تعتبر أوساط ووسائل إعلام صهيونية، تدنّي نسبة المشاركين في الانتخابات التشريعية المصرية التي جرت في 17 و18 أكتوبر الحالي، دليلاً على تآكل شعبية عبدالفتاح السيسي، وتعكس تهاوي معدّل الثقة في نظامه. ويصف رئيس دائرة الدراسات الشرقية في جامعة تل أبيب، يرون فريدمان، عزوف المصريين الواضح عن المشاركة في الانتخابات، بـ"الفشل الذريع" لنظام السيسي، معتبراً أنه نتاج عجز النظام عن تحسين الأوضاع الاقتصادية وتماديه في المس بحقوق الإنسان في مصر.
وفي مقال نشرته النسخة العبرية لموقع صحيفة "يديعوت أحرنوت"، يوم الجمعة الماضي، ينوّه فريدمان إلى أن الشباب المصري قاطع الانتخابات بشكل أساسي لانعدام ثقته في النظام وخيبة أمله لعدم قدرة السيسي على تأمين مصالحه الأساسية. ويشير الباحث إلى أنّ معضلة السيسي تكمن أيضاً في حقيقة أن قطاعاً واسعاً من المصريين يرى أنّ نظام السيسي جاء نتاج انقلاب على نظام شرعي في انتخابات نزيهة. ويضيف فريدمان أنّ تدني نسبة المشاركة في الانتخابات يفترض أن تشعل الأضواء الحمراء في ديوان السيسي، لأن هذه الانتخابات تمثّل المرحلة الأخيرة من خطة "خارطة الطريق" التي يفترض أن تكرّس شرعية النظام القائم، حسب العربي الجديد.
ويلفت يرون إلى أنّ ردة الفعل السلبية تجاه السيسي ناجمة عن أن عمليات القمع التي يعكف عليها نظامه لم تطاول فقط جماعة "الإخوان المسلمين" وعناصرها، بل استهدفت أيضاً الكثير من الجماعات العلمانية المدنية، مبيّناً أنّ القيود التي يفرضها النظام على الشباب المصري باتت غير محتملة، وموضحاً أن هذه القيود توسّع دائرة المعارضين للسيسي.
ويتوقع فريدمان، عدم تمكّن البرلمان الجديد من القيام بأي دور حقيقي في الحياة السياسية المصرية، إذ إن السلطات الفعلية ستبقى في يد السيسي فقط، لا سيما وأن أعضاء البرلمان الجديد من مؤيدي السيسي.
ويوضح التقرير، أنّ أحد أهم مظاهر انعدام الثقة بالنظام تمثّلت في تخصيص 180 ألف جندي وشرطي لتأمين الانتخابات، لافتاً إلى أنّ هناك قناعة متجذّرة في أوساط قطاعات من الجمهور المصري مفادها أن النظام الحالي معنيّ بإجراء الانتخابات حتى يبدو فقط كديمقراطي، وهم على ثقة بأنّ الأمور لن تتجه نحو الأفضل.
وفي السياق، يقول السفير الصهيوني الأسبق في القاهرة، تسفي مزال، إنّ السيسي يعي تماماً أن الوقت المتاح له محدود للغاية، وأن هناك احتمال أن يخيب أمل الشارع المصري وتنهار مؤسسات الدولة. وفي تقدير موقف نشره مركز "يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، الأربعاء الماضي، ينوّه مزال إلى أنّ مشاكل مصر الاقتصادية والاجتماعية كبيرة جداً. وينتقد السفير المعروف بحماسه الشديد لنظام السيسي، عدم تحرك العالم لمساعدة السيسي، محذّراً من أن فشل النظام الحالي في القاهرة يعني وقوع مصر مجدداً تحت حكم الإسلاميين.
ويوضح مزال أنّ ما يفاقم الأوضاع، حقيقة أن الاقتصاد المصري تقليدي، يعتمد على تجنيد قوى عاملة هائلة وإنتاج متواضع، منوّهاً إلى أن إسهام قطاع الزراعة في الناتج المحلي يبلغ 15 في المائة، على الرغم منأن 40 في المائة من القوى العاملة تعمل في هذا القطاع، لافتاً إلى أنّ 20 في المائة من المصريين مصابون بأمراض مزمنة. ويمتدح مزال الخطوات التي قام بها السيسي لمحاربة "التطرف"، لا سيما "الثورة الدينية"، التي تضمنت إلزام وزارة التعليم بالتخلص من الكتب والنصوص التي تدعو إلى الجهاد وتكليف مؤسسة الأزهر بإعداد إصلاحات بعيدة المدى.
من جهتها، تشير صحيفة "يديعوت أحرنوت" في عددها الصادر يوم السبت، إلى جملة التحديات الاقتصادية التي تواجهها مصر، وفي مقدمتها الدين العام الذي تجاوز 47 مليار دولار، بالإضافة إلى حقيقة أن معظم المصريين يعيشون على دخل يقلّ معدله الشهري عن 200 دولار، فضلاً عن ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وتراجع قيمة صرف الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع معدلات البطالة، وتواصل مظاهر الفساد التي كانت سائدة في عهد مبارك، إلى جانب مظاهر عدم قدرة النظام على الوفاء بالخدمات الأساسية. وتلفت الصحيفة إلى أنه في مناطق كثيرة في مصر، لا يتم توفير مياه الشرب، إلى جانب تأثر مصادر الدخل القومي بالأوضاع الأمنية المتدهورة، لا سيما قطاع السياحة.