
أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، أنه نقل وحدة دبابات إلى جنين شمالي الضفة الغربية للمشاركة في ما سماه بـ"الجهد الهجومي"، في وقت قالت فيه هيئة البث الإسرائيلية إن هذه هي المرة الأولى التي يعمد فيها الاحتلال إلى نشر دباباته في الضفة منذ عملية "الدرع الواقي" التي نفذها جيش الاحتلال عام 2002. وتوسّع عدوان الاحتلال المستمر على شمال الضفة الغربية إلى بلدة قباطية التي اقتحمتها قواته فجر اليوم.
وقال جيش الاحتلال، الأحد، في بيان على منصة إكس: "بدأت قوات من لواء ناحال ووحدة دوفدفان بالعمل في بلدات إضافية في منطقة جنين، وفي الوقت نفسه ستعمل فصيلة دبابات في جنين جزءاً من الجهد الهجومي"، وأضاف بحسب وكالة الأناضول: "تواصل قوات الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) وحرس الحدود عملياتهم لإحباط الإرهاب في شمال السامرة (الضفة) وتوسع قواتنا أنشطتها الهجومية في المنطقة"، مشيراً إلى استمرار العمليات في طولكرم: "تواصل القوات عملها في منطقتي جنين وطولكرم".
من جهته قال وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس: "أمرت الجيش بالاستعداد للبقاء فترة طويلة بمخيمات اللاجئين في الضفة الغربية"، وأضاف أن جيش الاحتلال "يوسع نشاطه في شمال السامرة (الضفة) ويعمل أيضاً في قباطية منذ الليلة، ويعزز قواته بوحدة مدرعات وقوات إضافية". وقالت فرانس برس نقلاً عن جيش الاحتلال إن قواته ستبقى في بعض مخيمات الضفة الغربية المحتلة "طوال العام الجاري".
توسيع العدوان إلى قباطية
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، بلدة قباطية جنوب جنين بأعداد كبيرة من الآليات والجنود وأحدثت دماراً واسعاً وغير مسبوق في البنية التحتية للبلدة، ويأتي ذلك في سياق العدوان المتواصل على شمال الضفة الغربية. وقال رئيس بلدية قباطية، أحمد زكارنة، لـ"العربي الجديد" إن "قوات الاحتلال اقتحمت قباطية في عملية عسكرية غير مسبوقة بدأت نحو الساعة 3:30 فجر اليوم الأحد، إذ انتشرت الآليات العسكرية والجرافات الإسرائيلية بكثافة في مختلف أنحاء البلدة".
وبحسب زكارنة، قامت جرافات الاحتلال بتجريف الشوارع والبنية التحتية والميادين العامة ما تسبب في دمار واسع وانقطاع شبكات المياه، دون قدرة الطواقم المختصة على الوصول إليها بسبب التشديد العسكري الإسرائيلي المكثّف. وأوضح زكارنة أنّ قوات الاحتلال نشرت قناصتها في عدد من المنازل، بينما انتشر الجنود المشاة في الشوارع ونفذت قوات الاحتلال عمليات دهم وتفتيش للمنازل في أحياء عدّة، تخللتها تحقيقات ميدانية مع الأهالي.
وأشار زكارنة إلى أن هذا الاقتحام يُعدّ الأوسع من نوعه في قباطية، نظراً لحجم الدمار الذي ألحقته قوات الاحتلال بالبنية التحتية والشوارع الرئيسية والفرعية، وبسبب كثافة التواجد العسكري والمداهمات، بينما تعطلت الحياة العامة في البلدة، مؤكداً أن البلدة لم تشهد حتى الآن اشتباكات أو إصابات، كما لم يُبلّغ عن أي حالات اعتقال. وناشد زكارنة المؤسسات الدولية بالتدخل العاجل لوقف ما وصفه بـ"التخريب الممنهج" الذي تتعرض له البلدة، محذراً من تداعيات استمرار عمليات الاحتلال التي قد تؤدي إلى دمار شامل في قباطية.
من جانبه، أكد الناطق الإعلامي باسم إقليم حركة "فتح" في قباطية وعضو بلدية قباطية، رياض كميل، أن الأوضاع في البلدة لا تزال سيئة، إذ تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات تجريف البنية التحتية والشوارع الرئيسية والفرعية، لا سيّما في مداخل البلدة والميادين العامة، في ما وصفه بأنه "توسيع للعدوان وانتقام من قباطية"، وأوضح كميل في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الاحتلال ينفذ منذ فجر اليوم، مداهمات واسعة للعديد من المنازل في مختلف أحياء بلدة قباطية، وتقوم قواته بتفتيش المنازل واحتجاز أصحابها وإجراء تحقيقات ميدانية معهم.
