Akhbar Alsabah اخبار الصباح

اقتصاد مصر السادس عالميًا خلال الفترة القادمة

اقتصاد مصر “مصر قد تصبح ضمن الاقتصادات السبعة الكبرى في العالم بحلول عام 2030، بناتج محلي إجمالي اسمي يبلغ 8.2 تريليون دولار”، تصريح صدر عن بنك ستاندرد تشارترد البريطاني، وأثار جدلا كبيرا بشأن خلاصة هذا التوقع، خاصة عند من قارنوا هذه التوقعات بحقائق الواقع الأسود.

يأتي ذلك رغم انخفاض قيمة الناتج المحلي لمصر من 335 مليار دولار قبل التعويم إلى 230 مليار دولار العام الماضي، وحدد باحثو البنك توقعات طويلة الأجل، لسبع أسواق ناشئة حاليا ستكون من بين أكبر عشرة اقتصاديات عالميا في 2030، بينما أكدت مذكرة بحثية نشرتها وكالة بلومبرج مؤخرا- نقلا عن البنك- أن التوقعات تستند إلى تغيير ترتيب الناتج المحلي الإجمالي في العالم.

وبنى التقرير توقعاته للنمو على المدى الطويل مدعوما بمبدأ رئيسي وحيد، هو أن حصة البلدان من الناتج المحلي الإجمالي العالمي يجب أن تتقارب مع نسبتهم من سكان العالم. وشهد الاقتصاد المصري تحت حكم العسكر بعد انقلاب 3 يوليو 2013، العديد من الممارسات والسياسات الخاطئة، التي كان لها العديد من التداعيات الخطيرة ليس فقط على حاضر هذا الاقتصاد ولكن على مستقبله.

الأشد غرابة من مزاعم تقرير بنك ستاندرد تشارترد البريطاني، هو ما قاله الاقتصادي طلال أبو غزالة، رئيس مجموعة طلال أبو غزالة الدولية للمحاسبة والاستشارات الإدارية ونقل التكنولوجيا، بأن مصر ستصبح سادس أقوى اقتصاد على مستوى العالم بحلول عام 2030، والسؤال: من أين له بهذه الثقة في الكذب؟



من أين يا طلال؟

أبو غزالة قال، في حلقة جديدة له من برنامج “العالم إلى أين” المذاع على فضائية “روسيا اليوم”: إنه وبحسب دراسة أمريكية فإنه وبحلول عام 2030 سيكون الاقتصاد الصيني هو الاقتصاد الأكبر في العالم، وبضعف الاقتصاد الأمريكي تصبح الهند الاقتصاد الثاني في العالم.

وأوضح أن الاقتصاد الأمريكي سيأتي في المرتبة الثالثة، بينما سيأتي الاقتصاد الروسي في المرتبة الرابعة، ثم إندونيسيا في المرتبة الخامسة، مؤكدا أنه بحلول عام 2030 سيكون الاقتصاد المصري في المرتبة السادسة على مستوى العالم!.

وأشار إلى أنه منذ 10 سنوات صدر تقرير من الأمم المتحدة يعلن أن الدول ذات الزيادة السكانية الكبيرة ستواجه مشاكل اقتصادية كبيرة، وهو ما انتُقد بشدة وقتها؛ لأن الدول الأكثر شبابا هى الأكثر إنتاجا، والطاقة الإنتاجية في عصر المعرفة لا تقاس بحجم رأس المال، إذ إن القيمة هي للاختراعات وللأشخاص الذين ينتجون الاختراعات، لذا فلدى الدول الكبيرة سكانا كالهند ومصر مثلا فرصة كبيرة لتحقيق نمو سريع.

وشدد على أن مصر اليوم بحجمها الكبير نسبة النمو فيها تزيد على 8% من الناتج القومي وهي أعلى نسبة في العالم، في حين أن نسبة النمو في الصين انخفضت إلى 7%، والدول الأوروبية نسبة النمو فيها 2%، في حين انخفضت نسبة النمو في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 0%.

