أميركا تشتري الديزل الروسي من الأبواب الخلفية

أظهرت بيانات متخصصة في تتبّع صفقات النفط أن نيويورك، العاصمة الاقتصادية للولايات المتحدة الأميركية، تشتري كميات كبيرة على غير المعتاد من البنزين والديزل من الهند، التي أصبحت أكبر منفذ بيع للنفط الروسي المحظور بموجب العقوبات الغربية على موسكو.

وأفادت البيانات الصادرة عن شركة "كيبلر" التي ترصد تدفقات النفط، بأن الشحنات التي ستصل إلى نيويورك هذا الشهر تبلغ 89 ألف برميل يومياً من البنزين والديزل الهنديين، ما يعد أكبر رقم خلال 4 سنوات تقريباً. كما يشكل ذلك ما يفوق 40% من إجمالي واردات الولاية خلال يناير/كانون الثاني الماضي، بحسب ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية.

وانخفضت مخزونات الديزل وزيت التدفئة في الساحل الشرقي إلى أدنى مستوياتها في التاريخ في هذه الفترة من السنة، بينما تقلصت أيضاً الإمدادات من البنزين إلى أدنى مستوى لها خلال العقد الحالي، ما جعل المنطقة عرضة بدرجة أكبر لانقطاعات التيار الكهربي وصعود الأسعار.

ويبدو أن الأسواق الأوروبية ليست وحدها من تستعد لما وصفه مختصون في قطاع الطاقة بفوضى فبراير/شباط، إذ من المقرر حظر الديزل الروسي المنقول بحراً في الخامس من هذا الشهر، والتوجه نحو فرض سقف على أسعاره.

وتعد طاقة التكرير الأميركية الآن أقل مما كانت عليه قبل جائحة كورونا، حيث تقلصت الطاقة القابلة للتشغيل في عام 2021، للعام الثاني على التوالي، لتصل إلى 17.9 مليون برميل يومياً اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني 2022، وفقًا لتقديرات إدارة معلومات الطاقة.

كما أشارت وكالة بلومبيرغ في تقرير لها مؤخراً، إلى أن مخزونات نواتج التقطير (المواد المكررة) أقل من المعتاد في أكبر منتج للنفط في العالم، ولا يزال الطلب قوياً بشكل ملحوظ، خاصة وسط موجة البرد المستمرة منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، والتي تسببت في الإغلاق المؤقت لثلث طاقة التكرير في ساحل خليج المكسيك، والإغلاق الأخير لأنبوب وقود في ميناء نيويورك.

وتظهر بيانات أنّ شحنات ديزل كانت موجهة من مصدرين دوليين لاسيما في آسيا إلى أوروبا يجري تحويلها إلى وجهات جديدة في الولايات المتحدة.

وتبرز الهند كباب خلفي للحصول على مشتقات النفط المكررة من الخام الروسي. ويبدو أن الدول الغربية التي فرضت عقوبات واسعة على منابع الطاقة الروسية تضطر إلى الالتفاف على هذه العقوبات للحصول على الإمدادات ولو بأسعار أعلى.

ويعد استبدال الديزل الروسي، أحد أصعب التحديات بالنسبة لأوروبا تحديدا، إذ تعتمد الكثير من القطاعات الحيوية على هذه المادة، بدءاً من تشغيل السيارات والشاحنات والآلات الزراعية وحتى نقل السلع ومعدات التصنيع والبناء وإبحار السفن، ما يجعل استبدال المشتقات الروسية أكثر كلفة ويعيد التضخم الذي هدأ قليلاً في الأسابيع الماضية إلى الصعود ويعيد القلق إلى الحكومات من السخط الشعبي.

ومن المنتظر أن تشتري الهند كميات أكثر من الخام الروسي منخفض السعر للغاية، ومن ثم تحويله إلى وقود مرتفع القيمة وبيعه إلى مناطق تأثرت بالعقوبات. وحققت واردات الهند من النفط الروسي رقماً قياسياً الشهر الماضي، إذ بلغت نحو 1.39 مليون برميل يومياً، بحسب "كيبلر". وتوضح البيانات أن روسيا أصبحت أكبر مورد للخام إلى الهند منذ يونيو/حزيران الماضي.

ويُعرّض تنامي الاعتماد على واردات تأتي من مناطق بعيدة على غرار الهند، الساحل الشرقي للولايات المتحدة لخطر نقص الإمدادات بصورة أكبر. وغالباً ما تحتاج الشحنات للوصول من الهند إلى نيويورك ما يزيد على شهر، ما يعادل من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف المدة التي يستغرقها وصول الشحنات من أوروبا.