بغض النظر عن تفاصيل الأحداث الحالية في تركيا، إلا أن الواضح أن اتجاه الانقلاب للفشل سيؤدي إلى نتيجتين:
1. زيادة سيطرة العدالة والتنمية وبالذات أردوغان، والتي تمثلت حتى الآن فقط في إقالة 2745 قاضي، كل الضباط المشاركين، و30 من مديري البلديات، واعتقال آلاف المتورطين، وتشكيل هيئة قضائية من 40 قاض معينين لنظر تهمة الخيانة العظمى في حق المتورطين. وهذا يعني قطع الكثير من الرؤوس المناوءة لأردوغان، وفتح الطريق أمام المزيد من التحول في تركيا.
2. تصاعد الحرب على أردوغان والعدالة والتنمية بشكل أكثر علنية، بعد أن فقدت القوى الأجنبية الكثير من قواها الخفية داخل تركيا بضربة مؤلمة، بل مهينة، مع العلم أن أردوغان يعتبر عدو شبه علني لكل من روسيا وإيران، وعدو غير معلن لكل من أمريكا والاتحاد الأوروبي. وهذا يعني أن محاولات الإسقاط بالانتخابات ثم ملف الأكراد والإرهاب ثم الانقلاب قد فشلت ولا يليها إلا الاشتباك العسكري.
والنتيجتان مرتبطتان ببعضهما البعض، وكلما زادت قوة أردوغان كلما كان رد الفعل أقوى وأشرس، وأردوغان نفسه يفهم هذا، ولذلك استبق وهدد الولايات المتحدة بتوتير العلاقات ضمنيا عندما قطع بمسؤولية كولن - المقيم بأمريكا - عن الانقلاب، وأن الدولة التي ستؤية لا يمكن أن تكون صديقة أو حليفة، كما تواترت الأنباء عن تورط قواعد الناتو في دعم طائرات الانقلاب، مما يعني احتمال تجميد عضوية تركيا في الناتو، والدخول في عصر جديد بالنسبة لتركيا، لا تمارس فيها سياسة أوغلو للتوازن، بل تكون طرفا في حرب أوسع في منطقة الشرق الأوسط.
الخلاصة أن المشهد معقد جدا، وفرحنا بفشل الانقلاب، لا يمكن أن يطغى على قلقنا من التطورات القادمة، والتي ستتطلب مستوى جديدا من الوعي والتفاعل لدى المهتمين بقضايا الأمة، ولا عزاء للمغيبين.