
في الوقت الذي سادت فيه أجواء من التشاؤم في دولة الاحتلال الإسرائيلي حيال نتائج الهجوم الذي نفذته طائراتها الحربية مستهدفة قادة الوفد المفاوض من حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، أمس الثلاثاء، خرج وزير أمن الاحتلال، يسرائيل كاتس، صباح اليوم الأربعاء، مكرراً وعيده لكل من شارك في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 الذي شنته حماس على مواقع عسكرية ومستوطنات محاذية لغزة، رداً على الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 18 عاماً وانتهاكات الاحتلال في المسجد الأقصى والضفة الغربية.
وفيما أكد كاتس مواصلة إسرائيل إصرارها على لغة العربدة والإجرام، مهدداً بـ"مواصلة العمل ضد حماس في كل أرجاء العالم"، لم يتطرق إلى نتائج الضربة، التي تكشّف منها إلى الآن استشهاد خمسة أشخاص، بينهم أربعة فلسطينيين، وعنصر أمن قطري، فيما نجا من الاغتيال قادة الحركة الذين يمثلون وفدها في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل، بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
ولفت كاتس إلى أن عملية الاغتيال التي أطلق عليها اسم "قمة النار" أُعدت لاستهداف قادة حماس، لافتاً إلى أن "السياسة الأمنية لإسرائيل واضحة، وهي أن يدها الطويلة ستعمل ضد أعدائها في كل مكان". وذهب كاتس في تهديده أبعد من ذلك، مشيراً إلى أنه في حال عدم موافقة قادة حماس على شروط إسرائيل لإنهاء الحرب، وفي مقدمتها إطلاق سراح كل الجنود الإسرائيليين الأسرى، ونزع سلاح الحركة، "فإنهم سيُدمّرون ومدينة غزة ستُحال خراباً".
وفي وقت سابق أمس، أعلنت حركة حماس رسمياً استشهاد نجل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" خليل الحية، وثلاثة من مرافقيه، وعنصر أمن قطري في قوات الخويا، نافيةً استشهاد الحية نفسه أو القياديين زاهر جبارين، وخالد مشعل، ونزار عبد الله.
أجهزة أمن الاحتلال متشائمة حيال نتائج الهجوم في الدوحة
وصباح اليوم الأربعاء، أفادت إذاعة جيش الاحتلال بأنه منذ ساعات الليل المتأخرة تتعالى في أوساط أجهزة الأمن الإسرائيلية المؤشرات السلبية بشأن نتائج عملية الاغتيال في قطر. وطبقاً لما نقلته الإذاعة عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين، فإن "الأمر لا يبدو جيداً، ولا تفاؤل"، في إشارة إلى ترجيحات بفشل عملية الاغتيال، وذلك خلافاً لأجواء التفاؤل التي شاعت بُعيد الاستهداف بوقت قصير.
وقال مسؤولان أمنيان إسرائيليان، صباح اليوم الأربعاء، لصحيفة يديعوت أحرونوت إنّ "المعلومات التي جُمعت حتّى اللحظة، تحمل مؤشرات متشائمة بخصوص الضربة القاتلة التي وُجّهت لمعظم قادة حماس". ومع ذلك، لفت المسؤولان إلى أن "النتائج غير نهائية؛ إذ لم تنته بعد عملية جمع المعلومات بخصوص نتائج الضربة وأضرارها". وعلى الرغم من تعالي التقديرات بفشل العملية، نقلت الصحيفة عن مسؤول أمني آخر قوله إنه "بمعزل عن النتائج، ثمة هدف قد تحقق، وهو فرض الرعب على قادة حماس وجعلهم يدركون أنهم لن ينجحوا في الاختباء بأي مكان، وقد تحقق ذلك على أيّ حال".
وفي وقت سابق، بُعيد العدوان الذي شنّته طائرات الاحتلال على منطقة سكنية مأهولة بالمواطنين القطريين والمقيمين من أنحاء مختلفة من أرجاء العالم، فضلاً عن المدارس والمؤسسات المدنية، شاعت أجواء من التفاؤل في أوساط أجهزة الأمن الإسرائيلية، وخصوصاً شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، و"الشاباك"، إلى جانب سلاح الجو، بخصوص نتائج محاولة الاغتيال، وذلك لأن الهجوم نُفذ بناءً على معلومات افترضت أن معظم قادة الوفد قد دخلوا المبنى المستهدف لعقد اجتماع، وما تبع ذلك من مقاطع مصوّرة أظهرت الدمار الجسيم الذي لحق بالمكان.
ولم يمضِ وقت على ذلك، حتّى بدأت الشكوك تتعالى؛ إذ أعلنت حركة حماس بعد ساعات أن الهجوم قد فشل فشلاً ذريعاً. فيما تعالت فرضيات بأن عدداً من قادة الحركة خرجوا من المبنى قبل استهدافه إثر تلقيهم تحذيراً. وطبقاً لـ"يديعوت أحرونوت"، فإن من غير الواضح حتّى اللحظة كيف فشلت الضربة، خصوصاً أن طائرات سلاح الجو ألقت قنابل ثقيلة ودمّرت مكان الاجتماع المفترض.
وربطت الصحيفة بين تصريحات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والنتائج الفاشلة للعملية، مذكرةً بما كتبه الرئيس في منشور على منصة "تروث سوشال" التي يملكها: "هذا لم يكن قراري"، معتبراً أن "الهجوم أحادي الجانب في قلب قطر، الدولة السيادية والحليفة القريبة للولايات المتحدة، والتي تسعى بجهد مخاطرةً معنا من أجل التوسط لتحقيق السلام، لا يخدم أهداف إسرائيل أو أميركا". ومع ذلك شدد على أن "القضاء على حماس، هدف منشود"، قبل أن يضيف: "وجّهت فوراً المبعوث الخاص، ستيف ويتكوف، لإبلاغ القطريين بشأن الهجوم المحدق، وهو ما فعله، ولكن للأسف كان الوقت قد تأخر لوقف الهجوم".
وتعليقاً على ما تقدّم، قال مسؤول إسرائيلي رفيع، لم تحدد الصحيفة ما إذا كان من المستوى الأمني أو السياسي، إنه "في نهاية المطاف، الرئيس ترامب قال، عبر أصابعه التي تكتب على شاشة هاتف محمول، إنه تلقى من الصديقة المقربة لواشنطن أخطر معلوماتها السرّية في تلك اللحظة، وهي معلومات تشاركها معه فقط، وتفعل ذلك انطلاقاً من الاحترام البالغ الذي تكنّه له. معلومات تتعلق بضربة استراتيجية موجهة ضد ألدّ أعدائها. وماذا يفعل الرئيس الصديق؟ يأخذ هذه المعلومات، وينقلها إلى العدو، بل ويأسف لأنها وصلت إليه متأخرة".