Akhbar Alsabah اخبار الصباح

دعوات في تونس لإلغاء عقوبة تعاطي الحشيش

استهلاك القنب الهندي تجتاح نقاشات المجتمع المدني في تونس مطالب لإلغاء عقوبة تعاطي المخدرات من صنف القنب الهندي (الحشيش) الذي تصل عقوبته إلى السجن 30 عاما، وتحرير استهلاكه وحتى زراعته، لكن المعارضين يعتبرون ذلك تسميما لعقول الشباب وجرهم إلى مربع الإدمان.

"ح" هو شاب من الذين سجنوا لسنة بسبب تعاطيه سيجارة حشيش، لكن بسبب إدمانه النشوة بقي يتعاطى القنب بلا توقف مع أن القانون شديد العقاب، ففي الشهر الماضي حكم على 3 شبان بالسجن 30 سنة لتعاطيهم سيجارة مخدرات.

ورغم مخاطر الوقوع في قبضة الأمن وصرامة أحكام المادة 52 المتعلقة بالمخدرات يستمر "ح" في التزود بالقنب يوميا من مروجين صغار منتشرين في شوارع الأحياء المهمشة، حيث دفعتهم البطالة لتجارة الحشيش.

يسترجع "ح" تجربته في السجن بعدما حكم عليه سنة واحدة بعد اتهامه باستهلاك القنب الهندي، فبعد ولوجه السجن رصد شبانا في ريعان سنهم محشورين مع مجرمين -بعضهم خطيرون- بسبب سيجارة، وفق قوله.

يقول "ح" إنه يتم الزج بهم في سجون زنازينها مكتظة، وأغلب نزلائها يعانون من مرض الجرب "لكن المعاناة لا تتوقف عند محنة السجن بل خارجه، حيث يبدأ الوصم والحرمان من العمل".

ويعاقب القانون 52 المتعلق بالمخدرات المستهلكين بالسجن لمدة تتراوح بين سنة و5 سنوات، وغرامة تتراوح بين ألف و3 آلاف دينار (370 إلى 1100 دولار).

كما يفرض عقوبة تتراوح بين 6 و10 أعوام لحيازة المخدرات أو شرائها أو التوسط أو زرعها، وعقوبة من 10 إلى 20 عاما لكل من استغل مكانا لتعاطي المخدرات.

ولا يتفهم هذا الشاب سبب تمسك الحكومات بعد الثورة في عدم تنقيح القانون 52 الذي فرضه الرئيس الراحل زين العابدين بن علي منذ 1992 سوى لشيء واحد -وفق تعبيره- هو مواصلة تسليط سيفه على رقاب الشباب الثائرين على السلطة.

والحل لإنقاذ الشباب من السجون -بالنسبة له- هو "إلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي وتقنينه وتوزيعه وفق معايير محددة.

ويضيف أن "على الدولة أن تقف إما إلى جانب شبابها أو إلى جانب المافيا والتهريب".

مافيا فساد
والمطالبة بإلغاء عقوبة تعاطي المخدرات طفت على السطح في خضم ما وصفها منتقدون بالأحكام القاسية بالسجن على الشبان الثلاثة، وارتفاع الاعتداءات الأمنية ضد الشباب والأطفال القصر في الاحتجاجات الأخيرة، وفق منظمات عدة.

من جهته، يقول قيس بن حليمة مؤسس حزب "الورقة" الداعي لتشريع استهلاك الحشيش للجزيرة نت إن هناك دولة ترتع داخل دولة مكونة من مهربين وأمنيين وسياسيين فاسدين متورطين في تجارة وتهريب المخدرات دون محاسبة.

ويرى أنه من غير المنطقي أن تتعامل الدولة التونسية مع مستهلكي القنب على أساس مجرمين في حين تقوم ببيع الكحول والسجائر الأكثر فتكا بالصحة، مؤكدا أن عدة دراسات علمية حديثة قد أثبتت منافع القنب.

ويسعى حزبه مع منظمات أخرى إلى دعوة النواب لتنقيح القانون 52 المتعلق بالمخدرات، من أجل إلغاء عقوبة السجن في حق مستهلكي المخدرات وتعويضها بمقاربة علاجية ونفسية واجتماعية، في انتظار تقنين القنب.

وطرح نواب قبل أيام مبادرة تشريعية لتنقيح فصول في القانون 52، وتعويض عقوبة السجن في المرتين الأولى والثانية بعقوبة بديلة "في محاولة للحد من الزج بمستهلكي القنب -وأغلبهم شبان- في السجون المكتظة".

رفض قاطع
لكن المطالب بإلغاء تجريم استهلاك القنب الهندي تواجه رفضا قاطعا بسبب تخوف المعارضين لها من تفاقم ظاهرة الإدمان لدى الشباب، في وقت تظهر فيه المعطيات الرسمية انقطاع 100 ألف تلميذ عن التعليم سنويا.

يقول رئيس الاتحاد لأصحاب المؤسسات الخاصة للتربية والتعليم والتكوين عبد اللطيف الخماسي للجزيرة نت إن من يطالب بتحرير المخدرات كمن يطالب بتحرير تسميم عقول الشباب وجرهم إلى مخاطر الإدمان.

ويرى الخماسي أن انتشار المخدرات في الوسط التربوي يهدد مستقبل الأجيال نتيجة تحويل وجهتهم من مصلحتهم بالدراسة والتدريب إلى الانقطاع عن التعليم وتعاطي المخدرات واتباع السلوكيات المحفوفة بالمخاطر.

وحسب تقرير وضع الطفولة الرسمي، ينقطع في تونس سنويا عن الدراسة أكثر من 100 ألف تلميذ، فيما أثبتت دراسات أنجزتها وزارة التربية أو منظمات المجتمع المدني كثرة انتشار المخدرات بالمدارس والمعاهد.

ويقول الخماسي "أنا ضد الإضرار بمصلحة أبنائنا في أن يمارسوا حقهم في التعليم والتدريب في محيط ملائم بعيدا عن الإدمان أو الانحراف"، مشيرا إلى مساهمة استهلاك المخدرات في تدمير الجهاز العصبي والصحة.
سياسة | المصدر: الجزيرة | تاريخ النشر : الأحد 14 فبراير 2021
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com