Akhbar Alsabah اخبار الصباح

حبس رئيس تحرير جريدة الأهرام لانتقاده أداء السيسي بسد النهضة

رئيس تحرير جريدة الأهرام لم يسمع أحد من قبل أن دولة حبست قائدا للرأي أو إعلاميا؛ لنقده أداء أي مؤسسة من مؤسسات البلد، لأدائها الذي جر البلد لخراب وتهديد وجودي يقتلع الدولة من جذورها، إلا في مصر العسكر.

وهو رسالة لإجبار الجميع على الصمت وترك المخربين يعملون بهدوء في دمار الوطن، وهو ما تجلى في اعتقال رئيس تحرير الأهرام الأسبق عبد الناصر سلامة، والغريب أن التهمة المُعممة على الجميع هي تمويل الإرهاب، رغم بُعده الكامل عن أي علاقة بالإرهاب أو حتى المعارضين،إلا أنه في عُرف نظام العسكر كل من يعارض السيسي هو إرهابي.

قمع الرأي

حيث قررت النيابة العامة حبس رئيس تحرير جريدة الأهرام الأسبق، عبد الناصر سلامة، 15 يوما على ذمة التحقيق، بدعوى "تمويل الإرهاب".

ووجهت النيابة للكاتب المعروف "تهمة ارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، والانضمام لجماعة إرهابية أسست على خلاف أحكام القانون".

واعتُقل "سلامة"، الأحد الماضي، بعد أيام من نشره مقالا عبر حسابه بموقع "فيسبوك" طالب فيه عبدالفتاح السيسي بالتنحي؛ بسبب ما اعتبره فشلا منه في التعامل مع أزمة "سد النهضة" الذي شيّدته إثيوبيا على النيل الأزرق.

واعتبر سلامة أن "السيسي مسؤول عن إضاعة حق مصر التاريخي في النيل، عندما منح الشرعية للسد موضوع الأزمة بالتوقيع على إعلان المبادئ الخاص بمشروع سد النهضة، مارس 2015".

وأضاف أن "الأمانة والشجاعة تقتضيان خروج السيسي إٕلى الشعب بإعلان تنحيه عن السلطة، وتقديم نفسه لمحاكمة عادلة، عن كل ما اقترفته يداه"، مشيرا إلى تنازل السيسي عن جزيرتي البحر الأحمر (تيران وصنافير) للسعودية، وحقلي غاز بالبحر المتوسط لإسرائيل، فضلا عن خطر إهدار مياه النيل لصالح إثيوبيا، وإهدار ثروات مصر على تسليح لا طائل من ورائه، وتكبيل البلاد بديون باهظة لن تستطيع أبدا سدادها".

واتهم سلامة السيسي، بإشاعة حالة من الرعب والخوف بين المصريين بتهديدهم بنشر الجيش خلال 6 ساعات، وتقسيم المجتمع طائفيا ووظيفيا وفئويا بخلق حالة استقطاب غير مسبوقة، وسجن واعتقال عشرات الآلاف بمبرر ودون مبرر، وتحويل سيناء إلى مقبرة لجنود الجيش وضباطه؛ نتيجة إدارة بالغة السوء لأزمة ما كان لها أن تكون".



صورة للغرب

ويأتي اعتقال سلامة وحبسه، في وقت يحاول النظام تصدير صورة لللغرب بأن هناك انفراجة سياسية وحقوقية تجري في مصر، ومن مظاهرها إفراج النظام عن 150 معتققلا مؤخرا ليس من بينهم سوى شخصيات معروفة فقط، وذلك للإيحاء للأمريكان تحديدا بأن التهدئة الحقوقية تسير في طريقها إلا أن الواقع المعاش يكذب رسائل السيسي المغلوطة التي يحاول تصديرها للغرب.

فما زال النظام مُصرّا على إغلاق المجال العام في وقت كان من المفترض أن يشهد انفراجة حقيقية، بالإعلان عن إستراتيجية حقوق الإنسان المصرية نهاية الشهر الماضي، ولكن بدلا من حسم الخلافات الأمنية والاستخباراتية حول تفاصيلها التي شاركت في وضعها شخصيات حقوقية تصنف على أنها قريبة من الدولة أو مأمونة الجانب، اكتفت المخابرات بتوجيه الإعلاميين إلى الحديث العلني عن "انفراجة متوقعة" وإدعاء المطالبة بتعدد الأصوات والسماح للرأي الآخر بالتداول في الصحافة والتلفزيون، آخذة من قرارات إخلاء السبيل الأخيرة غطاء لممارسات أخرى كاعتقال رئيس تحرير صحيفة الأهرام الأسبق عبد الناصر سلامة، كما بدأت السلطات محاكمة ثلاثة من المعتقلين في قضية "خلية الأمل" هم زياد العليمي وهشام فؤاد وحسام مؤنس على ذمة قضية جديدة مجهولة الحيثيات، وُجهت لهم فيها اتهامات بتكدير السلم العام ونشر أخبار كاذبة من خلال مجموعة من المنشورات التي تعود لسنوات سابقة على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف ضمان استمرار حبسهم بعد انتهاء فترة الحبس الاحتياطي القصوى لهم على ذمة قضية الأمل منذ أيام.

كما ألقت القبض على عدد غير معروف، تقول مصادر حقوقية إنه "أكثر من خمسة باحثين، من الدارسين المصريين في الخارج لدى عودتهم إلى مصر، وأطلقت سراحهم فيما بعد، بينما صدر حكم على باحث آخر هو أحمد سمير سنطاوي باتهامات تتعلق باستخدام وسائل التواصل، واستمرت السلطات في منع عدد من الباحثين المتهمين في قضايا سياسية سابقة من السفر، ومنهم من يحملون الجنسية الأميركية، بالتوازي مع استدعاء عدد من الحقوقيين المتهمين في قضية التمويل الأجنبي القديمة 173 لسنة 2011 للتحقيق مرة أخرى، فضلا عن استمرار رفض العفو عن المعتقلين الإسلاميين الذين ما زالوا قابعين في السجون بالآلاف، وإصدار أحكام الإعدام الباتة المتتالية وأبرزها ما كان أخيرا في قضية اعتصام رابعة.

وهكذا يواصل القمع نحر ما تبقى في مصر من مقدرات سواء في مقدرات مصر البشرية القادرة على فهم وتحليل المخاطر واقتراح الحلول أو وجود مصر المهدد بسد النهضة، أو العجز الاقتصادي والفكري لدى نظام السيسي الذي يقود مصر لمستنقع أشد قهرا وقمعا وانهيارا لمصر وهو ملف الديون، وغيرها من الكوارث التي تجري تحت سمع وبصر العالم، إلا أن المصريين ممنوعون من الحديث عنها أو كشفها؛ حتى لا يكون مصيرهم السجن وهو ما يجري مع عشرات الالاف من المعتقلين الرافضين للفساد والاستبداد في مصر العسكر.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : السبت 24 يوليو 2021
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com