Akhbar Alsabah اخبار الصباح

انطلاق حملة التطعيم ضد شلل الأطفال لمنع انتشاره في قطاع غزة

التطعيم ضد شلل الأطفال بدأت حملة جديدة للتطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة بالتزامن مع تصاعد المخاوف من مخاطر انتشار المرض في ظل استمرار وجود الفيروس بمياه الصرف الصحي، وفق ما أثبتت الفحوص المخبرية.

انطلقت، صباح اليوم السبت، حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في مراكز ونقاط طبية عدة في أنحاء قطاع غزة، وتستمر حتى الأربعاء 26 فبراير/شباط الجاري، وهي تستهدف أكثر من نصف مليون طفل فلسطيني، بعدما بينت عينات أخذت خلال الشهرين الأخيرين أن الفيروس ما زال موجوداً في بيئة غزة، ما يجعله يمثل مصدر خطر على مئات الأطفال.
وتأتي حملة التطعيم الجديدة استكمالاً لحملة التطعيم الطارئة ضد شلل الأطفال التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية في الأول من سبتمبر/ أيلول 2024، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ووزارة الصحة الفلسطينية.
ورُصد فيروس شلل الأطفال للمرة الأولى في عينات من مياه الصرف الصحي أخذت من مدينتي دير البلح (وسط) وخانيونس (جنوب) في يونيو/ حزيران 2024، وأعلن ذلك في 18 يوليو/ تموز من العام نفسه.

تستهدف حملة التطعيم الجديدة جميع الأطفال حتى عمر عشر سنوات
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أن الأفراد الذين يعانون من ضعف المناعة، أو يفتقرون إليها، يوفرون لفيروس شلل الأطفال مجالاً للمضي في التفشي داخل قطاع غزة، خصوصاً أن جميع سكان القطاع عانوا خلال فترة العدوان الإسرائيلي من تداعيات صحية وبيئية متعددة، من بينها نقص الرعاية الصحية، وسوء التغذية، والتلوث البيئي وتلوث الهواء.
ولم تمنع الأجواء الماطرة أهالي قطاع غزة من اصطحاب أطفالهم إلى مراكز التطعيم، في حين انتشرت لافتات تحث الأهالي على تطعيم أطفالهم، كما جابت فرق التوعية الميدانية أنحاء القطاع. يقول مهند أبو سمعان، وهو أحد أعضاء فرق التوعية، لـ"العربي الجديد": "نحاول حث الناس على التوجه إلى مراكز التطعيم، والإجابة عن أي استفسارات حول التطعيم وأهميته وأماكن تلقيه".

داخل عيادة مكونة من غرفتين في مدرسة "الدحيان" في حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة، والتي تحولت إلى مركز إيواء للنازحين، يستقبل فريق مختص الأطفال، وبداخل كل غرفة توجد عدة مكاتب للتعامل مع حالة الاكتظاظ وضمان سهولة التطعيم.
يقول أحمد أبو عبيد، وهو متطوع في حملة التطعيم، لـ"العربي الجديد": "إقبال الأهالي كان كبيراً منذ ساعات الصباح نتيجة عودة النازحين من جنوب القطاع، على خلاف المرتين السابقتين، خاصة أن مناطق التلوث زادت". وحول آلية التطعيم، يوضح: "بمجرد قدوم الطفل مع والديه، نعطيه الجرعة المناسبة حسب عمره، ثم نضع علامة على إصبعه تظهر تلقيه التطعيم في حال ذهب إلى مركز آخر. حجم الإقبال دليل على وعي الأهالي، وحرصهم على حماية أطفالهم من المرض".

اصطحب كثيرون أطفالهم إلى مراكز التطعيم رغم الأجواء الماطرة
كانت علامات الفرح بادية على وجوه الأطفال وهم يخرجون من العيادة، وبمجرد خروج الطفل المطعم، يتجمع أقرباؤه في الخارج من حوله للترحيب به، في طقس يشجع بقية الأطفال على تلقي التطعيم. تؤكد الفلسطينية أم يوسف الرنتيسي ارتياحها الكبير بعد تطعيم طفليها، وتقول لـ "العربي الجديد": "أشعر بالاطمئنان بعد تطعيمهم لأن بيئة غزة ملوثة للغاية".
الشعور نفسه كان واضحاً على ملامح هدير العروقي، التي كانت تحمل طفلاً رضيعاً وإلى جوارها طفلها الأكبر وعمره خمس سنوات، وتقول لـ"العربي الجديد": "كوني أعيش بمحاذاة بركة الشيخ رضوان، فهناك خطورة كبيرة لانتشار المرض، وبالتالي واجبنا هو الحرص على تطعيم أطفالنا".

