Akhbar Alsabah اخبار الصباح

من يفوز بجائزة أكبر سجن.. مصر أم تونس؟

أكبر سجن منذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013 يقبع آلاف المعتقلين في السجون المصرية، في أوضاع تصفها المنظمات الحقوقية بـ"الصعبة للغاية وغير الإنسانية"، وهو ما أدى إلى وفاة المئات منهم نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي.

وتتوالى الشهادات المروعة من المعتقلين أنفسهم ومن أهاليهم -فضلا عن المنظمات الحقوقية- عما يلاقيه هؤلاء في سجونهم من التعذيب، والزج بهم في معتقلات لا تتوفر فيها أدنى شروط الحياة، أو حرمانهم من الدواء والغذاء لأيام طويلة، علما بأن آلافا منهم صدرت بحقهم أحكام، وآخرون لا يزالون قيد الحبس الاحتياطي ولم يقدموا إلى محاكمة.

علماً بان الأمر بات لا يختلف كثيراً عما يجري في تونس بعد وصول الجنرال "السبسي" للسلطة، عن طريق انقلاب ناعم أخذ قشرة ديمقراطية، وأجبر الإسلاميين على الانسحاب من الحياة السياسية، وبينما تواصل منظمات حقوقية مصرية ودولية توجيه انتقادات للنظام في مصر مطالبة إياه بالإفراج عن المعتقلين، أو توفير الحد الأدنى من ظروف الاحتجاز الإنسانية لهم، لا تكاد تتوقف الاعتقالات في تونس، وأحكام القضاء لا تزال تنهمر هنا وهناك، في وقت يعيش المساجين السياسيون والمعتقلون والموقوفون قسريًّا في كلا البلدين، على أمل تنفس نسيم الحرية.

تونس.. لا تطاق!
نبه مسئول تونسي أمس الى أن "الوضعية أصبحت لا تطاق" في سجون تونس بسبب اكتظاظها بالمساجين والموقوفين على ذمة القضاء، داعيا الى تفعيل عقوبات بديلة من السجن للحد من هذا الاكتظاظ.

وأفاد رضا زغدود مستشار السجون والاصلاح لدى وزارة العدل التي تشرف على السجون في تصريح لإذاعة "موزاييك اف إم" الخاصة -أمس الأربعاء- أن تونس تعد اليوم 27 سجنا يقبع فيها نحو 24200 سجين رغم أن طاقة استيعابها "الحقيقية" 16000.

وأوضح أن 40% من نزلاء السجون في تونس صدرت بحقهم أحكام نهائية بالسجن وأن الـ60% لمتبقين موقوفون على ذمة القضاء في انتظار محاكمتهم.

ولفت الى انه يتم توجيه 80% من الموارد البشرية والمادية للسجون للعناية بالموقوفين على ذمة القضاء.

صفّارة الخطر
وقال زغدود "الوضعية اصبحت لا تطاق (..) وصفّارة الخطر ظهرت (دقّت) لأن سجوننا اصبحت تعمل بأكثر من طاقتها".

ولفت الى ان الاكتظاظ "يستنزف جهود" القائمين على السجون من حراس وأطباء وممرضين وغيرهم، داعيا وزارات اخرى كالصحة والشؤون الاجتماعية الى تقاسم "حِمل" السجون مع وزارة العدل.

وقال انه عن كل 100 ألف شخص في تونس، هناك 210 في السجن "وهذا العدد مرتفع" في حين ان المعدل هو 100 سجين في الدول "المجاورة".

ولفت الى انه يتعين النزول الى معدل 150 سجينا عن كل 100 الف ساكن حتى لا يتم تجاوز طاقة الاستيعاب الحقيقية للسجون التونسية.

وأشار الى ان القانون الجنائي التونسي الحالي لا يعطي القضاة "هامش تحرك" كبيرا لتفعيل عقوبات بديلة من السجن كالعمل للمصلحة العامة والغرامات المالية، أو إبقاء المتهم في حالة سراح الى حين محاكمته، أو إصدار أحكام بالسجن مع تأجيل تنفيذها.

55 ألف تونسي سجين
وذكر في هذا الصدد ان القضاء التونسي أصدر في 2015 مذكرات "إيداع بالسجن" (توقيف) بحق 55 الف مواطن وهي "نسبة كبيرة جدا".

وبلغ الاكتظاظ في السجون التونسية ذروته في شهر ديسمبر 2015 إذ فاق عدد نزلائها 26 الفا بحسب ما اعلنت الاثنين الادارة العامة للسجون والاصلاح التابعة لوزارة العدل.

وقال رضا زغدود ان "السياسة الجنائية (التونسية) في حاجة كبيرة للمراجعة"، منبها الى انه "إذا لم يتم تطوير السياسة الجنائية الحالية فسنبقى نعاني من الاكتظاظ، لأن عدد السكان يرتفع وعدد الجرائم يرتفع".

