Akhbar Alsabah اخبار الصباح

فشل "عسكرة الخبز" ينذر بانتفاضة جديدة

عسكرة الخبز تصاعدت أزمة الخبز في مصر بشكل متسارع خلال اليومين الماضيين، إذ شهدت محافظات مصرية عدة العديد من مظاهر الاحتجاج، فقد قطع محتجون خط السكك الحديد في محطة قطار دسوق بمحافظة كفر الشيخ أمس، ما أدى إلى تعطل حركة القطارات، كما انطلقت تظاهرات في الإسكندرية فرقتها قوات الأمن وألقت القبض على مشاركين فيها.
الاحتجاجات التي اندلعت أول من أمس في عدد من المحافظات جاءت نتيجة عدم حصول المواطنين على "حصة الخبز" لأصحاب "الكارت الذهبي"، وتظاهر مئات المواطنين في محافظات مختلفة بعدما ذهبوا لصرف حصصهم ليفاجؤوا بأصحاب المخابز يخبرونهم بتقليل حصة الفرد من 5 أرغفة إلى 3 أرغفة. كما أن هناك مواطنين ممن انتهت بطاقاتهم الذكية لم يتمكنوا أصلاً من صرف أي حصص.

من جهتها، نفت وزارة التموين بشدة تقليص حصة الخبز لحائزي بطاقات التموين الإلكترونية، واتهمت "فئات" من "أصحاب المصالح" بترويج تلك الشائعات، وأكدت أنها لا تدخّر جهداً لتأمين وصول الدعم للمستفيدين وخفض أسعار السلع الأساسية. مصادر مسؤولة في وزارة التموين قالت لـ"العربي الجديد" إن السبب الرئيسي وراء تلك الأزمة هو إسناد عملية تنقية بطاقات التموين الذكية إلى وزارة الإنتاج الحربي، والتي فشلت في إنجاز المهمة على الرغم من مرور 6 أشهر على تكليفها. وبدأت الأزمة بحسب المصادر عندما توقفت وزارة الإنتاج الحربي عن إصدار أي بطاقات جديدة منذ بدئها عملية التنقية، كما أنها توقفت عن إضافة أي مواليد جديدة على البطاقات القديمة، وذلك حتى الانتهاء من مهمتها، التي تعثرت نتيجة اعتمادها على شركة "ترست" الأجنبية في تحديث بيانات المستفيدين وإصدار البطاقات الذكية، وهي الشركة التي ورطت وزارة الإنتاج الحربي على الرغم من تقاضيها مبالغ كبيرة ولم تنجز مهمتها على الوجه الصحيح. وأضافت المصادر أن وزارة الإنتاج الحربي، شرعت في تنفيذ مهمة تنقية البيانات بنفسها، من دون انتظار الشركة الأجنبية، وهو ما سيستغرق وقتا أطول، ويهدد باستمرار الأزمة لشهور مقبلة.
من جهتهم، رفض أصحاب المخابز صرف الحصص للمواطنين الذين لا يحملون بطاقات ذكية محدثة، على الرغم من حيازتهم بطاقات ورقية صادرة عن وزارة التموين، وذلك ما أدى إلى تفاقم الأزمة. أما وزير التموين، علي مصيلحي، فعقد اجتماعاً مع قيادات الوزارة في المحافظات لبحث الأزمة. بينما استمرت التظاهرات في مناطق عدة في الإسكندرية منها المنشية والعصافرة، وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن قوات الأمن فرقت تلك التظاهرات وألقت القبض على بعض المشاركين فيها.

