Akhbar Alsabah اخبار الصباح

لماذا اعتبرت وزيرة الهجرة الطلاب المصريين بالخارج “أخطر شريحة”؟

وزيرة الهجرة نبيلة مكرم عبيد في تصريحات صادمة لوزيرة الهجرة بحكومة الانقلاب نبيلة مكرم عبيد، الأسبوع الماضي، اعتبرت فيها أن "الدارسين المصريين بالخارج هم أخطر شريحة من المهاجرين نتيجة عدة عوامل، على رأسها الأفكار المغلوطة التي يتعرضون لها من أصحاب التوجهات المعادية لمصر"!

تصريحات الوزيرة لم تأت عبثا أو اعتباطا، بل من الواضح أنها نتيجة تقديرات موقف جرى رفعها من مرؤوسيها في الوزارة من خلال تفاعلهم مع عينة من المصريين بالخارج يؤكدون فيه أن الأجيال الجديدة من المصريين بالخارج لا ترى في مصر سوى انقلاب الجيش على الديمقراطية، وسيطرة الجيش على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والإعلامية، لا يسمعون عن مصر سوى الطغيان والاستبداد والسجون والانقلاب على الديمقراطية والاعتقالات التعسفية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

الأمر أفزع الوزيرة التي تحظى بثقة الديكتاتور عبدالفتاح السيسي بشكل مطلق ، على النحو الذي بدا في تصريحاتها، ولذلك أضافت أن الجيلين الثاني والثالث من الشباب المصريين بالخارج "بحاجة لمزيد من التعريف بالمجتمع المصري والأفكار السليمة بعيدا عما يسمعونه في الخارج عن جيش مصر من مغالطات، فكنا نستقدم العديد من المهاجرين ونأخذهم إلى العديد من المناطق، منها معهد ناصر العسكري ومناطق تدريب القوات المسلحة، للتعريف بما يفعله الجيش المصري".

وعي كبير

وحتى ندرك أبعاد هذه التصريحات التي تعكس مدى الوعي الكبير الذي يتمتع به المصريون في الخارج، فإن تصريحات الوزيرة لم تكن الأولى من نوعها، فقد سبق ذلك الإشارة إلى إمكانية تجنيد المصريين الدارسين بالخارج للتجسس على زملائهم المصريين، حين قالت "الحقيقة أن شباب الجامعات قوة ناعمة كبيرة جدا، داخل الجامعات بتاعتهم، لأنه ممكن يوصللي كل الأفكار اللي بتبث بطريقة سلبية داخل الجامعات من جماعات أخرى"، مشيرة إلى أن الطالب المصري الذي يدرس بالخارج "من الممكن جدا أن يتم استقطابه بأفكار مضادة لاتجاهات الدولة أو بأفكار تكفيرية".

تصريحات الوزيرة تبرهن على سياسات النظام الفاشية بحق جميع معارضيه سواء بالداخل أو الخارج، فالنظام الذي تسيطر عليه الفاشية العسكرية قد نكّل بالدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر بإرادة الشعب الحرة، فجرى اعتقاله والزج به في سجون الظالمين لسنوات دون تهمة حتى تم اغتياله في منتصف يونيو 2019م. كما جرى التنكيل بمئات من علماء مصر البارزين وأساتذة الجامعات وعلماء الفقه والشريعة الإسلامية الذين جرى الزج بهم في السجون من سنوات الانقلاب الأولى. وحتى الأكاديميون الذين دعموا الانقلاب في أول الأمر ثم استفاقوا جرى التنكيل بهم على نحو واسع ويتم تشويه صورتهم بين حين وآخر، كما جرى مع الدكتور محمد البرادعي، الحاصل على جائزة نوبل، وعصام حجي وعمرو دراج وعمرو حمزاوي، وغيرهم ممن كانت لهم "أفكار مضادة لاتجاهات الدولة".

الاحتواء والسيطرة الأمنية

لا يهم النظام العسكري في مصر حاليا توفير التعليم الجيد، بقدر ما يهتم بالاحتواء والسيطرة الأمنية وتشكيل وعي المصريين على السردية الأمنية وروايات النظام مهما كانت كاذبة وبالغة الشذوذ والركاكة وتعصف بها الأدلة والشواهد من كل جانب. نظام الانقلاب لا يدخر جهدا وينفق الكثير من الأموال والجهود في محاولات لمنع الأفكار "المضادة لاتجاهات النظام" من الوصول إلى شرائح واسعة من المصريين؛ لذلك هو حريصون جدا على غلق المجال العام، وترويض وسائل الإعلام من فضائيات وصحف وصولا إلى السيطرة المطلقة عليها، لكن في عالم الإنترنت فإن الناس باتت تعرف كل شيء من الواقع. لم يعد الناس بحاجة إلى معرفة الحقيقة من وسائل الإعلام التي تهمين عليها أجهزة السلطة كما كان في عهد الدكتاتور جمال عبدالناصر، بل هم يعرفون الحقيقة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات والمواقع التي آلت على نفسها ان تشكف الحقيقة مهما كانت العواقب باذلين في سبيل ذلك كل شيء.

هذه الأموال الطائلة التي ينفقها نظام السيسي من جيوب المصريين للسيطرة على عالم الأفكار ستذهب سدى ولم تحقق لهم شيئا، ولو جرى توجيه هذه الأموال نحو تطوير التعليم لكان حال مصر اليوم أفصل حالا مما هي عليه من وهن وضعف تجلى بوضوح في جلسة مجلس الأمن حول أزمة سد النهضة؛ حيث خرج نظام الانقلاب صفر اليدين يجر أذيال الهزيمة، وأدرك أنه أنفق عشرات المليارات من الدولارات على صفقات السلاح وشراء شرعية دولية لكنه في الحقيقة بلا صديق أو حليف ولا يراه العالم إلا شرذمة من العساكر اغتصبوا الحكم بانقلاب عسكري.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الخميس 15 يوليو 2021
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com