Akhbar Alsabah اخبار الصباح

الرئيس مرسي يربك المشهد الإسرائيلي

الرئيس مرسي من المفارقة التي تشي بحجم المؤامرة التي يتعرض لها الشعب المصري، والهادفة لتجاوز إرادته الحرة، وذلك عبر خليط من الافتراءات والبهتان المغلف بالفجور الفج، والذي يستهدف -بشكل أساسي- أول رئيس منتخب مدني في تاريخ مصر؛ حرص خصوم الإخوان المسلمين على تجاهل التأثير الكبير الذي شكله انتخاب الرئيس محمد مرسي من تحدٍّ كبير للاقتصاد الإسرائيلي، حتى دون أن يأمر مرسي بإطلاق طلقة واحدة، أو يأمر بالتعبئة العامة. إن الساسة والمعلقين الاقتصاديين الصهاينة يعترفون جهارًا بأن مرسي تمكن بالفعل من إيذاء الاقتصاد الإسرائيلي بشكل واضح. ومن الواضح أن الحديث الهامس في أروقة صنع القرار الصهيونية المغلقة بشأن تبعات حكم مرسي قد أخذ طريقه للعلن. فهذا هو وزير المواصلات الإسرائيلي "يسرائيل كاتس" يصرح للإذاعة العبرية بأن صعود مرسي للحكم مَثَّلَ أكبر تهديد إستراتيجي لإسرائيل، ودفع حكومة نتنياهو إلى إحداث زيادة كبيرة في موازنة الأمن والمسّ بمخصصات الضمان الاجتماعي للفقراء، وذلك تحسبًا لما قد تقدم عليه مصر تحت حكمه.

إن ما صدر عن "كاتس" جاء بحكم عضويته في مجلس الوزراء المصغر لشئون الأمن، الذي يتم داخله طرح القضايا الحساسة والسرية. وإن كان هذا لا يكفي فها هو "سيفر بلوتسكير"، كبير المعلقين الاقتصاديين بصحيفة "يديعوت أحرنوت" يؤكد أن التحوط لما قد يفعله مرسي في المستقبل دفع "نتنياهو" لزيادة الضرائب والأسعار، والمس بالخدمات للفقراء، وتقليص موازنة الدولة؛ لتمويل الزيادة في النفقات الأمنية.

فحَسَب "بلوتسكير"، فإن الافتراض السائد في دوائر صنع القرار في "تل أبيب" هو أن زيادة النفقات الأمنية باتت حتمية بعد صعود مرسي للحكم، على اعتبار أنه يتوجب إعادة هيكلة الجيش والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية بشكل يناسب مواجهة التحديات الجديدة.

لقد بات في حكم المؤكد أن إسرائيل ستدفع ثمنًا اقتصاديًّا باهظًا جراء متطلبات إعادة بناء قوتها العسكرية في أعقاب فوز مرسي. فبعد أقل من 24 ساعة على إعلان فوز مرسي، وحتى قبل توليه مقاليد الحكم، طالبت هيئة أركان الجيش الإسرائيلي وزارة المالية بتحويل ما قيمته 4.5 مليار دولار بشكل عاجل لموازنة الأمن؛ وذلك لتمويل متطلبات إعادة بناء قيادة الجبهة الجنوبية في الجيش والمكلَّفة بمواجهات التحديات الناجمة عن التحولات المتوقعة في السلوك المصري تجاه إسرائيل في المرحلة المقبلة. مع العلم بأن هذه القيادة كانت تحظى بالاهتمام الأقل من بين قيادات الجيش الإسرائيلي الأخرى.

وقد تبنت الحكومة الإسرائيلية التصور الذي قدمه وزير الخارجية المستقيل "أفيجدور ليبرمان" لإعادة بناء القوة العسكرية الإسرائيلية في أعقاب فوز مرسي، وهذا يفترض أن تبلغ كلفة تطبيقه أكثر من عشرة مليارات دولار على الأقل.

وحتى يتضح حجم تأثير السلام مع مصر في تحسين الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل، فإنه من الأهمية بمكان الإشارة إلى حقيقة أن حجم الإنفاق الأمني قبل التوقيع على اتفاقية "كامب ديفيد" كان يستحوذ على 47% من موازنة الدولة، بينما لا يتجاوز الآن 15.1% من الموازنة؛ بمعنى أن الصهاينة يخشون أن تعود تلك الأيام السوداء، بفضل صعود مرسي.

ولا يساور "ميشيل ستربتسنسكي" -نائب رئيس قسم الأبحاث في "بنك إسرائيل"- ثمة شك حول خطورة الواقع الاقتصادي الإسرائيلي في أعقاب فوز مرسي، حيث يشير إلى أن الخوف من خطوات مرسي المستقبلية دفع كلاًّ من: "نتنياهو"، ووزير ماليته "شطاينتس" لتجاوز إطار موازنة الأمن، تنويهًا إلى أن هذا التطور سيلحق أضرارًا كبيرة بالفئات الفقيرة والطبقة الوسطى في المجتمع الإسرائيلي.

وتتوقع صحيفة "ذي ماركير" الاقتصادية الإسرائيلية أن تَحِل بإسرائيل كارثة اقتصادية كبيرة بسبب زيادة النفقات الأمنية في أعقاب صعود مرسي. وفي تحليل اقتصادي شامل نشرته الصحيفة، توقعت أن تضطر إسرائيل إلى تقليص النفقات في مجالات مدنية كثيرة لتغطية زيادة النفقات الأمنية، مما يعني توجيه ضربة كاسحة للاستقرار الاقتصادي. وشددت الصحيفة على أن أهم النتائج الاقتصادية لصعود مرسي سيتمثل في تراجع قيمة "الشيكل" وتراجع مستوى الثقة بالاقتصاد الإسرائيلي.

ومن ناحيته اعتبر الخبير الاقتصادي "تسفي لبيا" أن صعود مرسي يفرض على إسرائيل إعادة تقييم موازنة الأمن الخاصة بها من جديد، مشيرًا إلى أن تهاوي الأنظمة العربية المحيطة بإسرائيل يفرض على دائرة صنع القرار إعادة رسم سلم الأولويات من جديد. وفي تحليل نشره في النسخة العبرية لصحيفة "يديعوت أحرنوت" أشار إلى أن صعود مرسي يفرض على إسرائيل انتهاج سياسة تقشف، علاوة على تراجعها عن بعض الخطوات التي هدفت إلى تقليل الأعباء عن كاهل الإسرائيليين، مثل: تقليص الضرائب، وتفضيل المناعة الأمنية على المناعة الاجتماعية، وستؤدي التداعيات "الجيوسياسية" للزلزلة التي شهدتها مصر إلى إعادة تقييم الموازنة الإسرائيلية بشكل كامل. وأشار إلى أن هذه التطورات ستؤدي إلى تراجع فائض الدخل القومي السنوي.

إن مصممي السياسة الاقتصادية في إسرائيل باتوا مطالَبين بإدخال تعديل جوهري على سلم الأولويات الذي يجب أن تعكسه الموازنة العامة للأعوام الثلاثة القادمة، فمن غير المستبعد أن تضطر إسرائيل إلى تقديم موازنة إضافية لتغطية الإنفاق على المجالات الأمنية الذي من المحتم أنه سيزداد.

وبعد كل هذا نجد أن هناك من يصر على مواصلة الاستهزاء بمرسي ويشكك في أهليته.
سياسة | المصدر: الإسلام اليوم - صالح النعامي | تاريخ النشر : الثلاثاء 25 ديسمبر 2012
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com