في الوقت الذي تكشف فيه البيانات والإحصائيات الرسمية عن تصاعد معدلات الفقر في المجتمع المصري والتي كان آخرها ما كشفته بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الصادرة في 6 إبريل الجاري، أن 22 مليون مصري، يعيشون ضمن أسر يقل إنفاقها الاستهلاكي عن قيمة خط الفقر، تظهر على الصعيد الآخر إحصائيات صادمة تكشف حجم الفساد وانهيار منظومة العدالة الاجتماعية، ومنها الإحصائية الدولية التي وضعت مصر في المركز الثالث ضمن قائمة أثرياء العرب لعام 2015.
ووفقًا لمجلة فوربس الشرق الأوسط، جاءت السعودية في مقدمة القائمة، بثروات إجمالية قدرها 65.88 مليار دولار، تبعها لبنان ومصر بنحو 33.77 مليار دولار، و27.12 مليار دولار على التوالي.
وأضافت المجلة أن 174.4 مليار دولار، هو مجموع ثروات أغنياء العالم العربي لعام 2015، بزيادة قدرها خمسة في المئة عن عام 2014، مبرزة أن الثروة المجمعة لهؤلاء الأثرياء، قد تفوق حتى ميزانيات بعض الدول العربية.
وأشارت إلى أن في مصر تصدرت عائلة ساويرس كعادتها القائمة، ليحتل ناصف ساويرس المرتبة الخامسة، بثروة قدرت بنحو 6.3 مليارات دولار.
في هذا الإطار علق الخبير الاقتصادي، سرحان سليمان، وقال "اللافت ليس فقط هذه الإحصائية، بل إنه في العام الماضي (2014)، جاءت مصر بالمرتبة الأولى، وبصدارة دول إفريقيا في عدد الأثرياء".
وأرجع "سليمان -فى تصريحات صحفية- احتلال مصر هذه المرتبة، جاء نتيجة تضخم ثروة هؤلاء الأثرياء، والأرباح غير العادية التي يحققونها، مؤكدًا أن النشاط الاقتصادي لهذه الشخصيات هو "نشاط احتكاري، نتيجة قوتها في مركز القرار وعلاقتها بالسلطة الحاكمة".
وشدد الخبير الاقتصادي على أن هؤلاء الأثرياء، لهم اتصال مباشر بالسلطة، وأن ثرواتهم لم تكن نتيجة منافسة حرة، كما يحدث في الاقتصاديات المتقدمة، حسب قوله.
وأشار إلى أن التقارير الاقتصادية، تؤكد أن علاقة هؤلاء الأثرياء ليست بالسلطة فقط، بل بمراكز القرار الذي يخص نشاطه، مضيفًا: "مثال على ذلك وزير السياحة السابق، منير فخري عبد النور، والذي يمتلك نشاطًا سياحيًا خاصًّا به، وكذلك وزير الزراعة، عادل البلتاجي، وعلاقته بشركات الأقطان".
ولفت "سليمان" إلى أن تزاوج رأس المال بالسلطة، ليس بالجديد في مصر، "إذ كان هذا واضحًا خلال الوجوه التي تصدرت المؤتمر الاقتصادي، في مارس الماضي، والتي كان معظمها نفس الوجوه التي تصدرت مؤتمر مصر في 2002، سواء الشركات أو الأفراد".
وأضاف أن الوضع الحالي، "يؤكد أنه لا وجود لمنافسة حرة، ولا لإتاحة فرص لكافة المواطنين، لتحقيق مثل هذه الثروات"، مشددًا على أن تحقيق ذلك يتطلب فصل كامل بين أصحاب المصلحة بالقرار، والسلطة الحاكمة، وهو يرى أنه غير محقق حاليًا.
وأكد أن القائمين حاليًا على السلطة، يستمرون بنفس النهج، ويدعموا وجود رجال الأعمال بالسلطة، ليتصدروا المشهد الاقتصادي، سواء شركات أو أفراد، ليكون ذلك بمثابة مكافئة لهم على دعمهم السلطة، ويحقق لهم بنفس الوقت مزيد من الثراء، وتضخم الثروة، على حساب ملايين المصريين".