اهتمت العديد من الصحف بقرار الإمارات بإدراج عددا من المنظمات والتنظيمات ضمن قائمة تتضمن 83 منظمة تصنفها في خانة "الإرهاب"، أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية، المعروف إعلاميًا بـ "داعش"، وجماعة الإخوان المسلمين، و23 جماعة تقاتل في سوريا، و12 رابطة للمسلمين في أوروبا وأمريكا، ومنظمات حقوقية وإغاثية وأخرى علمية ودعوية.
لكن المفاجأة التي أثارت الاستغراب والتساؤل كانت في طبيعة هذه الحركات والمنظمات التي اقتصرت على الحركات والمؤسسات الإسلامية السنية، وخلت من أي جهة يهودية أو مسيحية، وجعلت الإرهاب صفة إسلامية خالصة بزعمها، الأمر الذي احتفت به الصحف الفرنسية، وخاصة المحسوبة على الصهاينة والناطقة بلسان اليهود في إسرائيل وأوروبا. موقع صحيفة "آي 24 نيوز" الصهيوني، الصادر باللغة الفرنسية اهتم بإبراز الخبر، وقال إن الإمارات بتصنيفها لهذه الجماعات بالإرهاب تجاوزت بذلك أوروبا وأمريكا في عدائها للحركات الإسلامية بشكل حاد وعلني.
وأوضح الموقع أن القرار الإماراتي جاء بعد قرار مماثل اتخذته السعودية في 7 مارس الماضي، وأدرجت فيه جماعة الإخوان المسلمين وثماني جماعات أخرى على قائمة "التنظيمات الإرهابية"، وفتحت بذلك الباب أمام الدول الأخرى للتسابق في هذا المضمار. موقع "إسلام إي انفو" الفرنسي، كغيره من المواقع الفرنسية، أبرز إدراج اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا على لائحة الإمارات الإرهابية، بجانب هيئات ومنظمات إسلامية غربية للمرة الأولى، وهي جهات معروفة بأنشطتها العلمية والدعوية في أوروبا وأمريكا، ومن بينها منظمات إغاثية عالمية حصدت العديد من الجوائز والتقديرات لدورها في خدمة العالم.
ومن أبرز تلك المنظمات، الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذي يرأسه الدكتور يوسف القرضاوي، واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا، ومجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" في الولايات المتحدة، والرابطة الإسلامية في بريطانيا، والمنظمات الشبيهة في بلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وعدد آخر من الدول الأوروبية. وأضاف الموقع أن معظم المنظمات المذكورة في إعلان الإمارات للمنظمات الإرهابية هي التي تستطيع محاربة الإرهاب في العالم بنشرها الأفكار المعتدلة ودعوتها للتعايش بين شعوب العالم.
ولفت الموقع، إلى أن الإمارات وضعت في قائمتها الإرهابية جماعات لا تمثل أي خطر على أمنها القومي.
قرار حكومة الإمارات تتضمن إدراج مفتي عمان الشيخ أحمد الخليلي، على قائمة الإرهاب، نظرًا لكونه أحد أعضاء اتحاد علماء المسلمين، إحدى المنظمات الـ83 المدرجة في القائمة، وهو ما أثار حفيظة العمانيين وغيرهم من أبناء الخليج الذين لا يخفون استياءهم من تصرفات الإمارات، التي باتت تفقد المزيد من الأصدقاء بمثل هذه القرارات، رغم أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو منظمة عالمية رسمية وقانونية لعلماء الأمة من كل المذاهب، وبه علماء كثيرون من دول الخليج وينتهج النهج السلمي الوسطي. يأتي هذا بعد أيام من اعتراف عبد الخالق عبد الله، مستشار ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، في حوار مع إحدى الفضائيات، بأن الإمارات كسبت عداوة ملايين المؤيدين لتيار الإسلام السياسي، وبخاصةً في مصر وليبيا وفلسطين، واعتبره إخفاقًا في المسار السياسي للدولة، حيث تصنف الإمارات اليوم بأنها أخطر دولة على الإسلام والحركات الإسلامية التي يعد مؤيدوها بالملايين وعشرات الملايين.
صحيفة "لكسبريس" من جانبها أعربت عن استغرابها من أن تكون منظمة "كير"، داخل القائمة الإماراتية للإرهاب، رغم أنها من أكبر المنظمات المدافعة عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية.
ونقلت الصحيفة بيانًا لمنظمة "كير" أعربت فيه عن صدمتها من ضمها للقائمة، وقالت: “المنظمة قائمة لخدمة المجتمع وتقدم خدماتها في الولايات المتحدة، وليس لدينا تعاملات مع الإمارات، لذلك فنحن في دهشة من هذه القائمة".
وتحدث رئيس رابطة المسلمين في السويد، عمر مصطفى، للصحيفة: "أمر مخيف أن يحدِّد نظام صغير معروف بانتهاكاته لحقوق الإنسان منظمات المجتمع المدني الأوروبية والأمريكية باعتبارها جماعات إرهابية، بينما هو يمارس كل المخالفات الحقوقية ويرتكب العديد من جرائم الفساد والاستبداد”. في هذا السياق، وصفت أحزاب الأمة في الخليج "السعودية والإمارات والكويت"، حكومة الإمارات بأنها هي الراعي الأول للإرهاب، وتفتقد للشرعية السياسية، موضحة أن الدول العربية الديكتاتورية تمارس عدوانًا ظالمًا على شعوبها، لمصادرة الحقوق والحريات، وإن حكومة الإمارات تمارس إرهاب دولة ضد مواطنيها ومعارضيها. وقالت أحزاب الأمة، في بيان: "ما تقوم به حكومة الإمارات العربية من حملة إرهابية ضد شعبها ومعارضيها في الداخل والخارج لن يضر أحدًا إلا نظام الإمارات نفسه، الذي بدأ بعدائه لشعبه ومصلحيه في الداخل، وانتهى بعدوانه السافر على الأمة وشعوبها في الخارج بمؤامراته وحروبه التي يمولها، كما في أفغانستان ومالي وليبيا ومصر وسوريا والعراق، والمشاركة في العدوان الصهيوني على غزة، ما يؤكد قرب نهايته ونهاية جرائمه الإرهابية التي سيحاكم عليها يومًا ما بإذن الله".