Akhbar Alsabah اخبار الصباح

ألمانيا تصنع قطع بحرية بالمليارات لمصر

قطع بحرية كشفت مصادر دبلوماسية مصرية مطلعة عن تحركات جديدة للنظام المصري من أجل إنفاق مزيد من الأموال على شراء الأسلحة، وبصفة خاصة على مستوى القوات البحرية، وذلك في أعقاب اللقاء الذي عقده عبد الفتاح السيسي، الخميس الماضي، مع بيتر لورسن، مالك ورئيس مجلس إدارة شركة "لورسن" الألمانية لصناعة السفن والفرقاطات واليخوت، بحضور قائد القوات البحرية المصرية الفريق أحمد خالد، والذي يعتبر حالياً واحداً من أقرب القيادات العسكرية للسيسي. وذكرت المصادر، التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أنّ الشركة الألمانية المعروفة بتصنيعها مجموعة من أشهر اليخوت الفارهة في العالم، والفرقاطات العسكرية السريعة والمدمرات، والتي تستخدمها حالياً القوات البحرية الألمانية والسعودية تحديداً، والفائزة أخيراً بأكبر عقد توريد مدمرات في تاريخ البحرية الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، تسعى للحصول على عقد تصنيع 6 فرقاطات جديدة لصالح مصر، ربما يستغرق تصنيعها 3 سنوات كاملة، وذلك في حوض تصنيع السفن الخاص بالشركة في بريمن شمال ألمانيا.

وأضافت المصادر أنّ العرض المقدم من شركة "لورسن" يتضمن مزايا تدريبية وتكنولوجية أكبر من المزايا التي سبق أن عرضتها شركات ألمانية وإيطالية أخرى لتصنيع الفرقاطات، إذ تشمل مشاركة 50 متخصصاً وعاملاً مصرياً في العمليات الإنشائية وإضافة الجوانب التقنية والتسليح، فضلاً عن منح الجيش المصري مساعدات لوجستية متقدمة للتعامل مع المدمرات ووسائل اتصال وتحكم حديثة.

وأوضحت المصادر أنّ قيمة الفرقاطة الواحدة يتراوح بين 500 مليون و650 مليون يورو، كاشفة كذلك أنّ شركة ألمانية أخرى هي "رينر" تعمل منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، على تنفيذ عقد تم توقيعه في سبتمبر/ أيلول الماضي لتوريد 3 سفن حربية بحلول عام 2023، فضلاً عن 3 سفن أخرى متفق على توريدها من مجموعة "تيسن" بمدينة كيل خلال عامين، إذ بدأ إنشاؤها عام 2019، وتبلغ قيمة كل من تلك السفن السابق الاتفاق عليها حوالي 500 مليون يورو.

وتسيطر على السيسي رغبة محمومة في رفع مستوى تسليح القوات البحرية، يحاول ترويج أنها تأتي في إطار المواجهة مع تركيا في منطقة شرق البحر المتوسط وليبيا، على الرغم من أنّ الدلائل والمؤشرات لا تنبئ باحتمال من هذا النوع، فضلاً عن تأكيدات متتالية من السيسي نفسه، على تجنّب أي تدخل عسكري في أكبر الأزمات التي تواجهها مصر والمتمثلة بأزمة ملف سدّ النهضة الإثيوبي. كما أنّ هذا يحدث في وضع اقتصادي مرير، لا يبدو في الأفق القريب أن مصر يمكن أن تتعافى منه. وفي حال إبرام العقد مع شركة "لورسن"، فسيكون تعاون مصر مع ألمانيا في هذا المجال قريباً من حالة التعاون المزدهر مع إيطاليا.

واشترت مصر من شركة "فيركانتيري" الإيطالية أخيراً فرقاطتين من نوع "فريم" مع السماح بحصولها على اثنتين أخريين حال الطلب خلال العام الحالي، وبقيمة 1.1 مليار يورو. كما تتضمن صفقة التسليح القياسية مع روما 4 فرقاطات على الأقل من نوع "كورفيت" (فرقاطة صغيرة سريعة ذات تكلفة تشغيل اقتصادية وتصلح للمعارك البحرية الصغيرة والتصدي للغواصات وحمل الطوربيدات)، وكذلك حوالي 22 من القوارب (اللانشات) الهجومية الخاطفة، مع تجهيز جميع هذه القطع بمنظومة حرب إلكترونية ورادارات وأجهزة حديثة للاستشعار عن بعد، وتوفير مدربين لتمرين الضباط المصريين على استخدام بعض المميزات التي ستكون جديدة على البحرية المصرية.

