
زعمت صحيفة إسرائيلية "هآرتس" الإسرائيلية، أن مدينة القدس المحتلة شهدت خلال العام الماضي طفرة استثنائية في شراء العقارات من قبل مستثمرين أجانب، جزء منهم من الجالية اليهودية السورية في الولايات المتحدة.
وأشارت إلى أن أحد أبرز الأمثلة على هذا التوجه يتمثل في شراء أفراد من الجالية اليهودية السورية المقيمة في نيويورك؛ عشرات الشقق في مشروع سكني فاخر واحد بالقرب من مركز المدينة بأسعار وصلت إلى مستويات قياسية.
وفي هذا السياق، أعلنت شركتا التطوير العقاري "JTLV" و"BSR" أن المشترين من هذه الجالية وحدها استولوا حتى الآن على حوالي 80 شقة في برجين سكنيين قيد الإنشاء بالقرب من سوق "محانيه يهودا"، الذي يُعد أحد أبرز المناطق التجارية والسياحية.
وأضافت الشركتان أن هناك 40 مشتراً محتملاً آخرين قد سجلوا أسماءهم بالفعل، فيما تُقدّر القيمة الإجمالية لهذه الصفقات بأكثر من مليار شيكل (ما يعادل 270 مليون دولار أمريكي).
وأوضحت التقارير أن أسعار هذه الصفقات تراوحت وفق تقديرات مصادر القطاع بين 54,000 و60,000 شيكل للمتر المربع، مع تسجيل حالات تجاوزت ذلك بكثير. وخلال "عيد الأنوار" (حانوكا) الأخير وحده، بيعت أربع شقق لسكان من نيويورك بسعر وصل إلى 64,000 شيكل (17,300 دولار) للمتر المربع، مما يعكس جنون الأسعار وقوة الطلب.
واستطردت الصحيفة في وصف المشروع، مشيرةً إلى أنه جزء من مخطط تطوير ضخم متعدد الاستخدامات تُشيده "JTLV" و"BSR" في موقعين متجاورين، ويتضمن أربعة أبراج شاهقة يصل ارتفاع كل منها إلى 32 طابقاً، بإجمالي 550 شقة سكنية، إلى جانب مساحات تجارية ومكاتب وفنادق.
وتُقدر تكاليف بناء هذا المشروع بنحو مليار شيكل (نحو 270 مليون دولار)، وهو رقم يعكس التعقيد الهندسي الكبير الذي يتضمن الحفاظ على المباني التاريخية في الموقع، والقيام بإنشاءات ضخمة تحت الأرض تشمل مستويات متعددة لمواقف السيارات.
ونقلت الصحيفة عن "ناششون كيفيتي"، رئيس مجلس إدارة شركة "BSR"، تأكيده بأن العمل في المجمع يسير بوتيرة سريعة، ومن المتوقع تسليم البرجين الأولين في منتصف عام 2026، كما سيضم المشروع فندقاً تديره سلسلة "فتال" العالمية. وكشف "كيفيتي" عن تفاصيل مثيرة، حيث ذكر أنه عُرض على ممثلي الجالية اليهودية السورية من "بروكلين" خيار شراء كافة شقق المشروع المئتين في الأبراج المجاورة، وبالفعل تم توقيع 80 عقداً في غضون أشهر.
وذكرت الصحيفة أن طلبات هذه الجالية لم تقتصر على الشراء بل امتدت لتغيير "هندسة المشروع"؛ حيث تم تصميم الشقق كوحدات كبيرة جداً تناسب العائلات، بمتوسط مساحة لا يقل عن 130 متراً مربعاً، وهو ما يختلف عن الوحدات الأصغر التي بيعت في مراحل سابقة. وقدمت الصحيفة نبذة عن الجالية اليهودية السورية، موضحة أنها هاجرت إلى الولايات المتحدة في القرن العشرين وتتركز في بروكلين ومانهاتن، وتعرف بتماسكها الاجتماعي والالتزام الديني الصارم، وتصنف كواحدة من أغنى الجاليات اليهودية في أمريكا.
وأضافت الصحيفة أن هذه المشتريات قد تكون استعداداً لهجرة مستقبلية أو لتأمين سكن للأبناء، رغم المخاوف المتزايدة من تحول هذه العقارات إلى "شقق أشباح" تظل غير مأهولة معظم العام.
وفي سياق متصل، زعمت الصحيفة أن المشترين الأمريكيين بدؤوا يوسعون نطاق أعمالهم خارج مركز المدينة التاريخي، حيث اتجهوا في العامين الماضيين صوب حي "قطامونيم" في جنوب القدس. وبرز هناك مشروع "أبراج بيرغر" الذي يقوده المطور "أبراهام بيرغر" وشريكه "سيمون فراند"، حيث يستبدل المشروع 95 شقة قديمة بـ 400 وحدة جديدة.
ونسبت الصحيفة إلى "مئير ساند"، رئيس مجموعة "ساند العقارية"، قوله إن الأجانب اشتروا 130 شقة في هذا المشروع منذ بداية 2024، مع إبرام 60 صفقة مؤخراً مع يهود متشددين وصهاينة متدينين من بالتيمور ونيوجيرسي. كما أكد دانيال أيزنبرغ من شركة "إسرا ترانسفير" أن "قطامونيم" تتحول لمركز للناطقين بالإنجليزية بحجم طلب غير مسبوق، حيث يُتوقع أن يصل عدد الشقق المبيعة للأجانب هناك إلى 200 شقة على الأقل في المدى القريب.
ونقلت في الختام عن المطور "يعقوب موشيه" قوله إن الصفقات الجماعية للمشترين الأجانب، وخاصة من الولايات المتحدة، أصبحت هي "القاعدة الجديدة" التي تقود التغيير الديموغرافي العميق في القدس حالياً.