Akhbar Alsabah اخبار الصباح

احتكموا للشارع فجاءهم الرد مدويا

ياسر الزعاترة كما توقعنا وتوقع كثيرون، جاءت حشود التأييد للرئيس المصري أكبر من قدرة أولئك على التوقع، هم يحسبونها بطريقتهم: حصل حمدين صباحي على نسبة كذا، وعمرو موسى على نسبة كذا (يضيفون أبو الفتوح مع أنه لم يساندهم تمامًا)، ثم وهذا هو الأسوأ في الخطاب، يضيفون ما حصل عليه أحمد شفيق رغم أنَّهم يعلمون إلى أية حقبة ينتمي!!

ليكن، هذا هو الرئيس المنتخب، وهذه هي قراراته. هو ليس دكتاتورًا ولن يكون، فزمن الثورة أهال التراب على زمن الدكتاتورية؛ ومرسي قبل غيره يعلم ذلك تمام العلم، لكن الرجل لم يخرج بإعلانه الدستوري لأنه يريد أن يتحول إلى "فرعون" بحسب تعبير "شيخ الثوار"!! محمد البرادعي، بل فعل ذلك لأنَّ الدولة العميقة كانت تطارده ومعها بعض المحسوبين على الثورة، وعينهم على إقصائه هو في ختام المطاف، هم الذين لا يراه بعضهم وعموم الإسلاميين غير جديرين بغير السجون.

في أرقى الديمقراطيات يفوز الرئيس بنسبة ضئيلة من الأصوات، لكن أحدًا لا يخرج مشككًا في شرعيته، ومن يطاردون مرسي اليوم إنَّما يبحثون عن ذريعة، بدليل أنهم لم يتوقفوا عن مطاردته في أية محطة.

شُكلت لجنة تأسيسية للدستور ممثلة لكافة قوَى الشعب، لكنهم طاردوها، واضطروا- بدعم قوى الخارج- كثيرًا من المشاركين فيها إلى الانسحاب رغم قناعتهم بأنَّها تصيغ دستورًا من أرقى الدساتير، وصلاحيات الرئيس فيه من أقل الصلاحيات في تاريخ مصر الحديث، من دون أن نعدم ملاحظة عليه هنا أو هناك.

ماذا يريد أولئك القوم؟ الرئيس يريد دستورًا راقيًا واستفتاءً سريعًا عليه، وبعد ذلك انتخابات حرة ونزيهة لمجلس الشعب لكي يتولى مهمة التشريع، فأين هي الدكتاتورية وأين هي الفرعونية؟ّ أي فرعون هذا الذي يتفرعن لشهور قليلة، هو الذي لم يعتقل معارضًا قط، ولم يستخدم العنف ضد أي كان؟!

لم يفعل ذلك رغم أنَّ إعلام الفلول لم يتوقف لحظة عن استباحة شخصه وعرضه كما لم يحدث في تاريخ مصر، بما في ذلك زوجته التي ركبت الدرجة السياحية في طائرة مع أبناء الشعب لكي تذهب للعمرة، فخرجوا يقولون إنها تتسوق في مدينة جدة.

هم اختاروا الشارع بدعوى تمثيله، فخرجوا بعشرات الآلاف، فكان الرد بالملايين، ليس في القاهرة وحدها، بل في الإسكندرية وأسيوط وسواها. هم اختاروا الشارع، فجاء الرد سريعًا عبر تجمعات قالت كلمتها مثلما قالوا كلمتهم، فما هو الحل؟ هل نواصل الحشود إلى ما لا نهاية؟

إنَّ الحل أيها السادة هو الصناديق بالاستفتاء أولاً، وبانتخاب مجلس الشعب ثانيًا، وليقل الشعب كلمته، أليست هذه هي الديمقراطية التي ينادون بها؟!

الدستور جاء توافقيًا في الغالبية الساحقة من بنوده، ولا يمكن لأي دستور في الدنيا أن تمر كل تفصيلاته بالإجماع، ويكفي أنه دستور حضاري يكرس الحرية والتعددية دون إقصاء ولا تهميش.

لقد كنا خلال الأيام الماضية إزاء هجمة بالغة الشراسة شاركت فيها قوًى كثيرة، من الداخل والخارج. والذين يقولون إننا نتوهم المؤامرة يعلمون تمامًا أن هناك دولاً عربية ساهمت ولا تساهم في المعركة ضد مرسي والإسلاميين إعلامًا وتمويلاً، وتستغرب هنا من حضور إيران في المشهد (ماذا تعني مشاركة إعلام ذي ولاء إيراني في الهجمة على مرسي؟!)، فضلاً عن رجال أعمال وفضائيات تتبعهم ودولة عميقة لا تزال حاضرة.

لقد آن ننتهي من هذه المتوالية البائسة من الاستنزاف، وآن أن يعترف أولئك القوم باللعبة الديمقراطية لحل مشكلة الانقسام، فليتفضلوا ويصوتوا ضد الدستور ويسقطوه (أليسوا يقولون إنهم أغلبية؟!)، ثم تأتي بعد ذلك الانتخابات التي يحصل فيها كل طرف على ما يستحقه من أصوات الشعب.

ما يعنينا هو مصر القوية التي تكرس ربيع العرب. الربيع الذي تستهدف الآن من أجل إجهاضه، فمعسكر الخائفين من ربيع العرب هم الذين يتآمرون على الثورة المصرية، وهم أنفسهم الذي لا يريدون لمصر أن تتماسك وتأخذ دورها في نهضة الأمة.
سياسة | المصدر: ياسر الزعاترة | تاريخ النشر : الأحد 02 ديسمبر 2012
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com