Akhbar Alsabah اخبار الصباح

إسرائيل تكشف عن وثائق زيارة أنور السادات للقدس المحتلة

أنور السادات بمناسبة مرور 35 عاما على الزيارة التى قام بها الرئيس الراحل، أنور السادات، للقدس المحتلة، والتى قادت إلى التوقيع على معاهدة السلام المصرية ــ الإسرائيلية، نشر الأرشيف الإسرائيلى مجموعة مختارة من الوثائق تلقى الضوء على الأحداث التى سبقت هذه الزيارة وعن تفاصيلها.



وتتضمن هذه الوثائق معلومات تتعلق برد الحكومة الإسرائيلية على قرار السادات زيارة القدس، والمفاوضات السرية بين مصر وإسرائيل للترتيب للزيارة، فضلا عن برامج استمرار المفاوضات. وصنف الأرشيف الإسرائيلى تلك الوثائق، وهى فى معظمها محاضر لجلسات الحكومة أو لوزارة الخارجية، إلى سبعة أقسام.



بينما يركز القسمان الأوليان على مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك، مناحم بيجين، يتحدث الثالث عن الاتصالات السرية بين مصر وإسرائيل بعد انتخاب بيجين رئيسا للحكومة، وتشكيل حزب الليكود اليمينى للحكومة.



ففى نهاية أغسطس عام 1977 سافر بيجين إلى رومانيا، الدولة الشيوعية الوحيدة التى كانت لها علاقات مع إسرائيل، وكانت تتمتع فى الوقت نفسه بعلاقات طيبة مع العالم العربى. ووفقا للتقرير الرسمى عن لقاء بيجين مع الرئيس الرومانى حينها، نيكولاى تشاوشيسكو، أعرب الأخير عن تأييده للموقف العربى، واقترح على إسرائيل أن تجرى مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، فيما طلب بيجين من تشاوشيسكو أن ينقل رسالة إلى السادات وإلى حافظ الأسد بأن إسرائيل مهتمة بالسلام.



وفى التقرير الذى قدمه بيجين للحكومة عن زيارته ولقائه مع تشاوشيسكو، قال إنه سمع أن السادات وافق على عقد لقاء مباشر بين مسئولين مصريين وإسرائيليين. وتقول الوثائق الإسرائيلية إن رسالة السادات دفعت إسرائيل إلى استثمار علاقتها الطيبة مع ملك المغرب، الحسن الثانى، الذى كان قد دعا العرب إلى الاعتراف بإسرائيل.



ففى صيف عام 1977، زار رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلية، يتسحاق حوفى، العاصمة المغربية الرباط، والتقى مع نائب رئيس الحكومة المصرية، حسن التهامى. وفى الرابع من سبتمبر من نفس العام، سافر وزير الخارجية الإسرائيلى، موشيه ديان، إلى المغرب، متنكرا حيث وضع شاربا وباروكة واستخدم نضارة شمسية غامقة.



ديان تحدث مع الملك الحسن الثانى عن صعوبات المفاوضات مع كل دولة عربية على حدة، وعن مخاوف مصر من عقد سلام منفرد مع إسرائيل، طالبا من الملك تنظيم لقاء على مستوى رفيع مع الرئيس السادات أو نائبه حسنى مبارك يشارك فيه من الجانب الإسرائيلى ديان أو بيجين نفسه. وتعهد الملك بتقديم رد خلال خمسة أيام، وبالفعل فى التاسع من الشهر ذاته وصلت رسالة بالموافقة من مصر.



وتفيد إحدى الوثائق السرية، المؤرخة بيوم الحادى عشر من سبتمبر، أن المصريين يوافقون على عقد لقاءات على أن يكون الأول بين التهامى وديان بحضور أمريكى، يليه لقاء ثان بين السادات أو مبارك مع بيجين.



وفى الثامن عشر من سبتمر 1977 سافر ديان متنكرا للمرة الثانية إلى المغرب، حيث التقى التهامى، ثم عاد فورا إلى إسرائيل للتشاور مع بيجين حول الرسالة التى بعث بها السادات. إذ وثيقة برقم 12 أن التهامى أكد خلال المقابلة أن السادت لم يكن يثق فى الحكومة الإسرائيلية السابقة، وأن الحكومة الحالية يمكنها أن تتخذ قرارات حيوية وأنه يثق فينا.



وأضاف التهامى، وفقا للوثيقة، أن السادات وافق على إجراء محادثات مباشرة، ولكنه يشترط لعقد اللقاء موافقة مسبقة من بيجين على الانسحاب الإسرائيلى من المناطق العربية المحتلة، وأن على مصر وإسرائيل التوصل إلى اتفاق قبل عقد مؤتمر جينيف ودون مشاركة الأمريكيين، على أن يعرض الاتفاق بعد ذلك على أنه بمبادرة أمريكية.



وكذلك تعهد السادات، بحسب الوثيقة، بالسيطرة على الفلسطينيين. وتم الاتفاق خلال المقابلة على أن تتبادل مصر وإسرائيل مقترحات السلام والإعداد لجلسة عمل أخرى بينهما. ووفقا لتقرير تفصيلى أعده جهاز الموساد ونشره الأرشيف الإسرائيلى عن المباحثات بين التهامى وديان فإن اللقاء عقد فى دار الضيافة الملكى الملاصق لقصر الملك، وحضر اللقاء الملك الحسن الثانى ورئيس الحكومة المغربية ووزير البلاط الملكى، ومندوب إسرائيل فى المغرب، واستمر اللقاء أربع ساعات.



