Akhbar Alsabah اخبار الصباح

تكريم عامل القطار الذي أهان مواطنا مصريا

عامل قطار منوف/ طنطا تكريم وزير النقل بحكومة الانقلاب اللواء كامل الوزير المعروف بقربه الشديد من رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي لعامل قطار منوف/ طنطا الذي اعتدى بالضرب على موطن أمام ابنته وأمام الناس لعدم قدرته على دفع تذكرة محطة إضافية أثار كثيرا من الدهشة والاستغراب؛ ذلك أن العامل خالف القانون حين اعتدى بالضرب على المواطن، فليس من حق العامل أن يصفع مواطنا لعدم دفع تذكرة القطار بل أقصى ما يمكن فعله هو استدعاء شرطة القطار أو وطلب النزول من المواطن.

وكرم الوزير كمساري قطار منوف حامد الهلباوي، ضمن مجموعة من العاملين في الهيئة، يوم الأحد 18 يوليو؛ بدعوى التزامهم باللوائح والقوانين والتعليمات الخاصة بضرورة سداد الراكب لقيمة التذكرة والغرامة المالية المقررة عليها، في حالة عدم امتلاكه للتذكرة بعد تحرك القطار، وحفاظهم كذلك على أرواح المواطنين من خلال منع بعض المخاطر. وشهد حفل التكريم في مقر هيئة السكك الحديدية رئيس الهيئة مصطفى أبو المكارم، ونائبه لقطاع المسافات الطويلة والقصيرة حسام البسطويسي؛ وهو ما تلاه اجتماع مصغر لوزير النقل مع قيادات في الهيئة، لبحث خطة التشغيل اليومي للقطارات خلال إجازة عيد الأضحى.

محل الدهشة هنا أن تكريم وزير النقل لهذا العامل الفظ المجرم استند إلى أن تحقيقات هيئة السكة الحديد انتهت إلى أن العامل كان يؤدي عمله بشكل سليم! فهل القانون يمنح عامل القطار أو حتى شرطته الاعتداء على المواطن وإهانته على النحو الذي شاهده الجميع إذا لم يتمكن من دفع قيمة التذكرة؟!

الملاحظة الثانية، أن تكريم الوزير للعامل على هذا النحو يبعث رسالة بالغة الصدمة للمجتمع؛ وتبرهن على أن النظام العسكري يمعن في إذلال المواطنين وإهانتهم على نحو صادم ومخالف حتى للقانون، فإذا كان المواطن تلقى هذه الإهانة لأنه لم يقدر على دفع قيمة محطة إضافية فماذا عن الوزير وكبار الجنرالات داخل الوزارة الذين ينهبون مليارات الجنيهات ويحظون بمكافآت كبيرة رغم أنهم أفشل أهل الأرض على الإطلاق ويتسببون بانعدام قدرتهم وكفاءتهم في كوارث لا حصر لها تحصد أرواح مئات الناس وتصيب الآلاف بعاهات مستديمة تمنعهم من القدرة على السعي لطلب الرزق. كما جرى تغريم السيدة هناء زكي التي صورت المشهد وبثته على وسائل التواصل الاجتماعي لكشف الحقيقة أمام الناس، حيث دفعت غرامة قدرها 500 جنيه! فالنظام لا يريد أن يرى الناس جرائمه وسلوكه المشين بحق المواطنين وكيف يتم إذلالهم وإهانتهم على النحو الذي نراه جميعا في جميع أجهزة الدولة وعلى رأسها مراكز وأقسام الشرطة بخلاف ما يحدث في السجون والمعتقلات من جرائم يشيب من هولها الولدان.

الملاحظة الثالثة، أن المواطن المعتدى عليه بالضرب، ويدعى محمد رشاد مصطفى، قد حضر احتفالية مبادرة "حياة كريمة"، بدعوة شخصية من رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي؛ في إطار الترويج لمواقف الأخير "الإنسانية" عبر وسائل الإعلام الموالية للنظام، والتي تجاهلت في الوقت نفسه خبر تكريم العامل الذي اعتدى على الراكب بالضرب. فالسيسي هنا يذكرنا بمواقف معروفة في أوساط الداخلية حيث يأمر الضابط أمناء الشرطة بالاعتداء على أحد المواطنين، وبعد أن يوسعوه ضربا يتدخل الضابط الذي يقف في مكان بعيد ويتصنع الرحمة ثم يطلب من المواطن أن يجلس ويتظاهر بدعمه ومساندته ضد أمناء الشرطة المجرمين رغم أنه هو من أمرهم بضربه بإشارة منه، ما فعله السيسي ما المواطن الغلبان هي مسرحية وما تم بين الوزارة التي كرمت العامل والسيسي الذي طبطب على المواطن هو توزيع أدار لمسرحية سخيفة تستهدف تكريس السلوكيات الإجرامية التي تمتهن الناس وتستعبدهم.

الملاحظة الرابعة أن هذه الحادثة تعيد إلى الأذهان النشأة الأولى للعسكرية المصرية الحديثة في عهد محمد علي باشا (1805 ــ1848م)، والذي فرض التنجيد الإجباري سنة 1822م، فانتزع آلاف الفلاحين من أراضيهم ليجبرهم على التجنيد قهرا. وبأداوات الإذلال جرى تكوين الجندي على نحو يحوله إلى آلة ينفذ الأوامر حتى لو كان خاطئة بلا نقاش، فبارت الأراضي الزراعية وزادت نسبة الفقر في البلاد، ولما انتفض أهالي الصعيد ضد هذا الظلم دفع الباشا بهؤلاء الجنود وبعضهم كانوا من الصعيد إلى قمع هذه الانتفاضة حتى يروي الدكتور خالد فهمي مؤلف كتاب "كل رجال الباشا" أن أحد الجنود قابل والده في هذه الانتفاضة الشعبية ضد سياسات محمد علي، فطلب من أبيه التوقف والرجوع إلى البيت فلما شكا له أبوه أن حالتهم ساءت بعدما جرى تجنيده إجباريا وأنه غير قادر على رعاية الأرض لم يقتنع الابن المجند وطلب من أبيه التوقف فلما رفض الأب أطلق الابن المجند الرصاص على أبيه فأرداه قتيلا! ولما رفع الخبر إلى الباشا أمر بمكافأة الباشا وترقيته!

الملاحظة الخامسة أن السيسي ونظامه لا يزالون حتى اليوم مصممين على تكريس هذه السلوكيات العسكرية الهمجية التي تكرس الفوقية العسكرية للجيش والسلطة على حساب الشعب والمجتمع، فالجيوش في كل بلاد العالم المتحضر إنما نشات وتمحورت حول المواطن وحماية الدولة والعمل على تحقيق الأمن والرفاهية للمواطن، أما الدولة المصرية الحديثة فتمحورت حول الجيش، الذي يتمحور بدوره حول الحاكم ويمثل الأداة الأهم التي يستخدمها لقهر خصومه وإخضاع الناس لحكمه وسياساته مهما كانت بالغة الظلم والإجرام وتضر بالأمن القومي للبلاد؛ لأن الذي يحدد الأمن القومي هنا هو الحاكم نفسه الذي ينفرد بالحكم ويحظى بسلطات فرعونية مطلقة قل أن نجد لها نظيرا في العالم.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الجمعة 23 يوليو 2021
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com