Akhbar Alsabah اخبار الصباح

مصر تخطر الإمارات بالانسحاب من مفاوضات سد النهضة

مفاوضات أبوظبي في الوقت الذي تمسكت فيه إثيوبيا بموقفها الرافض للملاحظات المصرية الخاصة بتشغيل وملء سد النهضة، كشفت مصادر مصرية وأخرى غربية في القاهرة، أن المسؤولين في مصر، أخطروا دولة الإمارات بالانسحاب من مسار مفاوضات أبوظبي الفنية، بين أطراف النزاع الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا).

وحسب دبلوماسي غربي في القاهرة، فإن مصر أبلغت المسؤولين في دولة الإمارات بالانسحاب من مسار مفاوضات أبوظبي الذي شهد نحو 7 جلسات عقدت بين الفرق الفنية من الدول الثلاث، في محاولة لحلحلة الأزمة ومنع أي تصعيد، خصوصاً مع اقتراب أديس أبابا من الملء الرابع المقرر في منتصف يوليو/تموز المقبل، والذي يستمر حتى مطلع سبتمبر/أيلول المقبل.
أسباب الانسحاب المصري من مفاوضات أبوظبي

ووفقاً لمسؤول فني مصري، فإن القاهرة "توصلت إلى قناعة بعدم جدوى المفاوضات الفنية مع أديس أبابا، تحديداً في ظل عدم تحقيق أي تقدم ملموس، على الرغم من مرور نحو عام على بدء ذلك المسار برعاية إماراتية".

وكشف في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "المسؤولين في مصر توصلوا لقناعة أيضاً بأن مسار مفاوضات أبوظبي يؤثر سلباً على الموقف المصري أمام القوى الدولية المعنية بالتوصل لحل للأزمة وفي مقدمتها الولايات المتحدة، التي أبدى مسؤولوها المعنيون بالملف دهشتهم مما وصفوه بالاتهامات المصرية لإثيوبيا".

وقال المسؤول الفني إن "مسؤولين في الإدارة الأميركية، أعربوا أخيراً عدم اقتناعهم بالموقف المصري المتهم لأديس أبابا بالتعنت، معتبرين أن مشاركة الأخيرة في المفاوضات الفنية في أبوظبي هي في حد ذاتها إبداء لحسن النية".

وأوضح ما كشفت عنه المصادر الدبلوماسية الغربية والمصرية لـ"العربي الجديد"، أسباب التصعيد الأخير في الموقف المصري الرسمي الذي جاء على لسان وزير الخارجية سامح شكري، بعدما أكد أخيراً، أن بلاده لها "الحق في الدفاع عن مقدرات ومصالح شعبها، وتتخذ مواقف منضبطة تراعي فيها كافة الاعتبارات والعلاقات".

وشدّد في الوقت نفسه على أن "كل الخيارات مفتوحة في أزمة سد النهضة، وتظل كافة البدائل متاحة، ومصر لها قدراتها وعلاقاتها الخارجية ولها إمكاناتها". وأضاف شكري، خلال مداخلة هاتفية تلفزيونية، أخيراً "إننا نكتفي بالتصريح بأن كل الخيارات مفتوحة من دون الدخول في إطار تحديد إجراءات بعينها، وهذا ما يخدم المصلحة المصرية بأن تظل كافة البدائل متاحة ومصر لها قدراتها".

في المقابل، أكدت الخارجية الإثيوبية، الخميس الماضي، أن "الحلول الودية لقضية سد النهضة مع مصر والسودان ممكنة إذا توافر حسن النية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي". كما عبرت أديس أبابا عن رفضها لتصريح وزير الخارجية المصري، الذي قال فيه إن كل الخيارات حول سد النهضة مفتوحة.

وجاء ذلك، في وقت اعتبر فيه مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية محمد البدري، الخميس الماضي، أن قضية سد النهضة الإثيوبي تمثل أولوية "وجودية تمس حياة" الشعب المصري بأكمله.

وجاء في حينه في بيان للخارجية المصرية أن البدري بحث مع مدير إدارة أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية سايمون ماستارد: "الرؤية المصرية إزاء قضية سد النهضة وما تشهده المفاوضات من حالة من الجمود مع الجانب الإثيوبي في الوقت الحالي".

