
سقط شهيد صباح اليوم الأربعاء، في غارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية في بلدة عين قانا في إقليم التفاح، جنوبي لبنان، وفق بيان لوزارة الصحة اللبنانية. يأتي هذا الاعتداء على وقع تطورات ميدانية وسياسية يشهدها لبنان سواء على صعيد تكثيف إسرائيل طلعاتها الجوية بشكل غير مسبوق فوق بيروت وضاحيتها ليومين متتالين، وبروز انتقاد إسرائيلي جديد لتحرّك الحكومة اللبنانية ضد حزب الله، متوعداً لبنان بعواقب وخيمة، وذلك بمزاعم أن الحزب زاد من وتيرة بناء قوّته في شمال الليطاني.
كما برزت يوم الاثنين الرسائل التي حملها مضمون مقال الموفد الأميركي توماس برّاك، والتي تحدثت عن مواجهة كبرى لإسرائيل مع حزب الله في حال لم تتحرك بيروت لنزع السلاح، رابطاً كذلك الملف الأمني بإعادة الإعمار، وعودة الاستثمارات إلى لبنان. ويكثّف لبنان اتصالاته الخارجية من أجل الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وخروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، والتي تجاوزت عتبة الـ4200 خرق، لكنه حتى الساعة لم يحصل على أي ضمانة بذلك.
في الإطار، قالت مصادر رسمية لبنانية لـ "العربي الجديد"، إنّ الرئيس جوزاف عون تطرّق في لقاء عقده بعد ظهر أمس الثلاثاء مع السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو إلى التطورات الأخيرة، ووضعه في موقف لبنان حيال التفاوض، مؤكداً التمسّك بالحلول الدبلوماسية لا العسكرية، وبضرورة أن توقف إسرائيل اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية حتى يبدأ مسار التفاوض. وأشارت المصادر إلى أن "لبنان يؤكد في كل اتصالاته على أنه التزم بالاتفاق، ومضى بمسار حصرية السلاح بيد الدولة، سواء الفلسطيني أو العائد لحزب الله، ويبقى العائق أمام استكمال انتشار الجيش في الجنوب هو احتلال إسرائيل لأجزاء لبنانية، وخرقها المستمر للاتفاق، كما يشدد على ضرورة دعم المؤسسة العسكرية من أجل أن تقوم بمهامها".
ولفتت إلى أن "ماغرو أكد وقوف فرنسا إلى جانب لبنان، ومساعدته في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها، وهناك تصميم لدى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على دعم الجيش اللبناني وإعادة الإعمار في لبنان. ويوم الاثنين، كشف رئيس البرلمان نبيه بري عن أن برّاك أبلغ لبنان بأن إسرائيل رفضت مقترحاً أميركياً يقضي بإطلاق مسار تفاوضي يُستهل بوقف العمليات الإسرائيلية لمدة شهرين، وينتهي بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة، وإطلاق مسار لترسيم الحدود وترتيبات أمنية، مشدداً على أنه تم التراجع عن أي مسار للتفاوض مع إسرائيل، ولم تبقَ سوى الآلية المتبعة عبر لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار (الميكانيزم).
ووجّه الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم أمس الثلاثاء، رسالة إلى الإدارة الأميركية وموفدها برّاك، قائلاً: "كفى تهديداً للبنان من أجل إعدام قوته وجعله جزءاً من إسرائيل الكبرى". وشدد على أن استقرار لبنان يتحقّق من خلال كفّ يد إسرائيل عنه، مؤكداً أن لبنان لا يمكن أن يعطي إسرائيل أو أميركا ما تريدانه، طالما أن هناك شعباً أبيّاً قدّم تضحيات كبيرة ولا يزال مستعداً لتقديم المزيد. واعتبر قاسم أن إسرائيل لا تريد تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، ولا إنهاء النزاع بينها وبين لبنان، لأنها تسعى لابتلاعه وإلغاء وجوده. كذلك، لفت إلى أن من يظن أن إلغاء سلاح حزب الله ينهي المشكلة فهو مخطئ، لأن هذا السلاح هو جزء من قوة لبنان، وإسرائيل لا تريد للبنان أن يكون قوياً، مشدداً على أن التهديدات لا تؤثر فينا، وعلى الجميع أن يطبق الاتفاق الذي التزم به لبنان، أما كل المناورات والضغوط فهي استنزاف وتضييع للوقت.