
يُتوقّع أن تبدأ مفاوضات سلام بين أوكرانيا وروسيا في إسطنبول، اليوم الأربعاء، في محاولة لإيجاد حلّ دبلوماسي للحرب المستمرة بين البلدين منذ أكثر من ثلاث سنوات. وفيما أعلنت أوكرانيا، مساء الاثنين، أن هذه المفاوضات ستجري الأربعاء، اكتفت روسيا بالقول إنها تأمل بأن "تُعقد الجولة الجديدة هذا الأسبوع".
وستُعقد الجولة الثالثة من المحادثات المباشرة بين الطرفين في إسطنبول بضغط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أمهل روسيا 50 يوماً للتوصل إلى اتفاق مع كييف، وإلا فستواجه عقوبات صارمة. لكن يبدو أن احتمال إحراز تقدم يذكر ما زال محدوداً، إذ إن مواقف الجانبين متعارضة بشكل كبير. ونُظمت جولتان من المحادثات في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران في إسطنبول، لكنهما فشلتا في تحقيق أي اختراق لإنهاء الحرب، لكنّ البلدين اتفقا على إطلاق سراح مئات الأسرى من كل جانب وإعادة جثث جنود.
وأشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إلى أنه يتوقع مناقشة عمليات تبادل جديدة مع موسكو وإعادة أطفال أوكرانيين نُقلوا قسراً إلى روسيا، معرباً عن رغبته في "التحضير لاجتماع" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أجل "وضع حدّ فعلي لهذه الحرب".
ميدانياً، تتواصل المعارك على الجبهات ويستمر القصف الروسي على أوكرانيا دون هوادة. والثلاثاء، أحبط الكرملين التوقعات بالتوصل إلى حل سريع للنزاع الذي اندلع في فبراير/ شباط 2022 وحصد عشرات آلاف القتلى من الجانبين. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين "لا يوجد بالطبع أي سبب يدفع إلى الأمل في إحراز تقدم خارق، لكننا نعتزم الدفاع عن مصالحنا وضمانها وتنفيذ المهمات التي حددناها منذ البداية". وتحدّث عن "عمل كثير ينبغي إنجازه" قبل أي لقاء بين بوتين وزيلينسكي، وهو أمر يطالب به الرئيس الأوكراني.
وكشف الرئيس الأوكراني، أمس الثلاثاء، تشكيلة وفد بلاده الذي سيقوده مجدداً وزير الدفاع السابق روستم أوميروف المعروف بحنكته الدبلوماسية، وسيضم ممثلين لأجهزة الاستخبارات والدبلوماسية والرئاسة. ولم تعلن موسكو بعد تشكيلة فريقها المفاوض، لكن في الجولات السابقة، كان يقوده مسؤول من الصف الثاني، وزير الثقافة السابق والمؤرخ فلاديمير ميدينسكي، ما أغضب كييف.
وأكد دميتري بيسكوف الاثنين أن مواقف الطرفين لا تزال "متعارضة تماماً". وقدّمت روسيا قائمة مطالب تشمل انسحاب القوات الأوكرانية من أربع مناطق أعلنت موسكو ضمها في سبتمبر/ أيلول 2022، لكنها لا تسيطر عليها بالكامل، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها في العام 2014، وطلبت من كييف رفض كل أشكال الدعم العسكري الغربي وعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وترفض أوكرانيا هذه الشروط، وتطالب بانسحاب كامل للقوات الروسية من أراضيها، وضمانات أمنية من الغرب، تشمل استمرار تسليم الأسلحة ونشر قوات أوروبية، وهو ما تعارضه موسكو.
وتُصر كييف كذلك بالتنسيق مع حلفائها الأوروبيين، على ضرورة وقف إطلاق نار لمدة 30 يوماً، وهو ما ترفضه موسكو المتفوقة ميدانياً. ومنذ عودته الى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني، ضغط ترامب على الجانبين لإجراء محادثات مباشرة، لكن الجهود المبذولة للتوصل إلى حل دبلوماسي للحرب لم تفلح في تحقيق اختراق. ولم يخفِ ترامب أخيراً شعوره بخيبة أمل من بوتين. وأمهل نظيره الروسي في منتصف يوليو/ تموز الحالي، 50 يوماً للتوصل إلى اتفاق، وإلا سيواجه عقوبات واسعة النطاق. ولم تردّ موسكو بعد على هذه المهلة، كما أعلنت واشنطن أنها ستستأنف مدّ كييف بالسلاح ضمن اتفاق مع "الناتو".