وأشار كميل إلى وقوع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، إذ يرشق الشبان قوات الاحتلال بالحجارة، دون وقوع إصابات، كما لم تحدث اشتباكات مسلحة بين مقاومين وقوات الاحتلال حتى الآن. ودعا كميل أبناء الشعب الفلسطيني إلى التماسك والتكاتف في ظل التصعيد الإسرائيلي المتزايد الذي يستهدف مختلف أنحاء الضفة الغربية، مشدداً على ضرورة إدراك الفلسطينيين أنهم مستهدفون من الاحتلال.
ويأتي توسيع العدوان إلى قباطية في ظلّ استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية، إذ تواصل قوات الاحتلال عدوانها على مخيم جنين لليوم الرابع والثلاثين على التوالي، وعلى مدينة طولكرم ومخيّمها لليوم الثامن والعشرين، وكذلك في مخيم نور شمس لليوم الخامس عشر على التوالي. وأجبر التصعيد العسكري آلاف العائلات على النزوح من المخيمات، وسط عمليات تدمير واسعة. ومنذ انطلاق عملية "السور الحديدي" التي بدأتها قوات الاحتلال في جنين في 21 من الشهر الماضي، وتوسعت إلى مدن ومخيمات عدّة، بلغ عدد الشهداء في الضفة الغربية 60 شهيداً حتى الآن.
الاحتلال يهجّر 40 ألف فلسطينياً
أقرّ وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، صباح اليوم الأحد، بأن 40 ألف فلسطيني هُجّروا من بيوتهم في مخيمات جنين، وطولكرم، ونور شمس في الضفة الغربية، مشدداً على أن المخيمات المذكورة خَلَت من سكانها. وأعلن كاتس أنه أوعز لقوات جيشه بالاستعداد لاحتلال هذه المخيمات، والبقاء فيها هذا العام، وعدم إتاحة المجال لسكانها بالعودة إليها. ولفت إلى أنّ أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) في الضفة الغربية توقفت، مضيفاً "إننا نتواجد في حرب ضدّ الإرهاب الإسلامي، ولن نعود إلى الواقع الذي كان قائماً في الماضي. سنواصل تطهير مخيّمات اللاجئين وأوكار الإرهاب للقضاء على الكتائب والبنى التحتية الإرهابية التي أنشأها وسلّحها وموّلها الإسلام المتطرف، الذي يقوده المحور الشيعي الإيراني، في محاولة لبناء جبهة إرهابية شرقية ضد مستوطنات شمال الضفة وخط التماس، والتجمعات السكانية الكبيرة في إسرائيل"، على حدّ تعبيره، وتوعد بـ"بمواصلة العمل حتى إخضاع الإرهاب".
بدورها، نقلت صحيفة معاريف عن مصدر عسكري زعمه أن "إدخال الدبابات للقتال في جنين هو رسالة هجومية توضح إلى أيّ مدى إسرائيل حازمة، بعد أن بدأ الجيش يلحظ بصمات إيرانية على ما يدور في شمال الضفة". وخلال الأسبوع الماضي، اعتقل جيش الاحتلال مقاوماً يُشتبه في أنه ألقى عبوات باتجاه القوات الإسرائيلية؛ فيما "عُثر بحوزته على عشرين قنبلة خلال عملية مداهمة نفذها عناصر حرس الحدود في جنين"، في إطار العدوان المتواصل هناك، وفق الصحيفة. وفي بيان أصدره الجيش، أفاد الأخير بأن "العملية العسكرية في شمال السامرة (شمال الضفة)، ستتوسع، وأن قوات الجيش والشاباك وحرس الحدود، تواصل عملية مكافحة الإرهاب وتوسيع العمليات الهجومية في المنطقة"، وأضاف أن "قوات من لواء الناحال، ووحدة دوفدوفان، وسّعت العمليات العسكرية لقرى إضافية في منطقة جنين"، لافتاً إلى أنّ "الدبابات ستعمل في جنين جزءاً من الجهود الهجومية، على أن تتواصل العمليات العسكرية في طولكرم أيضاً".
وبالعودة إلى إسناد العدوان بالدبابات، نقلت صحيفة "هآرتس" عن الجيش ادّعاءه أن "الحديث يدور حول ثلاث دبابات ستعمل في إطار فرض الردع والدفاع في مخيم جنين وأنها غير معدّة للهجوم"، وأنه في إطار توسيع العدوان، "من المفترض أن يهاجم الجيش بلدة قباطية وقرى أخرى". وأضافت الصحيفة نقلاً عن الجيش أن عملية "السور الحديدي"، التي بدأت في يناير/كانون الثاني الماضي، قد أتمت مرحلتها الأولى، على أن تتمركز قوات الجيش في المرحلة الثانية في كل واحدةٍ من المدن لتعمل جنباً إلى جنب مع قوات "حرس الحدود"؛ إذ ستُفرز كتيبةٌ لكل مدينة.