Akhbar Alsabah اخبار الصباح

إقصاء الإسلاميين وسيناريو الانقلاب العسكري

السيسي إن السيسي ليس، ولم يكن، بطلاً قوميًا يحاول أن يجمع كلمة المصريين على كلمة سواء، بل هو أداة فاشلة بعيدة كل البعد عن الأهداف القومية، وهو جندي مطيع لأسياده الصهاينة؛ يحرق المساجد في القاهرة، ويسحق البسطاء في سيناء، ويكمم الأفواه في كافة الأرجاء، لا يعنيه انتعاش اقتصادي في البورصة أو الأسواق المصرية، فقد تدهور الاقتصاد المصري أكثر فأكثر، ولا يعنيه السلم الاجتماعي في مصر.

ملة الكفر واحدة.. ولا يغفر للكفر سلامة نطقه للغة القرآن، ولا انتماء جغرافي لوجهة مشرقية.. ولا ادعاء باطن بولاء مشوه لدولة الإسلام.

ثار الناصريون الخونة فقلبوا النظام الشرعي في مصر -بعد عام كامل من التخطيط- الذي رافقه عبث يومي، عطل كل شيء؛ فابتهجت السعودية والإمارات والكويت والأردن، ورقصت (أمريكا) رقصة البوب الهستيري، مباركة هذا النصر (العظيم).

وبعدها توالت استراتيجيات التفعيل العالمي لاستكمال مراحل هذا الانقلاب الإجرامي: حشد إعلامي مرعب في (تل ابيب) لحث أوربا على مناصرة (السيسي) وتثبيت أركان هذا الانقلاب، توافق غير مسبوق بين "إسرائيل" ودول عربية على سحق الإخوان (التوافق قديم لكن الجديد الإعلان عنه وعدم الحياء).. اجتماع ثلاثي في رام الله بين (الإسرائيليين والأردنيين والسلطة الفلسطينية) لترتيب أمر الانقلاب في غزة، ونشاط غير مسبوق لأقلام فتح المأجورة، وإعلام متصهين في مصر، لا يتورع عن قبح ولا يلتفت لحرمة دم مسفوك، يكذب ثم يكذب ثم يكذب، جرائم لم تعهدها البشرية منذ عهد آدم في مصر وسوريا، محاولة لزعزعة الأمن في تونس، الإفراج عن مبارك، اعتقالات لكل موحد، محاصرة الإسلاميين في فلسطين، تحريض عالمي ضد الإسلام، تعتيم إعلامي....... وضع ما تشاء من أخبار تؤكد لك حجم الهجمة الشرسة التي تحاول سحق الهوية الإسلامية، وتعطيل المد النوري من على هذه المعمورة.. فلماذا كل ذلك؟ وكيف يتم التوافق بين كل هذه الطاقات الإجرامية؟ ولماذا يحاربون الله؟ ولماذا لم تصح الأمة بعد؟ وكيف الخلاص؟ وما السبيل؟

وهل هذا تحول في السياسة العالمية ضد الإسلام؟ أم أننا أمام لحظة مكاشفة؟ ولماذا باتت الحرب علانية بهذا الشكل؟ وهل نحن في خطر ينذر بوبال؟ أم أن ما يجري هو غسق ما قبل انبلاج الفجر؟

الجنرال الأمريكي (ويسلي كلارك) يعلنها صراحة فيقول: "من كان يظن أننا خرجنا لأفغانستان انتقامًا لأحداث سبتمبر فليصحح خطأه، نحن خرجنا لقضية اسمها االإسلام، لا نريد أن يبقى الإسلام، مشروعًا حرًا يقرر فيه المسلمون ما هو الإسلام."

الإسلاميون؛ كما عرفهم الغرب، وكما عرفهم الله في كتابه الحكيم-، وحدهم؛ المحافظون على المبادئ، والإسلاميون-، وحدهم، القادرون على أن يكونوا ندًا للغرب، والإسلاميون، وحدهم، المعنيون بالتخلص من التبعية وبناء مجتمع حضاري متقدم؛ ومن هنا لن يسمح الغرب بوصول الإسلاميين للسلطة؛ فعل ذلك في الجزائر وفلسطين ومصر، وسيفعل ذلك كلما اقتضى الأمر.

هكذا تتشكل الرؤية الغربية بكل وضوح، لا مجال للتغيير، ومن هنا؛ فإن إقصاء الإسلاميين يعد استراتيجية لا بديل عنها في المنظور الغربي مهما كلف الثمن؛ لأن البديل، إذا استقر الحكم للإسلاميين، انهيار الغرب انهيارًا كاملاً.

ولو أخذنا مصر أنموذجًا لما نحن بصدد إثباته لرأينا أن الأفعى الصهيونية بدأت تتحرك عبر عبث واضح في سيناء، تحرك دبلوماسي دولي، وترتيبات من عملائها في الجيش المصري والأمن والإعلام والقضاء، وكل ذلك مباشرة بعد وصول الإسلاميين للحكم، ولما انتهت الإعدادات تم إعلان حالة الصفر وبدأ الانقلاب الدموي. وكل ذلك كان متوقعًا؛ لأن الغربكما قلنا- يعرف معنى أن تحكم مصر بالإسلاميين.

ولكن لنرى ماذا يجري خلف الصورة، لنعلم ما السر الذي يدفع القوى الغربية لإقصاء الإسلاميين مهما كلف الثمن؟

هناك دراسات استراتيجية حديثة -غربية وصهيونية- انتهت إلى أن وصول الإخوان للسلطة يعني: "زوال دولة الاحتلال"، فقد اتهمت دراسة صهيونية حديثة الرئيس المصري المعزول، محمد مرسي، بالتخطيط لإلغاء اتفاقية كامب ديفد بين مصر و"إسرائيل".

وأضافت الدراسة "أن مرسي وقادة حركة الإخوان المسلمين اتبعوا تكتيكات تعد الأرضية لاتخاذ قرار التخلص من كامب ديفد عبر اتهام إسرائيل بعدم احترام بنود الاتفاقية".

وتذكر الدراسة "أن إستراتيجية مرسي قامت على مراعاة موقف المجتمع الدولي من خلال تأكيده على احترام الاتفاقات الدولية التي وقعتها مصر من جهة، ومن جهة أخرى السماح لمستشاريه بتقديم كل المسوغات التي تبرر التنصل من هذه الاتفاقية".


ونحن نقول: إن ارتباط الأنظمة العربية بدولة الاحتلال ارتباطًا إستراتيجيًا لم يعد سرًا يحتاج إلى كشف، وإن دفاع الجانب الصهيوني عن هذه الأنظمة المتعفنة لم يعد في الخفاء، بل انتقل الى الساحة العلنية، وما الزيارات المكوكية المتتالية -بين الجانبين المصري والصهيوني- إلا واحدًا من الأدلة التي تثبت أن الطغمة الحاكمة في مصر من الانقلابين وبقايا النظام السابق هي ذات الطغمة الحاكمة في تل أبيب، وقد كنت قرأت في الموسوعة السياسية الإسلامية؛ أن ما يقدر ب250 ألف ضابط أمن وشرطة وجيش في مصر يعملون بشكل مباشر مع جهاز الموساد "الإسرائيلي" تحت مظلة الماسونية العالمية، وهؤلاء ترعاهم الدولة، وهم جاهزون لعمل انقلاب في أي لحظة يصل فيها الإسلاميون الحكم كما ذكرت الدراسة.

هنالك بعض النقاط التي لا بدَّ أن تُسجّل:

1. إن الأحداث الجارية على الأرض من قتل وسحل واعتقال، وتغيير مواد أساسية في الدستور؛ تشكل هجمة شرسة على هوية الأمة؛ بحيث فرغت مواد الدستور من أي إشارة "بأن الأسلام دين الدولة" أو أي قيم أخلاقية تربط الناس بدينهم، وهذا دليل واضح بأن اليد العابثة ليست يدًا عربية ولا إسلامية، وإن جر الجيش إلى محاصرة المساجد وحرقها وهدمها لدليل آخر على أن العقيدة الأمنية لهذه المؤسسة هي عقيدة فاسدة.



2. ليست حرب هؤلاء مع الإخوان، بل هي حرب صليبية على الإسلامية، وما محاولات البلطجية والقوى الأمنية في حرق الكنائس حرقًا عشوائيًا حتى تكون ذرائع لتشويه صورة الإسلام والمسلمين؛ إلا واحدة من إستراتيجيات التثوير العرقي لجر أوروبا للاتحاق بركب التآمر وتصبح مصر هدفًا إستراتيجيًا لغز صليبي جديد.



