قالت صحيفة وول ستريت جورنال، اليوم الاثنين، نقلاً عن وسطاء عرب في محادثات وقف إطلاق النار، إن رئيس حركة حماس يحيى السنوار يعتمد على نظام تواصل "بدائي"، مكون من الملاحظات المكتوبة بخط اليد والرُّسل والرموز، يحميه من شبكة جمع المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية، ويسمح له بتوجيه عمليات حركة حماس حتى وهو في الأنفاق.
وبحسب ما تشير الصحيفة تكون الرسالة النموذجية من السنوار مكتوبة بخط اليد وتُمرَّر أولاً إلى عضو موثوق به في حماس ينقلها فوراً إلى سلسلة من الرسل قد يكون بعضهم من المدنيين، وغالباً ما تكون الرسائل مشفرة برموز مختلفة لمتسلِّمين مختلفين وظروف وأوقات مختلفة، وذلك بناءً على نظام طوره السنوار وأسرى آخرون أثناء وجودهم في السجون الإسرائيلية.
ولا يخفى أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تمتلك أكثر القدرات تطوراً في العالم بشأن اعتراض الاتصالات الإلكترونية، إلا أن إسرائيل لم تنجح في العثور على السنوار الذي تعتبره مهندس عملية "طوفان الأقصى"، رغم إصرارها على الوصول إليه لمنحها صورة انتصار كبيرة في الحرب.
وتشير "وول ستريت جورنال"، إلى أن إسرائيل كانت تعلم منذ ما لا يقل عن عقد من الزمان أن حماس أنشأت نظام اتصال أرضياً في الأنفاق، وأسفرت محاولة قوات إسرائيلية خاصة عام 2018 للتنصت على شبكة حماس الهاتفية، عن اندلاع مواجهة تبادل خلالها الطرفان إطلاق النار لعدة أيام.
وقال الوسطاء الذين نقلوا الرسائل من وإلى السنوار بطريقة غير مباشرة، إن الرسالة قد تصل بعد ذلك إلى وسيط داخل غزة أو أحد العناصر الذين يملكون هاتفاً ويتبعون لحركة حماس، أو أي طريقة أخرى لإرسالها. وفيما تشير الصحيفة إلى أن أساليب اتصال السنوار باتت أكثر حذراً منذ اغتيال عدد من رفاقه، بما في ذلك القيادي صالح العاروري في بيروت، إذ تحول بالكامل إلى الرسائل المكتوبة بخط اليد والتواصل الشفوي، وفي بعض الأحيان يتداول التسجيلات الصوتية عبر دائرة صغيرة من المساعدين، وفقاً لوسطاء عرب.
كما أجرى السنوار أيضاً مكالمات هاتفية مع وسطاء على شبكة الهاتف الأرضي لحماس في الأنفاق، باستخدام رموز لتحديد اليوم والوقت بالإضافة إلى الأسماء المستعارة، بحسب ما قال الوسطاء للصحيفة. وعن نظام الاتصالات، تقول الصحيفة، إن نهج السنوار البدائي في الاتصالات يعود إلى نظام استخدمته حماس في سنواتها الأولى والذي تبناه زعيم حماس عندما اعتُقل في عام 1988 وسُجن لاحقاً في سجن إسرائيلي.
آلية الرسائل المشفرة في السجن
وكان السنوار قد أسس قبل اعتقاله جهازاً أمنياً تابعاً لحركة حماس (مجد)، كان مهمته ملاحقة المتخابرين مع قوات الاحتلال، ونشط الجهاز حتى داخل المعتقلات الإسرائيلية وجند عدداً من الأسرى أطلق عليهم اسم "السواعد" لتولي مهمة نقل رسائل مشفرة من قسم إلى آخر داخل الأسر. وكان السواعد بحسب ما تستند صحيفة وول ستريت جورنال على هذه الرواية من كتاب "ابن حماس" لمصعب حسن يوسف الذي تحول إلى جاسوس إسرائيلي، يلفون الرسائل المكتوبة بخط اليد في الخبز على شكل كرات صغيرة، ومن ثم تركها تجف وتتصلب، قبل رميها من قسم إلى التالي حتى تصل القسم المطلوب.
وفيما تزعم إسرائيل أن السنوار أمضى سنوات في التخطيط لحرب شاملة مع إسرائيل، بما في ذلك بناء شبكة أنفاق واسعة. قال مايكل ميلشتاين، رئيس الشؤون الفلسطينية السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن استعداداته تضمنت على الأرجح إنشاء نظام اتصالات من شأنه أن يتغلب على جمع المعلومات الاستخبارية الحديثة.
رسالة السنوار إلى هنية بعد ساعات من استشهاد أبنائه
وعن التواصل خلال المفاوضات، قالت الصحيفة في النقاط الحاسمة لمفاوضات وقف إطلاق النار، لم يكن السنوار قريباً، وكانت تصل الرسائل في الوقت المناسب تقريباً، إلا أنه في حالات أخرى كانت الرسائل تتأخر، من دون معرفة إن كان ذلك يعود إلى وجود صعوبات أم تكتيكاً تفاوضياً ينتهجه السنوار، إلا أنها تقول نقلاً عن وسطاء عرب إن السنوار تمكن عقب استشهاد أبناء رئيس حركة حماس السابق إسماعيل هنية في إبريل/نيسان الماضي من إرسال رسالة عاجلة إليه بعد ساعات من استشهادهم وجاء فيها "نقدم لكم ولأسرتكم الموقرة تعازينا القلبية وتهانينا على تضحياتكم".