وذكر بأن سجون تونس "فقدت ثلث طاقة استيعابها" بسبب ما طالها من اعمال "حرق وتهديم" خلال ثورة الياسمين التي اطاحت مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وفي 2014 اعلنت مفوضية الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان ان عدد نزلاء السجون في تونس تجاوز طاقة استيعابها الحقيقية "مرة ونصف مرة"، ودعت المفوضية السلطات التونسية الى "الإعمال الفوري للعقوبات البديلة للسجن غير المفعّلة" والمنصوص عليها بالقانون التونسي مثل عقوبة "العمل للمصلحة العامة".

إعدام وطن!
أكد تقرير التنسيقية المصرية للحقوق والحريات بعنوان "إعدام وطن"، أن أحكام الإعدام بلغت حتى الذكرى الثانية للانقلاب 1163 حكما، تم تنفيذ سبعة منها بالفعل، ولا يزال الحكم ساريا بحق 413، وتم قبول الطعن بحق 496 وإدانتهم بأحكام أخرى غير الإعدام، إضافة إلى 247 تم قبول الطعن وإلغاء الحكم ضدهم.

وأشارت التنسيقية إلى أن القضاء أصدر 1693 أمر إحالة إلى مفتي الانقلاب تمهيدا لإصدار الحكم بالإعدام، لكن العدد تراجع عند إصدار الأحكام إلى 1163 فقط، "وهي مرحلة غير مسبوقة في تاريخ مصر، وجميع هذه القضايا ملفقة ترتبط بالاتهام بالانتماء لجماعة محظورة، أو المشاركة في مظاهرة أو اقتحام لمراكز الشرطة والسجون.

ويعد الرئيس محمد مرسي أبرز من صدر الحكم في حقهم بالإعدام، بالإضافة إلى المرشد العام للإخوان المسلمين محمد بديع (صدر بحقه 5 أحكام بالإعدام)، ورئيس البرلمان الشرعي محمد سعد الكتاتني، والقيادي في حزب الحرية والعدالة محمد البلتاجي، والداعية صفوت حجازي، وعدد كبير من قياديي الإخوان المسلمين.

وحظيت محافظة المنيا (شمال الصعيد) بالعدد الأكبر في أوامر الإحالة إلى المفتي، إذ بلغت 1211، تليها الجيزة 233، ثم القاهرة 178.

ويتنوع المحالون للمفتي والمحكوم عليهم بالإعدام بين شرائح ثقافية واجتماعية عدة، منها: أئمة وخطباء مساجد، وباحثون وأساتذة جامعات، وطلاب، وصحفيون ومهندسون وأطباء ورجال أعمال، إضافة إلى ربات البيوت.

وقال التقرير إن 268 معتقلا لقوا حتفهم داخل السجون وأماكن الاحتجاز بسبب الإهمال الطبي أو التعذيب، إضافة إلى 1406 تمت تصفيتهم خلال فض المظاهرات والاعتصامات بالقوة أو أثناء عملية الاعتقال ذاتها، ليس من بينها مجزرتا فض اعتصامي رابعة والنهضة.

ومن ناحيته كشف "مرصد طلاب حرية"، المعني بمتابعة حريات وحقوق طلاب الجامعات المصرية، أن إجمالي عدد القتلى من الطلاب خارج إطار القانون بلغ 228، بينهم 6 طالبات، كما بلغت حالات الإخفاء القسري 164.

وبلغ عدد الطلاب الذين تم اعتقالهم 3242 طالبا وطالبة، لا يزال منهم رهن الاعتقال 1898 طالبا وطالبة، منهم 160 حالة تعرضوا للتعذيب لإجبارهم على الاعتراف بتهم لم يرتكبوها.

العدد الحقيقي
وعن العدد الحقيقي للمعتقلين، قال الناشط الحقوقي محمد أ. هـ إن الأرقام أكبر من ذلك بكثير، إذا وضعنا في الاعتبار أن هذه الإحصاءات قديمة نوعا ما، وأن هناك اعتقالات يومية في أغلب المحافظات حتى الآن، بما يرفع الرقم إلى نحو 60 ألفا، تم اعتقالهم لأسباب سياسية، بمن فيهم من تم الإفراج عنهم.

وأضاف الناشط أن الظاهرة غير المسبوقة في تاريخ مصر هي القبض على المحامين الذين يترافعون عن المعتقلين، بل إدخالهم متهمين في القضايا، حيث بلغ عددهم 300 محام، إضافة إلى 280 صدر بحقهم أمر ضبط وإحضار، "وهذا مؤشر واضح على غياب أي أساس للعدالة في مصر الآن".
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الخميس 28 إبريل 2016
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com