وزعم أبو غزالة أن مصر تنفرد عن دول العالم بارتفاع نسبة النمو نتيجة عدد سكانها الكبير واستثمارها في البنية التحتية، حيث ركزت مصر في سياساتها الأخيرة على بناء بنية تحتية تساعد على إنتاج الثروة.

وقال إن ما تعانيه مصر في تلك الفترة هو عدم وجود توعية حقيقية، في أن ما تبنيه الدولة هو استثمار للأجيال القادمة، مشيرا إلى أن الدول التي تعمل على رشوة شعوبها دون وجود استثمار مستمر في البنية التحتية والمستقبلية؛ لن يستمر نجاحها.



هى نقصاك؟!

وساخرا يعلق الكاتب الصحفي صبحي بحيري بالقول: “رجل أعمال أردنى اسمه طلال أبو غزالة قال إن اقتصاد مصر السادس عالميا خلال الفترة القادمة، لا أدرى لماذا الترتيب السادس تحديدا.. ليه مش الخامس أو السابع مثلا” .

وقال بحيري، في منشور له على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك رصدته “الحرية والعدالة”: “طلال الذى يملك مجموعة استشارات قانونية، ويعمل فى الإمارات منذ ثلاثة عقود قال هذا الكلام فى برنامج تلفزيوني قبل أيام، معنى ذلك أن مصر ضمن مجموعة الثمانية الكبار فى القريب، رغم تراجع عائدات القناة وتحويل العاملين بالخارج وعائد الصادرات والحديث المتواصل عن كساد فى كل أرجاء الكوكب، يفوق ما شهده الاقتصاد العالمي فى ثلاثيات القرن الماضى”.

وأضاف بحيري: “صديق أردنى قال لى إن للأخ طلال مصلحة معطلة لدى الحكومة المصرية، وإن هذه التصريحات عربون محبة لتخليص المصلحة, سؤال يا أخ طلال: ما مصير صاحب المركز السادس الذى يتوقع أن تحتله مصر؟”.

وختم بالقول: “يا أخ طلال لو خرج جون مينارد كينز.. وآدم سميث.. وجون ستيورت من قبورهم الآن، وطلبنا منهم توقع ما يحدث الشهر القادم لفشل الثلاثة فى المهمة.. يا عم طلال كفاية علينا عبد العاطي ومخترع الشلولو ومصطفى بكرى…هى نقصاك؟”.



غير واقعي

وقال الأكاديمي المصري الدكتور عادل دوبان: “لا أظن أن ما نشرته الوكالة نقلا عن البنك البريطاني وذكره أبو غزالة، له بصيص من الواقع”.

وأكد الخبير الاقتصادي مصطفى شاهين، أنه لا يوجد مبررات اقتصادية لهذا التوقع، فلم يحدث أن زادت الاستثمارات المحلية للحكومة، ولا الاستثمارات الأجنبية، ولا الصادرات، بل على العكس كل الإحصائيات تعكس زيادة بالمديونية الداخلية والخارجية.

وأشار إلى واقعة سابقة، عندما تحدثت تقارير عن أن الناتج المحلي الإجمالي المصري سيبلغ 8.2 تريليون دولار، وأن مصر ستبلغ 11 عالميا عام 2017، وأن حجم الناتج سيبلغ 1.2 تريليون دولار، مؤكدا أن هذا لم يحدث على الإطلاق.

جاء الرئيس الشهيد محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب، واستلم مهامه في 30 يونيو 2012 وكان سعر صرف الدولار 6.06 جنيه، وتم الانقلاب عليه في 3 يوليو 2013، وقد بلغ سعر صرف الدولار 7.03 جنيه، بانخفاض للجنيه 97 قرشا، وقد شهدت تلك الحقبة تآمرا واضحا بيد العسكر ودولتهم العميقة ومن استخدموهم لتحقيق مآربهم الرخيصة للحيلولة دون تحقيق الرئيس مرسي برنامجه الانتخابي ومشروعه التنموي النهضوي، ولم تشهده حقبته حظا من المنح الخليجية السخية التي عرفت طريقها للانقلابيين فيما بعد، ومع ذلك لم يتجاوز الانخفاض في سعر الجنيه نسبة 16.

