يعود اسم الكومبارس حمدين صباحي إلى الواجهة من جديد، بعد كشف مصادر قضائية مصرية أن الأجهزة القضائية والرقابية تفحص عدداً من البلاغات التي تلقاها النائبان العامان؛ الحالي نبيل صادق، والراحل هشام بركات، ضد صباحي، والتي تتهمه بتلقي تمويل أجنبي من دول غربية وعربية على مدار سنوات نشاطه السياسي. وذلك منذ كان عضواً بالبرلمان في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، مروراً بمشاركته في ثورة 25 يناير 2011 وترشحه للرئاسة عام 2012، وصولاً إلى دور الكومبارس في تمثيلية الانتخابات الرئاسية مع السيسي.
وتفيد المصادر التي تعمل بمكتب النائب العام ووزارة العدل بأن البلاغات التي قدمها محامون وصحافيون ومواطنون من دائرة صباحي الانتخابية، نسبت إليه الحصول على أموال من أنظمة عربية سابقة على خلفية اتجاهه القومي الناصري، بالإضافة إلى مساعدات تلقاها من دول أخرى بمناسبة حملته الانتخابية بعد تقديم أوراقه رسمياً في انتخابات 2012 و2014.
كما تشير إلى أن "معظم هذه البلاغات مقدّمة في الفترة بين عامي 2010 و2014، وأن تحريكها وإحالتها للتحقيق تم منذ بضعة أيام فقط"، موضحة أن "الجهات الرقابية خاطبت البنك المركزي سرياً للحصول على وثائق بالأموال والتحويلات المصرفية التي تلقاها صباحي من الخارج على مدار السنوات الماضية، وبصفة خاصة خلال حملاته الانتخابية للبرلمان والرئاسة".
وتنوّه المصادر إلى أنه "لا يوجد حتى الآن إحصاء بالتمويل الذي تلقاه صباحي، لكن البلاغات تزعم تلقيه ملايين الجنيهات، تحديداً خلال حملته للرئاسة عام 2012، بالإضافة إلى تلقيه تمويلاً من النظامين العراقي والليبي في العقد الماضي، في صورة مساعدات لحزبه الكرامة، وصحيفته التي كانت تصدر بالاسم ذاته". وحول ما إذا كانت هناك تحركات أخرى ضد سياسيين بارزين آخرين، أو مرشحين سابقين للرئاسة ما زالوا في مصر، تنفي المصادر ذلك، مؤكدة أن "ما أمامها فقط الآن هي البلاغات ضد صباحي".
وتأتي التحركات القضائية والرقابية المفاجئة، بعد أيام فقط من إعلان صباحي إطلاق حملة سياسية بعنوان "البديل المدني". ووفقاً لهذه الرؤية، فإن عملية تهديد صباحي وتحريك بلاغات قديمة ضده، موجهة في الأساس من دائرة السيسي نفسه، وهي الدائرة الأكثر سيطرة، والأوسع تحكماً في أجهزة الدولة القضائية والرقابية.
من جهته، يُبدي مصدر سياسي مطلع اعتقاده بأن "التحركات ضد صباحي تبدو عقاباً أو تهديداً له، بعد إطلاق حملته الأخيرة، وذلك في إطار الصراع الدائر بين أجنحة النظام في الأجهزة السيادية والأمنية، وخصوصاً في أجهزة الأمن الوطني والاستخبارات العامة والاستخبارات الحربية".
ويكشف المصدر أيضاً عن تحرّك سياسي سري جديد من دائرة السيسي ضد المرشح الرئاسي الأسبق ورئيس حزب "مصر القوية" عبد المنعم أبو الفتوح، الذي دعا نهاية العام الماضي لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، واعتبر أن السيسي فشل في مهمته السياسية. وعن الفارق في رؤية النظام لصباحي وأبو الفتوح، يُشدّد المصدر على أن "هناك فارقاً كبيراً، فصباحي هو جزء من النظام الحالي، وهو مندمج حالياً في صراع الدوائر والأجهزة، وهو قريب من السلطة من خلال صداقاته وعلاقاته المشتركة مع السيسي، ومساحات التقارب الواردة بسبب الرؤية الناصرية الإيجابية دائماً للسلطة العسكرية". أما أبو الفتوح، فيعتبر المصدر أن "النظام يتعامل معه كعدو، شأنه شأن الإخوان، وهو ما يتضح في تجاهل جميع وسائل الإعلام المقرّبة من النظام له، على عكس صباحي".
ويرى المصدر بأن "الأذرع التنفيذية لدائرة السيسي بالوزارات والمصالح الحكومية، والتي تنتمي في غالبها لجهاز الرقابة الإدارية، وجّهت تهديدات وتحذيرات لجميع الموظفين الحكوميين المنتمين لحزب أبو الفتوح، بضرورة الاستقالة من الحزب، وبالتوقف عن ممارسة أي نشاط سياسي لصالحه حالياً، كشرط لاستمرارهم في الوظيفة، وعدم تحريك أي بلاغات ضدهم، أو تعقبهم بتهم مختلفة كالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.
في هذا الإطار، يُدرج المصدر التحركات كردّة فعل على تصريحات لأبو الفتوح عن ضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، كون النظام كان يعمل قبل ذلك بتحفظ مع حزب أبو الفتوح، ولكن ليس لهذه الدرجة من التضييق والعمل على تجفيف منابعه وتقليص عدد أعضائه.