وعلى الرغم من الخلافات حول ملفات عديدة أهمها حقوق الإنسان والحريات السياسية والاجتماعية والأوضاع في ليبيا، وواقعة كشف الجاسوس المصري داخل مؤسسة المستشارية في برلين، فإنّ ملف التعاون في التسليح بين ألمانيا ومصر لم يصبه أي ضرر. فقبل ساعات معدودة من صدور تقرير هيئة حماية الدستور الألمانية في يوليو/ تموز الماضي، كاشفاً عن فضيحة الجاسوس المصري التابع لجهاز أمني (يعتقد أنه الأمن الوطني) والذي كان يعدّ تقارير عن أوضاع المصريين في ألمانيا بالأساس؛ أبلغ وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير، البرلمان بموافقة مجلس الأمن الاتحادي على تصدير رابع غواصة لمصر في عامين، مما أثار انتقادات سياسية وحقوقية من أحزاب وقوى مختلفة ووسائل إعلام، علماً بأنها ثاني غواصة تتسلمها مصر في عام واحد من طراز (S-34 209/1400) بعد التي تسلمتها في إبريل/ نيسان الماضي.

وخلال الربع الأول من العام الحالي، باعت ألمانيا أسلحة لمصر بقيمة 308 ملايين يورو، وبإضافة الغواصة الرابعة وبعض الصفقات الأخرى المحتملة قبل نهاية العام - بحسب مصدر مصري مطلع - فإنّ قيمة الاستيراد مرشحة للزيادة عن العام الماضي.

ففي عام 2019، اشترت مصر أسلحة من ألمانيا بقيمة 801 مليون و847 ألف يورو، متفوقة على بريطانيا والولايات المتحدة والجزائر وكوريا وأستراليا وقطر، وجاءت فقط خلف المجر التي اشترت أسلحة بقيمة مليار و769 مليوناً و869 ألف يورو، في إطار خطة رئيس الوزراء اليميني فيكتور أوربان - الذي تجمعه علاقة وطيدة بالسيسي - لتحديث الجيش المجري.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وخلال استقباله وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، تحدّث السيسي عن أهمية المضي قدماً في إصدار الحكومة الاتحادية الألمانية أذون التصدير لمصر من شركات السلاح في مختلف الولايات الألمانية، علماً بأنّ بعض طلبات الشراء قوبلت بالرفض من برلين بسبب تقارير استخباراتية ألمانية عن عدم وضوح سبب شراء مصر لتلك الأسلحة، أو الاشتباه في إعادة تصديرها لدول محظورة أو استخدامها في اليمن وليبيا.

وعلى الرغم من تأكيد حكومة المستشارة أنجيلا ميركل على ضرورة الحفاظ على العلاقة الخاصة مع مصر كشريك استراتيجي، خصوصاً على المستوى الاقتصادي والإقليمي، إلا أنّ ماس في تلك الزيارة وجه انتقادات معتادة من المسؤولين الأوروبيين عموماً والألمان خصوصاً، بشأن حالة حقوق الإنسان والتعامل الأمني مع المعارضة والمتظاهرين، وقال إنه "من الضروري للمصريين أن يتنفسوا نسائم الحرية".

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، صعدت الأوضاع الحقوقية في مصر إلى سطح الجدل العام، بعدما منحت دار أوبرا دريسدن وسام "القديس جورج" للسيسي، بحجة أنه "حامل للأمل، ومشجع لقارة أفريقيا بكاملها"، الأمر الذي يعكس انقسام الدوائر الألمانية الرئيسية حول أهمية التعامل مع السيسي، على الرغم من كل الملاحظات السلبية على سجله الحقوقي والسياسي. وأدت المعارضة السياسية لقرار دار الأوبرا إلى إعلانها التراجع عن منح السيسي وسامها بعدما سلمته إياه باحتفالية بالقصر الرئاسي في القاهرة.
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الأحد 23 اغسطس 2020
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com