ومع مجيئ عهد الانقلاب ليدير العسكر البلاد مرة أخرى من خلال الانقلابي المؤقت عدلي منصور، من 3 يوليو 2013 حتى يونيو 2014، ينخفض الجنيه المصري بنسبة 1.8% بمبلغ 12 قرشا، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى 7.15 جنيه.

ثم جاء جنرال إسرائيل السفيه عبد الفتاح السيسي، ومن وقتها والجنيه المصري يشهد انخفاضا مستمرا رغم الدعم الخليجي الذي تجاوز 50 مليار دولار والذي لم يعرف طريقه بشفافية إلى موارد الدولة الدولارية، وقد غلب على تلك الفترة حتى يومنا هذا غياب الاستقلالية للبنك المركزي وغلبة القرارات العسكرية للحيلولة دون انهيار الجنيه المصري.

فمع وصول سعر صرف الدولار الرسمي في نهاية شهر يناير 2015 إلى 7.59 جنيه، وضع البنك المركزي حدا أقصى للودائع المصرفية الدولاية قدره 10 ألف دولار يوميًا، وبما لا يزيد على 50 ألف دولار في الشهر.

وقد حجمت تلك القيود من زيادة سعر الجنيه مقابل الدولار نوعا ما. ولكن لم يستمر الأمر طويلا، فقد قام البنك المركزي بتخفيض قيمة الجنيه في عطائه الدولاري يوم الخميس 2 يوليو 2015 عشرة قروش ثم يوم الأحد 5 يوليو 2015 بعشرة قروش أخرى ليقفز السعر إلى 7.83 جنيه ثم استمر التخفيض في 18 أكتوبر بعشرة قروش إضافية ليرتفع الدولار إلى 7.93 جنيه بالبنك المركزي، وإلى 8.03 جنيه بالبنوك مقابل 7.93 جنيه قبل ذلك التاريخ.

وقفز سعر الدولار إلى 8.40 جنيه بالسوق الموازية واستمر في ارتفاعه حتى اقترب من التسعة جنيهات، وهو ما يعني انخفاض الجنيه المصري في السوق الرسمية بقيمة جنيه واحد ونسبة انخفاض 14.2% منذ بداية الانقلاب وفي السوق الموازية تجاوزت النسبة 20%.

وبعد إقالة محافظ البنك المركزي هشام رامز، وتعيين طارق عامر خلفا له قام البنك المركزي يوم 11 نوفمبر 2015 بزيادة سعر الجنيه بعشرين قرشا مقابل الدولار. وقد حملت هذه الزيادة علامات تعجب، فالواقع لا يؤيده والبيانات الاقتصادية ترفض تبريره خاصة وأنه يمثل تبديدا لموارد مصر الدولارية.

ولم يكن ذلك سوى فرقعة إعلامية وحرب نفسية ونوع من المقامرة ومحاولة يائسة لإرباك المتعاملين بسوق الصرف الموازية والحيلولة دون الدولرة بتحويل أصحاب الأموال ما بحوزتهم من جنيهات إلى دولارات، وقد بدت النقطة الأخيرة واضحة في اتجاه البنوك المصرية لطرح شهادات ادخار بالجنيه المصري لمدة ثلاث سنوات بعائد 12.5% سنويا للحيلولة دون الدولرة والضغط على الجنيه المصري.

ولا يغيب عن المشهد الاقتصادي بمصر سيطرة الجيش على المقدرات الاقتصادية بالبلاد، وأصبح الجيش ينافس قطاع الأعمال في إنتاج الغذاء ومواد البناء، بل امتدت هذه التجاوزات ليُسمح للجيش المصري المعني بحراسة الحدود، بأن يقيم شراكات مع المستثمرين الأجانب، فماذا بقى للمجتمع الاقتصادي المدني من مساحات للعمل؟
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الجمعة 24 إبريل 2020
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com