Akhbar Alsabah اخبار الصباح

تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب يعتبر خطوة لدعم الاقتصاد

الحماية الاجتماعية بالمغرب "ثورة اجتماعية حقيقية"، هكذا وصف وزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بنشعبون مشروع تعميم الحماية الاجتماعية الذي وقّع وزراء ومسؤولون الاتفاقيات الأولى المتعلقة به، الأسبوع الماضي أمام الملك محمد السادس.

وهنأ رئيس الحكومة سعد الدين العثماني -في اجتماع المجلس الحكومي الأخير- الوزراء الذين أسهموا في هذا المشروع الضخم، معتبرا أن إنجاحه سيكون خير خاتمة لعمل الحكومة التي حرصت منذ بدايتها أن تكون اجتماعية بامتياز.

ويعمل هذا المشروع على توسيع الحماية الطبية وتعميم التقاعد والتعويضات العائلية، وأيضا تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان العمل.

وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد رصد في تقرير أصدره عام 2018 واقع الحماية الاجتماعية بالمغرب، ولفت إلى أن 2.4 مليون شخص يعملون في القطاع غير المنظم لا يستفيدون من التعويضات العائلية، وأن 60% من الفئات النشيطة لا يستفيدون من أي حق في المعاش، بينما بلغت نسبة السكان المشمولين بأحد أنظمة التغطية الصحية 54.6% مع نهاية سنة 2016، لكن 45.4% من السكان ليست لهم أي تغطية صحية.

آثار مباشرة على المواطن
ويستهدف هذا المشروع الضخم في مرحلة أولى، الفلاحين وحرفيي الصناعة التقليدية ومهنييها والتجار، والمهنيين ومقدمي الخدمات المستقلين، ليشمل في مرحلة ثانية فئات أخرى.

وترأس الملك محمد السادس توقيع 3 اتفاقيات تتعلق بتعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، ليشمل 800 ألف من التجار والحرفيين ومقدمي الخدمات المستقلين، و500 ألف من الحرفيين ومهنيي الصناعة التقليدية، و1.6 مليون من الفلاحين، بينما سيتم توقيع الاتفاقيات الخاصة بالفئات المتبقية خلال الأسابيع القادمة.

وقال المستشار البرلماني عبد الصمد مريمي رئيس اللجنة الموضوعاتية المكلفة بالتغطية الاجتماعية إن هذا المشروع سيساهم في إنشاء مجتمع أكثر تضامنا وأقل طبقية وتفاوتا، ومن شأن ذلك -وفق تعبيره- إعادة الأمل والثقة والاطمئنان إلى المجتمع، وحفظ كرامة المواطنين، والعمل على تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية والمجالية.

وأضاف مريمي في تصريح للجزيرة نت أن هذا المشروع المجتمعي يعد استثمارا في المستقبل يستهدف الرأسمال البشري، واستقطابا ذكيا للاقتصاد غير المهيكل وإدماجه في الاقتصاد الوطني، ولفت إلى أن عمليات المساهمة التي ستقوم بها مختلف الفئات المعنية من مستقلين ومهنيين وغير الأجراء، ستمكن من تحديد مستويات الدخل لدى هذه الفئات الواسعة النشيطة وغير المدرجة مداخيلها ضمن قاعدة المعطيات الوطنية.

أما الأكاديمي والمحلل السياسي محمد بودن، فيرى أن تعميم الحماية الاجتماعية هي بمثابة جواب على التحديات الاجتماعية المستقبلية، مشيرا إلى وجود رغبة جماعية لتطوير هذه المنظومة.

وأشار في تصريح للجزيرة نت إلى أن هذا المشروع يمثل جهدا كبيرا بغرض الاستعداد الجيد للمستقبل في عالم يزداد فيه الغموض صحيا واجتماعيا، كما أنه يمثل النواة الصلبة للنموذج التنموي المنشود من أجل تحقيق العلامة الكاملة وولوج نادي البلدان الصاعدة.

المستفيدون من الحماية
يمرّ تنزيل هذا المشروع عبر 3 مراحل خلال 5 سنوات، سيتم في المرحلة الأولى (2021-2022) تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، وتوسيع الاستفادة ليشمل 22 مليون مستفيد إضافي من هذا التأمين الذي يغطي تكاليف العلاج والأدوية والاستشفاء، وخلال سنتي 2023 و2024 سيتم تعميم التعويضات العائلية لتستهدف 7 ملايين طفل.

أما المرحلة الأخيرة -وستكون سنة 2025- فتهم بتوسيع قاعدة المسجلين في أنظمة التقاعد، لتشمل 5 ملايين شخص يمارسون عملا ولا يستفيدون من أي معاش، كما سيتم تعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، ليشمل 5 ملايين شخص في أفق سنة 2025، من خلال تبسيط شروط الاستفادة من هذا التعويض.

واعتبرت النقابات الخمس الأكثر تمثيلية -في تصريحات لزعمائها- تعميم الحماية الاجتماعية خطوة مهمة ورائدة، من شأنها دعم الاستقرار الاجتماعي للعمال وتمتيعهم بحقوقهم في العمل اللائق.

آثار اقتصادية
وخصصت للبرامج المتعلقة بتعميم الحماية الاجتماعية 51 مليار درهم (حوالي 5.7 مليارات دولار) سنويا لتمويلها، منها 23 مليارا (2.5 مليار دولار) من الميزانية العامة للدولة، بينما سيتم تدبير باقي المبلغ من الاشتراكات والعائدات الضريبية المخصصة لتمويل الحماية الاجتماعية والموارد المالية المتأتية من إصلاح صندوق المقاصة.

واعتبر مريمي المقاربة المالية التي اعتمدتها الحكومة لتحديد آليات تمويل هذا الإصلاح، مجهودا مهما لضمان الاستدامة، من خلال تنويع مصادر التمويل وتعزيز نجاعتها.

ولفت إلى أن هذا المشروع الكبير بمقاربة تمويله ستكون له آثار اقتصادية مباشرة على البلاد، وستظهر تجلياته مستقبلا في ارتفاع الناتج الداخلي للفرد، ومنه الناتج الداخلي الإجمالي للبلاد، وسيرتفع معه الاستهلاك الداخلي، وسينخفض ادخار الأسر المؤسس على المخاوف من نفقات التطبيب التي كانت قائمة في غياب التأمين الأساسي عن المرض لدى شرائح واسعة من المجتمع.

وأكد محمد بودن على العلاقة بين الحماية الاجتماعية والنمو الاقتصادي والاستقرار، موضحا أن استدامة الحماية الاجتماعية من شأنها امتصاص ومقاومة التحديات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، علاوة على الاستثمار الاجتماعي في النمو الشامل وتجنب إثقال كاهل الاقتصاد بالتخلص تدريجيا من التحديات الاجتماعية، مما سينعكس على التنافسية ومناصب الشغل.

وكانت الحكومة قد أعدت قانون الحماية الاجتماعية وقدمت خطوطه العريضة في مجلس وزاري ترأسه الملك محمد السادس في فبراير/شباط الماضي قبل المصادقة عليه في البرلمان، ثم توقيع الاتفاقيات الأولى المتعلقة به يوم الأربعاء قبل الماضي بالقصر الملكي بفاس.
سياسة | المصدر: الجزيرة | تاريخ النشر : الخميس 22 إبريل 2021
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com