3. إن السيسي ليس، ولم يكن، بطلاً قوميًا يحاول أن يجمع كلمة المصريين على كلمة سواء، بل هو أداة فاشلة بعيدة كل البعد عن الأهداف القومية، وهو جندي مطيع لأسياده الصهاينة؛ يحرق المساجد في القاهرة، ويسحق البسطاء في سيناء، ويكمم الأفواه في كافة الأرجاء، لا يعنيه انتعاش اقتصادي في البورصة أو الأسواق المصرية، فقد تدهور الاقتصاد المصري أكثر فأكثر، ولا يعنيه السلم الاجتماعي في مصر؛ فقد تفاقمت الأحقاد، واتسعت دائرة البغضاء والشحناء، وأصبح المصري لا يخاف إلا من مصري مثله، لقد حدد السيسي عدوه، وأشار إليه بإصبع واحد: "أنا ضد هذا الشعب".

أما سياسة مصر الخارجية، بعد الانقلا ب، فقد تحددت معالمها في ثلاث نقاط:

1. تقزيم الدور المصري الفاعل، وإعادته إلى مربع الصفر، فالذين اعترفوا بهذا الانقلاب من الدول لم يتجاوز عددهم الأربع دول، وهم من حواشي الدول؛ كالإمارات والسعودية والكويت و"إسرائيل"، فمصر الجديدة-، في عهد السيسي، دولة فاشية، تراجعت فيها الحقوق والحريات، وتفشت فيها الأكاذيب والجرائم والخيانات.


2-. وجه السيسي كافة سهامه المسمومة إلى (بلدة) غزة المتواضعة البسيطة المحاصرة، الشامخة بصمودها، القاهرة لعدوها وعدو الأمة، وأعلن أن حربه الاستراتيجية تتمثل في احتلال هذه البقعة، ومسحها عن الوجود، إنه فرعون العصر الجديد، فكما هدد فرعون القديم النساء والأطفال جاء هذا الجبان ليسير على ذات الدرب، ويعلن حربه الشعواء على كل متوضئ، صاحب غيرة وخلق وإباء.

3- إن وقفة العالم المخزية من هذه الفضيحة النكراء (الانقلاب العسكري) لتدلل على أن منهج السماء في الحكم والسياسة ما كان ليتفق مع منطق الوضعيين البراغماتيين، فالديمقراطية كفر وإجرام وظلم دامس، وان كان ملمسها ناعم براق، فهي أداة لاستفحاش الباطل، فإذا كانت أداة تجلب الحق، حوربت من قبل المنظرين لها، ورفضت من قبل المتاجرين بها؛ فقد تغنى العالم بالديمقراطية حينما كانت تأتي لهم بالفجور، ولكنهم شجبوها وناصبوها العداء حينما جاءت لهم بحركة المقاومة الاسلامية "حماس" والجبهة الإسلامية في الجزائر، والحرية والعدالة بمصر؛ فالغرب الذي ناصب رب العزة العداء في العقيدة والأخلاق لن يصالح رب السماء في السياسة والحكم، لقد انكشف زيفهم وبات واضحًا أن التصالح الفكري مع الكفر مستحيل مستحيل، فلكم دينكم ولي دين، فقد آن الأوان أن تصفو الراية، ويتضح المنهج في المطالبة العلنية الواضحة بتحكيم شرع الله في الحكم والسياسة، وعدم القبول بأنصاف الحلول؛ فإما إسلام خالص أو جهاد متواصل حتى تسترد الحقوق، وتقوض أركان الدولة العميقة؛ فلن ينفذ حكم الله في الأرض بأيدي من لا يؤمنون بالله. لا بد من تنظيف المؤسسات الأمنية والإعلامية والقضائية، ومؤسسة الجيش من كافة الخونة والمنافقين، وإعادة صياغة المجتمع الإسلامي صياغة ربانية تحمل مشروع الرسالة المحمدية لتحقيق الأهداف التي بعثنا من أجلها، فلا مساومة في العقيدة، ولا مصالحة مع الطغيان، وإن الله لا ينصر إلا من خلص فكره ووعيه وجهاده وسعيه لله وحده؛ "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين".
سياسة | المصدر: موقع قاوم - الدكتور رمضان عمر | تاريخ النشر : الأربعاء 04 سبتمبر 2013
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com