ودفعت المخاوف من التداعيات الخطيرة التي يسببها الفيروس أسامة لبد إلى التوجه مبكراً إلى العيادة الطبية بمدرسة "الدحيان"، بعدما أعلنت بدء حملة التطعيم ضد شلل الأطفال من عمر يوم حتى عشر سنوات. ويقول لـ"العربي الجديد": "لدي أربعة أطفال، وقمت بتطعيمهم جميعاً خلال الحملتين الأولى والثانية رغم القصف الجنوني الذي طاول أنحاء مدينة غزة. كنت مصراً على تطعيمهم للوقاية من الفيروس حرصاً على سلامتهم، رغم كل ما عانوه من سوء التغذية، ومن انعدام الأمن".
تعيش عائلة لبد بالقرب من بركة الشيخ رضوان لتجميع مياه المطر، التي أصبحت مياهها راكدة، واختلطت فيها مياه الصرف الصحي بمياه الأمطار، مع عدم قدرة البلدية على تصريفها نتيجة عدم توفر المياه، واستهداف الاحتلال البنية التحتية، وتدميره شبكة المياه، ما يجعلها مصدراً لانتشار الأوبئة وتكاثر البعوض الذي يهاجم بيوت الأهالي.
ويوضح: "كوننا نعيش في هذه المنطقة الموبوءة يدفعنا إلى المسارعة بالمشاركة في حملة التطعيم، لأن هذه كلها عوامل خطر على حياة أطفالنا، كما أن حي الشيخ رضوان تعرض للاستهداف المتكرر من جيش الاحتلال، وجرى تدمير البنية التحتية فيه، ونعاني جميعاً من انتشار مياه الصرف الصحي في الشوارع، الأمر الذي يهدد صحة الجميع".

المخاوف نفسها دفعت محمود الزبن، وآلاف العائلات المقيمة بمنطقة المواصي غرب مدينة خانيونس، لاصطحاب أطفالهم إلى أقرب نقطة تطعيم. لكن على خلاف حملتي التطعيم الأولى والثانية، واجه الزبن صعوبة في إيجاد نقطة طبية قريبة من خيمته بعد عودة النازحين إلى مدينة غزة، إذ جرى إغلاق العيادة التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني ونقاط طبية أخرى.
يقول الزبن لـ "العربي الجديد": "أسأل منذ يومين عن أماكن العيادات الطبية التي تقدم التطعيم، وبصعوبة استطعت معرفة مكان نقطة طبية. لدي طفلان، وطفلتي مريم (سنتان) تعاني من ثقوب في القلب، وبالتالي فالتطعيم مهم لها كون مناعتها ضعيفة، وأي مشكلة صحية تؤدي إلى ارتفاع حرارتها وتفاقم حالتها".
يضيف: "حرصت على تطعيمهما لحمايتهما من مرض شلل الأطفال، خاصة أننا نعيش في بيئة غير صحية، وبعد فك الكثير من خيام النازحين، ظهرت آبار الصرف الصحي، وبدأت تنشر روائح كريهة، كما بدأنا نلاحظ سريان مياه الصرف الصحي بالشوارع، وقرب التجمعات ومراكز الإيواء الكبيرة، وكل هذا يساعد على نقل وانتشار الفيروس".
وتستهدف حملة التطعيم الجديدة جميع الأطفال حتى عمر عشر سنوات، حتى لو جرى تطعيمهم سابقاً، وذلك بهدف تعزيز المناعة، ويُعطى كل طفل جرعتين من اللقاح تفصل بينهما أربعة أسابيع، ويُعطى النوع الفموي من اللقاح بواقع نقطتين في كل مرة، وفق بيان لوكالة أونروا.
وشلل الأطفال هو مرض معد جداً يسببه فيروس يغزو الجهاز العصبي، وتتراوح شدته من عدوى بسيطة إلى مرض يصحبه شلل رخوي في أطراف الجسم، خصوصاً الأطراف السفلى، وكل جرعة تعزز مناعة الأطفال، وتساعد في الحد من انتشار المرض.
ويؤكد رئيس اللجنة الفنية للحملة الوطنية للتطعيم ضد شلل الأطفال الطبيب مجدي ظهير أن انطلاق الحملة يأتي نتيجة لاستمرار وجود فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي، وبالتالي ضمان عدم انتشار المرض، مشيراً إلى أنه عقب حملتي التطعيم الأولى والثانية، لم تُسجَّل أي إصابة بالمرض في قطاع غزة.

ويوضح ضهير لـ"العربي الجديد": "مخاطر الإصابة بالمرض لا تزال قائمة في ظل عدم معالجة مياه الصرف الصحي، وفي ظل واقع البنية التحتية الكارثي في القطاع، وتدمير قنوات الصرف الصحي، التي يلاحظ سريان مياهها في الشوارع والتجمعات السكنية، ما يشكل خطراً حقيقياً ويمثل مصدراً لأمراض عدة، من بينها الكوليرا والإسهال والريقان ومختلف الأمراض الجلدية، إضافة إلى تلوث مياه الشرب".
وحول أهمية تلقي اللقاح، يشدد على أنه بغض النظر عن تلقى الجرعات السابقة، يجب تلقي اللقاح للمرة الثالثة لتعزيز مناعة الأطفال بشكل أفضل، وحمايتهم، ومنع انتشار المرض، إذ لا يوجد أي خطر أو أضرار سلبية أو عرضية للقاح، وهو آمن تماماً، وفائدته عظيمة في القضاء على الفيروس.
يتابع: "لن نقدم على أي عمل يضر بالناس، ونسعى دائماً لحمايتهم من مختلف الأمراض، وعلى الأهالي الاستجابة لنداء وزارة الصحة، وإحضار أطفالهم إلى مراكز التطعيم، كما أن الوزارة ستقوم بتسيير طواقم ميدانية تجوب الأحياء ومراكز النزوح للوصول إلى جميع الأطفال المستهدفين".
طب و صحة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : السبت 22 فبراير 2025
أحدث الأخبار (طب و صحة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com