Akhbar Alsabah اخبار الصباح

هذه هي بدائل المصريين للعمل في الخارج

المصريين لعقود طويلة ترسخت لدى المصريين ثقافة جعلت من السفر للعمل في دول الخليج حلما، لكن يبدو أن هذه الثقافة في طريقها للتغير نتيجة حزمة من الإجراءات الاقتصادية والقانونية المتسارعة التي اتخذتها الدول الخليجية في استيعاب العمالة الأجنبية، وأجبرت بعضهم على العودة إلى بلادهم، فيما يفكر آخرون في الخطوة نفسها.

وشهدت الفترة الأخيرة حالات نزوح عكسية لأعداد كبيرة من المصريين وأسرهم، إما بعد إنهاء إجباري لأعمالهم من قبل أرباب العمل، أو لإدراكهم أن رواتبهم بعد غلاء المعيشة والضرائب والرسوم الجديدة لا تستحق عناء الغربة.

تعاظمت الأزمة مع انعدام فرص العمل في العراق منذ سنوات، والذي كان من قبل هدفا للعمالة المصرية، بالإضافة إلى ليبيا التي قدرت بعض الإحصائيات عدد العاملين المصريين فيها قبل عام 2015 بما يزيد على المليونين، عاد معظمهم بسبب العمليات المسلحة هناك.

فهل يتوقف المصريون عن السفر للعمل في الخارج، أم يدفعهم الوضع الاقتصادي المتأزم في مصر إلى تغيير وجهات سفرهم؟ وما أهم الدول التي يفكرون في السفر إليها بحثا عن لقمة العيش؟

مضطرون للعودة
علي حامد أحد العائدين من السعودية العام الماضي ويعمل الآن سائقا مع شركة أوبر، أعرب عن صدمته التي تعرض لها منذ ذهابه إلى المملكة. فبعد أن دفع مبلغا كبيرا لأحد مكاتب التوظيف، لم يتحمل ظروف المعيشة والعمل أكثر من ثمانية شهور وقرر العودة.
اعلان

تحدث حامد إلى الجزيرة نت عن مآس عاشها وتعيشها العمالة الوافدة بالمملكة، قائلا "ذهبت للعمل محاسبا في إحدى شركات النقل هناك، لكن وجدت نفسي أدفع رسوما تقارب 20% من راتبي الذي لا يتجاوز ألفي ريال، بالإضافة إلى المعاملة التي بدأ مديرو الشركة يعاملوننا بها، وعندما سألت زميلا سعوديا عن سر المعاملة أخبرني أن الشركة تدفع رسوما شهرية كبيرة عن العمالة الوافدة التي تزيد على أعداد السعوديين فيها".

ويضيف حامد "قررت العودة فورا، حيث شعرت أنني لن أستطيع ادخار أي ريال وسأعود إلى بلادي خالي الوفاض كما أتيت، وقلت لنفسي: "وقوع البلاء خير من انتظاره، لأنهم عاجلا أم آجلا سيضطروننا إلى المغادرة حسبما كان يتحدث كل العاملين من كل الجنسيات في الشركة، وكنا نقرأ عن آلاف العمال الذين تستغني عنهم المملكة كل على فترات متقاربة".

هجرة عكسية
توقع علاء المهندس وهو صاحب إحدى شركات إلحاق العمالة بالخارج، عودة أعداد كبيرة من دول الخليج في ظل الأزمات الاقتصادية التي حاصرتها، وضرب مثلا بالسعودية بوصفها كانت تستوعب قبل عام قرابة ثلاثة ملايين عامل مصري يمثلون ما يصل إلى نصف عدد العاملين المصريين في كل الدول العربية مجتمعة، مؤكدا أن حجم العمالة المصرية فيها لن يتجاوز 1.5 مليون خلال العام القادم.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار المهندس إلى الإجراءات الاقتصادية التقشفية التي تتخذها السعودية لتقليص النفقات وزيادة مصادر التمويل، ومنها استحداث رسوم لم تكن موجودة على العاملين المقيمين فيها، وفرض ما يسمى بالسعودة على 12 مهنة بالمملكة لا يقرب منها أي وافد، والتخلص ممن كانوا يعملون فيها قبل القرار.

وستشهد مصر -بحسب تأكيد المهندس- في الفترات القادمة حالات هجرة عكسية كبيرة من الخليج إليها، وستشهد تلك الدول نقصا شديدا في أعداد العمالة، نظرا إلى التراجع الحاد في الطلب على العمالة المصرية وسياسات الدول لتوطين عمالتها المحلية.

وقدر رئيس شعبة شركات إلحاق العمالة بالخارج التابعة للغرفة التجارية في القاهرة حمدي إمام، انخفاض نسبة الطلب على العمالة المصرية في دول الخليج إلى 80%، بعد أن وصلت في فترة سابقة إلى ستة ملايين عامل.

وأكد إمام -في تصريحات صحفية- أن هذا التراجع يصل إلى 90% من الطلب على أصحاب المؤهلات العليا والمتوسطة، و70% بالنسبة للأطباء والمهندسين، وانحصرت المهن المطلوبة في العمالة الفنية كفنيي التبريد والتكييف والكهرباء والسباكين.

أسواق عمل بديلة
حول إمكانية وجود أسواق عمل بديلة للخليج أمام المصريين، يقول محمود أبو خليل صاحب إحدى شركات الصرافة بالجيزة إن هناك أسواقا أفريقية واعدة في طلب عمالة، خاصة الدول التي تحتاج لبنية تحتية مثل رواندا وغانا وجنوب أفريقيا ونيجيريا، بل إن هناك سوقا آسيوية في دول قوية اقتصاديا مثل كوريا الجنوبية وماليزيا، بل اليابان التي أقرت قانونا نهاية العام الماضي يسمح بجلب مزيد من العمالة الأجنبية لسد نقص كبير في العمال اليابانيين.

لكن المشكلة -بحسب كلام أبو خليل للجزيرة نت- أن تلك الدول تطلب عمالة بنوعية مختلفة عن التي كانت تذهب للخليج، فتلك الدول تشترط عمالة فنية ماهرة، وهو ما يحمل شعبة إلحاق العمالة بالخارج مسؤولية إعداد برامج تدريبية تؤهل العمالة المصرية لمتطلبات الأسواق الأسيوية والأفريقية الجديدة.

وأضاف أبو خليل أن شعبة شركات إلحاق العمالة التابعة لغرفة القاهرة التجارية، نظمت مؤتمرا حمل شعار "التأهيل والتدريب من أجل التوظيف"، برعاية من وزير القوى العاملة محمد سعفان وشركات إلحاق العمالة بالخارج، ولكن الموضوع كان نظريا واستعراضيا، أكثر منه ترتيبا لبرامج جادة تسير في هذا الاتجاه على حد وصفه.

وأوضح أن العديد من المصريين استبقوا تلك التوجهات وإغلاق أبواب الخليج والدول الأوروبية في وجوههم، بالتوجه إلى دول أفريقية كالسنغال وأوغندا وكينيا وجنوب أفريقيا، حيث يسافرون بتأشيرة سياحية لمدة ثلاثة أشهر تسمح سلطات تلك الدول بتجديدها لمدة مماثلة، ولكنهم يضطرون في النهاية إلى التحايل على قوانين هذه الدول لتمديد فترة الإقامة، وهو ما يوقعهم تحت طائلة القانون.

عائدون من سجون أوغندا
"فرج. ع" هو أحد العائدين من دولة أوغندا، بعدما تدخلت السلطات المصرية مع الحكومة هناك للإفراج عن 36 مصريا قبض عليهم لمخالفتهم قوانين البلاد، ولم يطلق سراح سوى 14 منهم جميعهم من قرية واحدة تابعة لمحافظة كفر الشيخ شمال القاهرة.

يقول فرج للجزيرة نت إنه وزملاءه كانوا يقومون بأعمال تشبه مهنة مندوبي المبيعات الذين يمرون على المنازل، حيث يحمل كل منهم بضاعته من الأدوات المنزلية على عربة ويمر بها على المنازل يطرق أبوابها لعرض البضاعة على أصحاب المنازل.

وأوضح أن ذلك مخالف للقوانين الأوغندية، لذلك وقعوا في النهاية في أيدى السلطات، وبعضهم كان قد زور أوراقا وجوازات سفر لتسهيل الإقامة، ورفضت السلطات الأوغندية تسليمهم لمصر.

وقدرت شعبة إلحاق العمالة في الخارج بغرفة القاهرة التجارية عدد العاملين العائدين بنحو 500 ألف عامل، نصفهم عادوا من السعودية فقط، من أصل خمسة ملايين حصلوا على تراخيص عمل من وزارة القوى العاملة المصرية.
سياسة | المصدر: الجزيرة | تاريخ النشر : الخميس 28 نوفمبر 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com