وخلال اللقاء، قال التهامى إن السادات يعتبر نفسه جنديا احتلت أرضه، ويريد سلاما لا استسلاما، وإنه إذ وعد بيجين بعودة الأرض المصرية المحتلة، فإن السادات سيكون مستعدا لبحث جميع المشاكل الأخرى، مشددا على أن السادات لن يوقع على اتفاق سلام منفرد، لكنه مقتنع بأن سوريا والأردن ستحذوان حذوه.



فيما حاول ديان قبل نهاية اللقاء الحصول على رد بشأن ما إذا كانت الموافقة على الانسحاب من جميع المناطق المحتلة شرط لعقد اللقاء الإسرائيلى مع السادات، فرد الملك الحسن بأنه يعتقد أنه لا حاجة إلى ذلك، أما رد التهامى، كما تقول الوثيقة، فلم يكن واضحا.



كذلك تتناول وثيقتان سريتان من محاضر مجلس الوزراء الإسرائيلى الزيارة التى قام بها مبعوث رومانى إلى إسرائيل يحمل اقتراحا من الرئيس الرومانى لعقد لقاء آخر بين مسئول مصرى رفيع المستوى مع مسئول إسرائيلى فى بوخارست، برعاية الرئيس الرومانى.



وتقول إحداهما إن بيجين أخبر السفير الأمريكى فى إسرائيل بهذا الاقتراح الذى وافق عليه السادات، وأن نائبه حسنى مبارك يمثل مصر فى هذا اللقاء. فى حين قرر بيجين أن يمثل ديان إسرائيل. وقد رحب السفير الأمريكى بعقد هذا اللقاء، لكنه دعا إلى الحفاظ على سرية هذه اللقاءات؛ لأن السوريين ينشرون شائعات عن أن المصريين يخططون لعقد صفقة منفردة مع إسرائيل.



بينما تشير وثيقة سرية صادرة من وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أن وزير الخارجية الأمريكى السابق، هنرى كسينجر، الذى تطلق عليه الوثيقة اسما حركيا هو حزقياهو، علم بالاتصالات السرية المصرية ــ الإسرائيلية فى رومانيا، وحذر من أن تتسرب أنباء هذه اللقاء إلى السوفييت.



ويتناول القسمان الرابع والخامس من الوثائق الإسرائيلية مبادرة الرئيس السادات لإلقاء خطاب أمام الكنيست الإسرائيلى، ورد الفعل الإسرائيلى على هذه الدعوة، والاستعدادات للزيارة التى أطلقت عليها الوثائق اسم «عملية البوابة».



ولم تحظ مبادرة السادات بترحيب فى إسرائيل، حيث حذر رئيس الأركان، مردخاى جور، من أن تكون الرغبة فى زيارة إسرائيل «مناورة خداعية من المصريين للتغطية على عملية ضد إسرائيل». لكن بيجين رفض هذا الرأى، وأرسل دعوة رسمية إلى السادات لزيارة إسرائيل عبر السفير الأمريكى فى تل أبيب، الذى قام بدوره بإرسال نسخة من تلك الدعوة إلى السفير الأمريكى فى القاهرة؛ لنقلها إلى السادات.



شكلت إسرائيل لجنة برئاسة مدير مكتب رئيس الحكومة، إلياهو بن إليشار، الذى أصبح فيما بعد أول سفير لإسرائيل فى مصر للإعداد لترتيبات زيارة السادات. وأبلغ السادات الإسرائيليين أن الزيارة ستستمر لمدة يومين، وأنه يرغب فى زيارة المسجد الأقصى لصلاة عيد الأضحى. فيما طلب بيجين من السادات زيارة متحف «ياد فاشيم» المقام لتخليد ضحايا الهولوكوست، فاستجاب السادات لهذا الطلب بناء على نصيحة الرئيس الأمريكى، جيمى كارتر.



وتشير الوثيقة رقم 24 من وثائق مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أن موشيه شارون، مستشار رئيس الحكومة للشئون العربية، طالب بتقليل عدد المصلين فى المسجد الأقصى خلال زيارة السادات؛ خشية تعرضه لمحاولة اعتداء.



وقد عقد أول لقاء عمل بين الوفدين المصرى والإسرائيلى فى مساء اليوم الأول لزيارة السادات، وخيم على اللقاء كما يقول ديان جو من الكآبة نتيجة الخطابين اللذين ألقاهما بيجين والسادات فى الكنيست. وتفيد الوثيقة رقم 29 بأن السادات رفض تناول النبيذ خلال اللقاء؛ لأنه محرم فى الإسلام، ثم تلا هذا اللقاء آخر منفرد بين السادات وبيجين.



وتقول إحدى الوثائق المعنونة بسرى جدا، والصادرة عن وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن السادات طلب خلال لقائه بيجين أن تنسحب إسرائيل بالكامل من سيناء وأبدى استعداده لنزع السلاح من سيناء، وعلى وجود قوات تابعة للأمم المتحدة فى شرم الشيخ، وأن تصبح منطقة المضيق منطقة ملاحة دولية.



وفيما يتعلق بالفلسطينيين لم يكن السادات مهتما بموقف منظمة التحرير الفلسطينية من المفاوضات حول قيام دولة فلسطينية ولذلك فقد قال لبيجين خلال اللقاء: ما الذى يضيرك فى قيام دولة فلسطينية.. إن منظمة التحرير الفلسطينية سيأكل بعضها بعضا. هلم نبحث إقامة دولة فلسطينية. واضاف السادات أن موشيه ديان هو الرجل الذى يفهم العرب والدول العربية.
سياسة | المصدر: الشروق - محمد حامد | تاريخ النشر : الخميس 29 نوفمبر 2012
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com