الوقفات الاحتجاجية، جعلت بعض المراقبين يعتبرون تلك التحركات "انتفاضة خبز جديدة"، نسبة إلى الانتفاضة التي شهدتها مصر في فترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور السادات، في يناير 1977، حين خرجت تظاهرات شعبية جارفة، احتجاجاً على مشروع موازنة يرفع الأسعار في إطار خطة تقشفية آنذاك، ولكن سرعان ما تم التراجع عن هذه الإجراءات. وقال القيادي في حزب "الكرامة"، محمد بسيوني، إن انتفاضة الأهالي ضد خفض حصة الخبز، مؤشر على ما وصل إليه الشعب المصري من حالة غضب مكتومة، تظهر بين الحين والآخر. وأضاف أن ما حدث في محافظات مصرية على مدار يومين من حالة غليان بسبب تلاعب الحكومة ونظام السيسي بالخبز المدعوم، تم التحذير منه مرات ومرات.
وتابع أن النظام الحالي صم أذنيه عن محاولات النصح والتحذير التي أطلقها العديد من القوى السياسية الوطنية، وظنّ أن صمت الشعب المصري عن الإجراءات الاقتصادية التي نفذها العام الماضي، هي رضى تام بهذه السياسات. ولفت إلى أن النظام الحالي يصرف ببذخ في كل القطاعات والوزارات وسط رغبة في زيادة مرتبات الوزراء والمحافظين، ولكن يتجاهل ويدهس الفقراء.

وشدد بسيوني على أن الشعب بطبيعته يتحمّل الأزمات والمحن، ولكن إذا خرج على أي نظام أو تمرد على السياسات فلن يتمكن أحد من الوقوف أمامه، لافتاً إلى أن من خرج في التظاهرات الغاضبة ليس بعدد كبير، ومع ذلك حدث هزة كبيرة للنظام الحالي. واعتبر أن السيسي تحدث في أكثر من مناسبة عن تحمّل الشعب المصري للإجراءات القاسية، وهو لا يعني تحمله مزيد من تلك الإجراءات، التي لا دخل للمواطن البسيط بها، ولكنها جراء سياسات فاشلة. وجدد القيادي في حزب "الكرامة" التأكيد على "ضرورة تشكيل جبهة وطنية موسعة لإنقاذ مصر من حالة الفقر التي تشهدها، في حين أن خير البلاد يذهب للأغنياء فقط". وحذر من حدوث هزات اجتماعية وشعبية، هي في الأساس لن تؤدي إلا لدمار البلاد، خصوصاً في ظل التخوف مما سماه "ثورة الغلابة أو الجياع".
من جهته، قال الخبير السياسي، محمد عز، إن خروج المئات في محافظات عدة، يؤكد عدم الرضى الشعبي على سياسات السيسي، وهو مؤشر ليس للمراقبين أو السياسيين ولكن للنظام نفسه. وأضاف عز، أن السيسي لا بد أن يدرك حقيقة أن الشعب المصري لن يصبر كثيراً عليه، في ظل الفشل على كل المستويات، والأهم تردي المستوى المعيشي. وأشار إلى أن السيسي بات أمام هزات شعبية ليست كبيرة ولكنها معبرة، تحدث بين الحين والآخر، إلا أنه بكل المقاييس لا يعتبرها خطراً على نظامه، ولكن عليه الإدراك أن أي هزات ستؤثر سلباً على الدولة ككل. ولفت إلى أن ملف الدعم شائك للغاية بالنسبة للمصريين، فعلى الرغم من قلة الدعم المقدّم إلا أنه بالنسبة لعدد كبير من المواطنين مسألة حياة أو موت، ومن خرج خلال اليومين الماضيين، يُعتبرون الأكثر تضرراً أو فقراً.
وشدد عز على أنه لن ينزل أحد للتظاهر واقتحام مكاتب التموين إلا إذا كان متضرراً بشدة، خصوصاً أنه يعرف بإمكانية اعتقاله أو موته بأي رصاصة طائشة من قوات الأمن، معتبراً أن النظام الحالي يدفع مصر إلى سيناريو الفوضى، ولذلك لا بد للقوى السياسية والعقلاء من التدخل والوقوف أمام سياسات النظام الحالي، خصوصاً أن البرلمان بأكمله موالٍ للسيسي، وتشكّل تحت أعين الأجهزة الأمنية. وقلل من فكرة لجوء السيسي إلى رجال الرئيس المخلوع حسني مبارك لإنقاذه وتعيين علي مصيلحي وزير التضامن في عهد الرئيس مبارك وزيراً للتموين، لأن سياسات النظام الحالي أفقرت مصر، وبالتالي محاولات الإنقاذ أصبحت شبه مستحيلة.
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الأربعاء 08 مارس 2017
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com