
أعلنت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز بالسويداء، في صفحتها على فيسبوك، التوصل لاتفاق مع الحكومة السورية "بناء على المفاوضات التي جرت برعايه الدول الضامنة" وقالت في بيان على صفحتها في منصة فيسبوك ان الاتفاق ينص على "نشر حواجز تابعة للأمن العام خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء، بهدف ضبط الاشتباك ومنع تسلل أي مجموعات إلى داخل المحافظة" كما ذكر توجيهات بخصوص "ما تبقى في الداخل من أبناء العشائر في مناطق المحافظة" بأن "يُسمح لهم بالخروج الآمن والمضمون".
وجاء ذلك بعد إعلان الرئاسة السورية، اليوم السبت، وقفاً شاملاً لإطلاق النار في محافظة السويداء جنوبي البلاد، ودعت الأطراف إلى الالتزام الفوري به، محذّرة من انتهاكه. وحثت الرئاسة، في بيان لها، "جميع الأطراف، دون استثناء، على الالتزام بوقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال القتالية في جميع المناطق على الفور، وضمان حماية المدنيين وتأمين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق"، كما حذرت الرئاسة، في بيانها، من أي خرق لقرار وقف إطلاق النار، معتبرة أن ذلك سيعد "انتهاكاً صريحاً للسيادة الوطنية وسيُواجه بما يلزم من إجراءات قانونية وفق الدستور".
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا، صباح اليوم السبت، إنّ قوات الأمن السوري بدأت بالانتشار داخل محافظة السويداء لفض الاشتباكات بين مقاتلين من العشائر وفصائل مسلحة محلية. وأوضح مصدر أمني سوري مسؤول لـ"العربي الجديد"، إنّ الأمن العام سينتشر خلال المرحلة الحالية في المناطق التي تسيطر عليها عشائر البدو في ريف السويداء.
وكان مراسل "العربي الجديد" أفاد أنّ وزارة الدفاع السورية أمهلت مقاتلي العشائر ساعاتٍ لـ"تسليم السلاح الثقيل الذي استولت عليه من مقرات المجموعات المسلحة في السويداء"، وأنها طلبت منهم مغادرتها فجراً. واعتباراً من ساعات بعد ظهر أمس انسحبت قوات العشائر من بعض مناطق ريف السويداء، تحديداً من قرى الدور والمزرعة وولغا، في حين لا تزال مجموعات أخرى متمركزة داخل منطقتي سوق الهال والمنطقة الصناعية داخل مدينة السويداء. وفي سياق موازٍ، دخلت أرتال تابعة لـ"الأمن العام" إلى ريف السويداء الغربي، وتمركزت مؤقتًا في قرية المزرعة، وسط حالة من التوتر والاستنفار، إلا أن هذه القوات سرعان ما انسحبت باتجاه ريف درعا بعد اندلاع اشتباكات مسلّحة في مدينة السويداء، حالت دون استقرارها هناك. لكن هذه القوات عاودت الانتشار مرة أخرى صباح اليوم السبت في ريف السويداء ومن المتوقع أن تصل لاحقاً إلى داخل مدينة السويداء، وفق ما ذكر مصدر أمني خاص لـ"العربي الجديد".
وكانت الرئاسة السورية أعلنت، ليل الجمعة السبت، العمل على إرسال قوة متخصصة لفض الاشتباكات في الجنوب، مؤكدة أن "الهجوم على العوائل الآمنة وترويع الأطفال أمر مدان ومرفوض بكل المقاييس". وأعربت الرئاسة السورية، في بيان لها، عن "بالغ قلقها وأسفها العميق حيال الأحداث الدامية التي شهدها الجنوب السوري"، والتي وصفت بأنها "نتيجة تحركات مجموعات مسلحة خارجة عن القانون استخدمت السلاح لبث الفوضى وترويع حياة المدنيين، بمن فيهم النساء والأطفال".
بدوره، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توماس برّاك، اليوم السبت، إنّ إسرائيل وسورية اتفقتا على وقف إطلاق النار "بدعم من تركيا والأردن ودول الجوار". وكتب برّاك، في منشور على منصة إكس، أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري أحمد الشرع وافقا، بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، على وقفٍ لإطلاق النار حظي بتأييد تركيا والأردن ودول الجوار". وأضاف المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية: "ندعو الدروز والبدو والسُّنة إلى إلقاء السلاح، والعمل مع بقية الأقليات على بناء هوية سورية جديدة وموحدة". وحثّ "جميع السوريين على احترام بعضهم البعض، والعيش بسلام وازدهار مع جيرانهم". ولم يصدر عن دمشق أو تل أبيب، إلى الآن، تعليق على إعلان برّاك اتفاقهما على وقف لإطلاق النار.
وفيما قال نقيب الأطباء في السويداء عمر عبيد إن المستشفى الحكومي في مدينة السويداء استقبل أكثر من 400 جثة منذ صباح الاثنين، بينها جثامين لنساء وأطفال، قالت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان إنها وثقت مقتل ما لا يقل عن 321 سورياً، بينهم 6 أطفال و9 نساء وإصابة ما يزيد على 436 آخرين بجروح متفاوتة خلال الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء. وذكرت الشبكة السورية أنها أنجزت تقريراً يغطي الفترة الممتدة من 13 يوليو/ تموز 2025 وحتى الجمعة، التي شهدت اشتباكات عنيفة وأعمال عنف متصاعدة، شملت عمليات قتل خارج إطار القانون، وقصفاً متبادلاً، إلى جانب هجمات جوية نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الحصيلة الأولية تشمل ضحايا من المدنيين، بمن فيهم أطفال وسيدات وأفراد من الطواقم الطبية، إضافة إلى مقاتلين من مجموعات عشائرية مسلحة من البدو، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء المحافظة، إلى جانب عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة السورية.
وحثّ مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، أمس الجمعة، السلطات السورية على ضمان المحاسبة والعدالة في ما يتعلق بعمليات القتل والانتهاكات في مدينة السويداء جنوبي البلاد. وقال تورك في بيان: "يجب أن يتوقف سفك الدماء والعنف، وأن تكون الأولوية القصوى لحماية جميع الناس، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان".