع طرق التجارة فى البحر الأحمر أمام السفن الأمريكية والإسرائيلية.

الرسالة كما رأيت بالغة الركاكة والضحالة كسابقتها، وهى ليست أكثر من موضوع إنشاء يكتبه تلميذ فى المرحلة الثانوية. ومع ذلك فإنها تحولت إلى خبر على الصفحة الأولى خوفنا بالإعلان عن ميلاد جماعة باسم الأستاذ سيد قطب الذى ظلم حيا وميتا، وأقلقنا بحكاية الراية السوداء التى هى فى حقيقة الأمر علم حزب «التحرير الإسلامى» الذى نشأ فى الأردن وتمدد خارجه لاحقا.

قبل نحو شهرين أبرزت الصحف المصرية بيانا ظهر على شبكة التواصل الاجتماعى أعلن عن تأسيس جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فى استنساخ لفكرة الهيئة المعروفة بذات الاسم فى المملكة العربية السعودية. وشأنها شأن الهيئة الأم، فإنها أعلنت عن اعتزامها تطبيق شرع الله وحث الناس على الالتزام بحدوده، فى مظهرهم وسلوكهم الاجتماعى. كما تحدث بيان آخر عن أنهم بصدد استجلاب الأدوات المطلوبة لأداء المهمة من الخارج، وهى تتمثل بالدرجة الأولى فى العصى المكهربة التى تستخدم فى حث الناس وزجرهم. وقال بيان ثالث إن الشحنة وصلت بالفعل إلى ميناء الإسكندرية، وأنها بصدد التفريغ تمهيدا لبدء العمل، وشاء ربك أن يتوقف سيل البيانات بعد ذلك، إذ سكتت الجماعة فجأة كما ظهرت فجأة.

يلفت النظر فى الفرقعات الثلاث عدة أمور. أولها انها مجهولة المصدر ولم تنسب إلى أشخاص بذواتهم، ثانيها أن مصادرها التى من الواضح انهم مجموعات من الهواة تختبئ وراء وسائل الاتصال الحديثة. ثالثها انها تصب فى مجرى واحد هو التخويف من الإسلام والإسلاميين مستثمرة أجواء التوجس الراهن منهم فى بعض الأوساط. رابعا انها تلقى تجاوبا من حالة التربص والاصطياد الشائعة فى دوائر الإعلام المصرى، التى لم تتخلص بعد من ثقافة «الفزاعة» الإسلامية التى رسختها ممارسات النظام السابق.

هل هذه فرقعات منفصلة، أم أنها خارجة من وعاء واحد؟ ليست لدى إجابة على السؤال، لكننى أفهم أن هدف التخويف مطلوب فى أجواء الانتخابات الرئاسية، تماما كما أن توتير وتفجير الأوضاع فى مصر كان مطلوبا لتعطيل وإرجاء الانتخابات البرلمانية. وهى الملاحظة التى سمعتها من أحد كبار المسئولين، الذى نبهنى إلى أن حملة التوتير والتفجير توقفت تماما بعد فتح ملف منظمات التمويل الأجنبى وترحيل بعض الضالعين فى العملية ــ إن أبالسة الطرف الثالث لا يزالون يملون من العبث فى الساحة المصرية.
سياسة | المصدر: الشروق | تاريخ النشر : الأحد 29 إبريل 2012
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com