في تبريره لانهيار منظومة اقتصاد بلاده، انتقد رسول الكيان الصهيوني لتدمير مصر، السفيه عبد الفتاح السيسي، المواطنين المشتكين من ارتفاع تكاليف المرفقات العامة والمواصلات، وقال: “المواطن اللي بيشتكي وبيقول أنا مش قادر.. أنا كمان غلبان مش قادر”، وتابع: “إحنا كمان مش قادرين.. نجيب منين”.
إلَّا أنّه ومن حين لآخر ومن باب تخدير الشعب، يخرج وزير أو وزيرة في حكومات سكرتارية العسكر يطعم الشعب معسول الكلام، بينما يكمن السم الزعاف بين السطور، من ذلك ما قالته سحر نصر الدين، وزيرة التعاون الدولي السابقة: “هييجى يوم نقرض فيه الدول بس شوية كدا عشان إحنا بدأنا متأخر”!.
مصر تشحت!
وشرعت عصابة الانقلاب، في الشهور الماضية، بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، شمل تحرير سعر صرف الجنيه، وتطبيق قانون القيمة المضافة، ورفع أسعار المواد البترولية والكهرباء، وذلك قبل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
ومن جملة الخراب المستعجل على يد السفيه السيسي، ما أكَّدته وزارة التموين في حكومة الانقلاب بأنها تسعى لشراء كميات لم تحددها من القمح من عدة دول بالعالم لسد حاجة السوق المحلية، لتصبح أكبر مستورد للقمح عالميا، وذلك بعد أن كانت من كبرى الدول تصديرا لهذه السلعة الاستهلاكية.
وقال وزير التموين في حكومة الانقلاب اللواء علي مصيلحي: إن مصر ستفتح باب استيراد بعد قرب انتهاء المحصول المحلي، وبيَّن أن مصر اشترت 3.264 مليون طن من القمح المحلي حتى الآن هذا الموسم، وتمتلك احتياطيا استراتيجيا منه يكفي لتلبية حاجاتها 4.8 شهر فقط.
ودأبت عصابة الانقلاب على شراء شحنات من القمح اللين أو قمح الطحين من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا وبولندا والأرجنتين وروسيا وكازاخستان وأوكرانيا ورومانيا وبلغاريا والمجر وباراغواي وصربيا.
ويعود تراجع مصر في زراعة القمح وعدم تحقيقها الاكتفاء الذاتي، إلى سياسات العسكر في تقليص المساحات المزروعة منه، وإدخال محاصيل جديدة مثل “الكانتلوب” و”الفراولة” بدلا من زراعة القمح.
فناكيش بالمجان
وكان السفيه السيسي قد وعد المصريين بتنفيذ فنكوش زراعة 1.5 مليون فدان قمح في يناير 2018، ولكن الفنكوش لم ينفَّذ وتوقّف عند استصلاح الجيش لعشرة آلاف فدان فقط.
يشار إلى أن القمح كان من أهم المحاصيل التي يزرعها المصريون، ويصدّرونها إلى غالبية دول العالم، إذ صُنّفت مصر على مدى سنوات طويلة، بأنها من أكبر مورِّديه عالميًّا.
يأتي ذلك الخراب بينما تستمر مساعي كيان العدو الصهيوني لتحقيق رؤيتها الساعية لتحطيم وتدمير اقتصاد الدول العربية؛ لترسيخ وجودها في الشرق الأوسط والمرور نحو دول العالم الإسلامي، وتعد مصر بوابتها لتحقيق هذه الغاية، منذ توقيع اتفاقية “كامب ديفيد” في سبتمبر 1978.
تطبيع علني
عملية إعادة ترتيب أوراق المنطقة بعد ثورات الربيع العربي التي قادها الشباب، سنة 2011، سعيًا للحرية والاستقلال من سيطرة الأنظمة الشمولية المتسلطة، انتكست في مصر وجاءت بالعميل الصهيوني السفيه السيسي، ومحمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية، ورسخت حكم شيطان العرب محمد بن زايد في الإمارات، وأسهمت في فتح الباب على تطبيع علني مع كيان العدو الصهيوني.
وأصبح ما كان يُبحث تحت الطاولة يجري فوقها، وباتت المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة يتسيّد فيها الكيان الصهيوني المشهد العربي والإسلامي سياسيا واقتصاديا بعد رفض دام عقودا طويلة.
وخلال حفل أقيم بمنزل سفير العسكر لدى كيان العدو الصهيوني، خالد عزمي، في 10 يوليو 2019، قال بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء العدو الصهيوني: إن “إسرائيل تقيم تعاوناً مع مصر في مجالات من شأنها تحسين الرفاهية الاقتصادية لنا، وفي هذه اللحظة بالذات ننفذ مشروعا تجريبيا حيث يتدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر، على أن تزيد وتيرته بعد أربعة أشهر”.
وأضاف: “المشروع ليس ثنائيا فقط، بل يشمل العديد من الاتجاهات والدول في المنطقة”، وخلال الفترة الماضية، كان الرأي العام المصري غائبا تماما عن الاتفاقات التي تُبرمها عصابة الانقلاب مع كيان العدو الصهيوني، بينما كانت الاتفاقات تحاك في الخفاء دون رقابة تشريعية أو إعلامية.
وكان أول كشف عن هذه الاتفاقات جاء من طرف كيان العدو، وعلى لسان نتنياهو نفسه، في 18 فبراير 2018، حيث أعلن أن كيانه وقع اتفاقات لتصدير الغاز إلى مصر بقيمة 15 مليار دولار على مدار عشر سنوات، وقال في مقطع مصور بثه مكتبه: “إن هذا اليوم هو يوم عيد”!