
قالت ثلاثة مصادر سياسية عراقية مطلعة في بغداد، اليوم الأربعاء، إن نتائج العدّ والفرز الحالية في مركز المفوضية العليا للانتخابات في العاصمة، أظهرت تقدم الائتلاف الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، بفارق كبير عن أقرب منافسيه من القوى السياسية، في أكثر من تسع محافظات حتى الآن، يليه ائتلاف "دولة القانون"، بزعامة نوري المالكي، ثم حزب "تقدم"، بزعامة محمد الحلبوسي.
ومن المرتقب الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات العراقية مساء اليوم الأربعاء، وفقاً لإيضاح سابق قدّمته مفوضية الانتخابات، لكن وجود مراقبين وممثلين عن القوى السياسية في قاعة العدّ والفرز لأصوات الناخبين، مكّن من نقل معلومات وتسريب بعض بيانات الفائزين. وأبلغت 3 مصادر عراقية مطلعة في بغداد، بإفادات متطابقة "العربي الجديد"، أن النتائج أظهرت حصول ائتلاف "الإعمار والتنمية" الذي يترأسه السوداني على أكثر من 50 مقعداً برلمانياً في بغداد، إلى جانب 8 محافظات أخرى في جنوب البلاد ووسطها.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن ائتلاف رئيس الحكومة يتصدر في بغداد، والنجف، وكربلاء، وذي قار، وبابل، والبصرة، وميسان، بفارق كبير عن أبرز خصومه في الانتخابات وهو "دولة القانون"، بزعامة المالكي الذي يحلّ ثانياً في التسلسل لكن بفارق مريح للسوداني. ويظهر على مستوى القوى العربية السنية تصدّر حزب تقدم على باقي المنافسين الآخرين في بغداد ومحافظات شمالي البلاد وغربيها، وفقاً للمصادر ذاتها، التي أشارت إلى أن وجوهاً سياسية سنية وشيعية بارزة ستغيب عن البرلمان المقبل كأبرز الخاسرين.
كردياً، تصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني على باقي الأحزاب الأخرى، وبفارق قد يمنحه الأغلبية المريحة في البرلمان المقبل داخل خارطة التمثيل السياسي الكردي ببغداد، حيث تظهر وفقاً لما تسرّب من معلومات لـ"العربي الجديد"، ضمانه ما لا يقل عن 25 مقعداً برلمانياً حتى الآن، مقابل نحو 12 لأبرز خصومه، الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني. وتظهر نتائج متقاربة حصلت عليها قوى شيعية وسنية مختلفة، أبرزها "صادقون"، و"قوى الدولة"، وتحالف "السيادة"، و"عزم"، وسط تأكيدات بأن النتائج تتغيّر بنسب متفاوتة مع استمرار عمليات العد والفرز واعتماد كوتا النساء والأقليات في نهاية الحساب الانتخابي.
وعلى مستوى القوى المدنية، لم تتضح أي نتائج مريحة لتلك القوى، خاصة بعد إعلان تحالف "البديل"، الذي يترأسه محافظ النجف الأسبق عدنان الزرفي، عن رفضه مسار الانتخابات البرلمانية التي جرت في العراق، مؤكداً وجود "مؤشرات خللٍ خطيرة هدّدت مصداقية الاستحقاق الانتخابي". وجاء ذلك في بيان رسمي، نشره التحالف السياسي صباح اليوم الأربعاء، أكد فيه أن "ما جرى لم يكن سوى تتويج لمسارٍ مقلق، حيث تحوّلت الانتخابات في تعامل بعض الكتل إلى صفقة لتقاسم النفوذ والسلطة، وليست تجسيداً حقيقياً للإرادة الشعبية"، محمّلاً الجهات الرسمية المسؤولة عن أمن الانتخابات ونزاهتها "المسؤولية الكاملة عمّا آلت إليه الأوضاع"، وطالب بحماية عملية الاقتراع عملياً "عبر إجراءات انتخابية واضحة وجريئة".
وأضاف: "سننتظر ردود فعل الجهات المعنية وموقفها الرسمي، قبل المضي قدماً في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والمؤسساتية على المستويين المحلي والدولي". وأضاف أن "ما جرى لم يكن سوى تتويج لمسارٍ مقلق، حيث تحوّلت الانتخابات في تعامل بعض الكتل إلى صفقة لتقاسم النفوذ والسلطة، وليست تجسيداً حقيقياً للإرادة الشعبية، وأن الحقيقة المرّة أن العملية الانتخابية بأكملها قد سقطت في قبضة تحالف غير مقدس بين دوائر حكومية وفصائل مسلحة، استخدمت أموالاً طائلة لاستمالة الناخبين وتوجيه خياراتهم، في مشهد ينتهك أبسط معايير النزاهة والعدالة".
وفي سياق النتائج المرتقبة، دعت منظمة الأمم المتحدة، اليوم الأربعاء، الأطراف السياسية العراقية المعنية إلى الإسراع في تشكيل الحكومة المقبلة في "الوقت المناسب وبصورة سلمية"، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في بيان، إن "(الأمين العام أنطونيو) غوتيريس يرحب بإجراء الانتخابات العراقية بطريقة هادئة ومنتظمة بصفة عامة، ويثق بأن الأطراف السياسية المعنية سوف تحتفظ بروح السلام واحترام العملية الانتخابية بانتظار إعلان النتائج، كما يشدّد على أهمية عملية تشكيل الحكومة في الوقت المناسب وبصورة سلمية، مما يعكس إرادة الشعب العراقي وتحقيق تطلعاته في الاستقرار والتنمية".
وأضاف أن "الأمين العام يؤكد مجدداً التزامات الأمم المتحدة بدعم العراق في مسيرته نحو تعزيز المكاسب الديمقراطية، وتحقيق تطلعات العراقيين كافة لمستقبل يسوده السلم والرخاء". ومن المفترض أن تعلن النتائج الأولية بعد 24 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع، بحسب ما أكدته المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، يوم أمس. وتمثّل هذه الانتخابات اختباراً لثقة الشارع العراقي بالعملية الديمقراطية، وبإمكانية الإصلاح عبر صناديق الاقتراع، بعد سنوات من الاحتقان السياسي والتدهور الاقتصادي وتراجع نسب المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، كما جاءت في ظل ظروف سياسية شديدة التعقيد، مع استمرار الدعوات الشعبية المطالبة بالإصلاح وتحسين الواقع الاقتصادي ومعالجة ملفات الفساد، إلى جانب تحديات وضغوط تواجهها الدولة العراقية في ما يتعلّق بحصر السلاح بيد الدولة، المتمثل بأسلحة الفصائل المسلحة الحليفة لإيران والضغوط الأميركية وحتى التهديدات الإسرائيلية.