وفي السياق، أعلنت الخارجية الفرنسية، أن باريس "تشجع الحوار بين مصر والسودان وإثيوبيا، والتوصل لاتفاق فيما بينهم حول قضية سد النهضة".

وأشار المتحدث باسم الخارجية الفرنسية الناطق باللغة العربية، باتريس باولي، خلال لقائه عددا من الصحافيين بالسفارة الفرنسية بالقاهرة، إلى الإعلان الصادر من مجلس الأمن تحت الرئاسة الفرنسية في 2021، الذي دعا وشجع الأطراف المعنية على الحوار وإيجاد حل عن طريق المفاوضات، وهو المرجع الموجود في مجلس الأمن.

ورأت خبيرة النزاعات المائية المصرية، هالة عصام الدين، في حديث مع "العربي الجديد" أنه "لو حدث وانسحبت مصر من أي مفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي، فهذا تصرف معقول ومفهوم، فما جدوى المفاوضات مع دولة أقامت أسباب ضررها بنفسها؟".

وأضافت: "لست مستغربة من الموقف الإثيوبي الذي سيتسبب في كوارث مائية لإقليم حوض النيل، وأتصور أن السد الإثيوبي له أبعاد استعمارية ضارة جداً بالإقليم".

ولفتت عصام الدين إلى أن "الحل لم يكن إطلاقاً بناء سد النهضة والسدود التي تلته، فهذا التصرف ينم عن عجز سياسي من الجانب الإثيوبي في مفاهيم تخص الأمن الإقليمي، وحتى الأمن الوطني لدولتهم في المقدمة، وأعتقد أن نقص الخبرة لديهم أدى بهم لبناء هذا السد الكارثي".

وحول احتمال التوصل إلى أي تسوية سلمية لقضية سد النهضة، قالت عصام الدين إنه "أمر مستبعد، لأن هناك أطرافاً دولية في القضية، لها مصالحها المائية في الإقليم ولذلك فإن التسوية لن تكون بين دولتين فقط".

ولفتت إلى أن "إثيوبيا بدلاً من أن تكون طرفاً في اتفاقية عنتيبي في أوغندا (اتفاقية إطارية وقعت في مايو/أيار 2010 بين 4 من دول منبع نهر النيل، وهي إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا، بغياب مصر والسودان (وهما دولتا المصب)، خرجت عن السرب وغردت وحدها وجذبت المستعمرين الجدد إلى الإقليم".

سيناريوهان للوصل إلى اتفاق بشأن سد النهضة

من جهته، قال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي، لـ"العربي الجديد" إنه "في ظل أجواء التوتر وتبادل التصريحات بين الدول الثلاث، يلوح في الأفق سيناريوهان للوصول إلى اتفاق في قضية سد النهضة".

ولفت إلى أن الأول هو حث الاتحاد الأفريقي بقيادته الجديدة برئاسة جزر القمر على القيام بمسؤولياته لاستئناف المفاوضات في أسرع وقت، للوصول إلى اتفاق قبل بداية التخزين الرابع. أما السيناريو الثاني فيتمثل في توجه مصر والسودان مرة ثالثة إلى مجلس الأمن الدولي ولكن هذه المرة ليس بسبب مشكلة مياه، بل بسبب وجود خطر شديد على الأمن والسلم الدوليين، خصوصاً على 20 مليون سوداني يعيشون على ضفاف النيل الأزرق، الذى سيتعرض لطوفان في حالة انهيار سد النهضة، وذلك بسبب مبالغة إثيوبيا في زيادة مواصفاته من سعة تخزينية 11.1 مليار متر مكعب كما كان في التصميم الأميركي الأصلي، إلى 74 مليار متر مكعب من دون اتفاق.

وأضاف شراقي أن "ما يضاعف من المشكلة هو عدم التزام إثيوبيا بإجراء الدراسات الهندسية التي طلبتها لجنة الخبراء الدوليين في عام 2013، كما كان مقرراً طبقاً لإعلان مبادئ سد النهضة 2015 في البند الخامس".

وأشار إلى أن "ما يدعم الموقف المصري، هو ما حدث في تركيا من زلازل هددت السدود التركية، علماً أن البيئة الجيولوجية في تركيا تشبه إلى حد كبير الظروف الإثيوبية من وجود فوالق الأخدود الأفريقي، وتعرضها لأكبر نشاط زلزالي في القارة الأفريقية".
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الخميس 23 مارس 2023
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com