Akhbar Alsabah اخبار الصباح

ما الذي يدور في كواليس السلطة اللبنانية؟

السلطة اللبنانية في مشهد تاريخي، يجتمع أفراد المجتمع اللبناني في ساحة واحدة مرددين شعارات موحدة، هكذا يمكن اختصار المشهد المحلي اليوم مع غياب كلي لوجوه الرؤساء. يمكن القول أنها لحظة انتظرها معظم اللبنانيين، وهي النزول إلى الشارع وشل الحركة كليا بوجه سلطة عاثت في الأرض فسادا وعبثاً. إذ كان هذا المشهد دائما في أحلام يقظة الوطنيين الواعين بتغلغل يد السلطات في بؤر السرقات من المال العام. في مرحلة مفصلية من لبنان، ومع اقتراب المئوية الأولى لانشاء كيان لبنان، نقف أمام هذا المشهد التعبيري الذي يؤسس لمرحلة جديدة في مسيرة هذا الوطن الفتي.

هي الصدمة التي لا بد منها، تلقفها أفراد السلطة في لبنان، عندما نزلت الناس إلى الساحات فصمتت المنابر وترددت الزعامات وأطفأت وانكفأت أزلام السلطة عن الكلام. مذاك، وفي هذا الوقت القصير، انكشفت أوراق عديدة وانبثقت صور تعبر عن أحجام أطراف السلطة.

حزب الله في الواجهة

وعود الحريري في إطلالته اليتيمة لا تختلف عن الـ900 ألف وظيفة التي وعد بها منذ سنة، هو ببساطة ينتظر ما سيؤول إليه الشارع والطبقة الحاكمة
فيما تهرّب رئيس الحكومة سعد الحريري عن مسؤولياته مما يحصل وكذلك وزير الخارجية جبران باسيل، أمسك أمين عام حزب الله حسن نصرالله زمام المبادرة وحمّل نفسه "جزءا" من مسؤولية ما يحصل، هو موقف يعكس قوة هذا الطرف دون غيره، والمفارقة أن حزب الله يملك كثيرا من القوة وقليلا من حرية المناورة، وذلك بسبب العقوبات الدولية على المحور الإيراني وعلى تحركات حزب الله في لبنان والمنطقة، ماذا يريد حزب الله؟ يريد أن يحافظ على الاستقرار الداخلي وتماسك الأطراف لتعويض ما يمكن أن يخسره في المرحلة المقبلة، هو في حرب باردة مع إسرائيل بعد كر وفر في الأراضي اللبنانية والسورية، حزب الله لا يملك سوى لبنان ورقة شرعية لكيانيته، وهو بالتأكيد لن يتخلى عن هذه الورقة حتى آخر رمق.

وقد تجلى هذا الموضوع عندما هدد بشكل مبطن الرئيس الحريري بحال استقالته فانه يجب أن يحاكم! إنه بكل تأكيد الضامن الدولي لحزب الله بالوقت الحالي وأي انسحاب من الجبهة يعني ترك حزب الله وحيدا أمام السخط المدني. ماذا يتوقع حزب الله؟ هو أولا يقيس الأوضاع على شارعه الخاص، بحيث ستخضع الناس بالنهاية وستلحق مصالحها وتزول بشكل تدريجي عملية الضغط على السلطة مع هضم وتلقف شيئا فشيئا ما يغدقه السلطات من وعود، وهو الذي استهتر بخطوة تشكيل حكومة تكنوقراط أو حكومة اختصاصيين مع اقالة الحكومة الحالية ولكن هل يعكس وجهة نظره هذه واقع الشارع؟ الجواب في الأيام المقبلة.

جبران باسيل و"أصحاب العهد" في سكوت محيّر

في ارتباك واضح، كان وزير الخارجية أول من ظهرعلى منابر الإعلام ظهر يوم الجمعة بعد أن شلّ المتظاهرون حركة الشارع وأعلموا العصيان المدني. وهو الذي كان معوّلا على "العهد". جبران باسيل صاحب الطموح الكبير تكلّم ثم صمت، وبدت لغة الصمت أمتن من أي لغة أخرىفي هذا الوضع الخرج، صاحب الخطاب "الاستفزازي" يعي جيدا أن لكل فعل ردة فعل، تقول أوساط مقرّبة أنه عمّم بوجوب عدم ادلاء أي تصاريح مرئية لمحازبيه ونوابه مما قد تثيره من زيادة احتقان في الشارع، إذ تقول معلومات أن اتصالا عاصفاً جرى بينه وبين نائب كتلته نعمة أفرام بعد أن نزل الأخير إلى الشارع وبدأ يدافع عن نفسه وعن العهد. يحاول باسيل جاهدا إبعاد كرة النارعنه وعن رئاسة الجمهورية، وما جرى مؤخرا من "منتجة" كلمة رئيس الجمهورية والعبث المقصود بالكتب وراءه بين مشهدين يعكس صورة أن لا حيلة لهذا العجوز الذين تتهمونه بالفساد والنيل من المال العام مصوّبين كامل مناظيرهم نحو الحكومة والسلطة التنفيذية عندما أعلن عون أن تعديلا حكوميا يجب أن يطرأ لحل الأزمة الراهنة في اختلاف واضح مع موقف حزب الله الطاغي على المشهد. هل يراهن جبران باسيل على موقعه المستقبلي أم يراهن على نفسه في الوقت الحالي؟ فلتحكم الأيام..

سعد الحريري في الإقامة الجبرية؟

تقول المعلومات أن قراراً بالاستقالة جرى طرحه ظهر يوم الجمعة، بعد يوم من العصيان المدني، ما استدعى إرسال وفودا من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورسالة من نصرالله بعدم اللجوء إلى الاستقالة. فقد صرّح نصرالله بشكل علني أن أي استقالة ستستدعي مقاضاة لكل هارب من وجه المسؤولية، أي إما نغرق سويا أو ننجو سوياً.. ففي مشهد تعكس عدم ارتباك الحريري في خطابه الأول، حاول ربط هواجس الناس هواجسه الشخصية، شاكراً الشارع على ضغطه موهما أن لا حول ولا قوة بيده، يحاول الحريري أن يهرب بحكم شخصيته المهتزة، ويبدو أنه الأكثر ارتياحا اليوم بعد أن زال ضغط الفرقاء عليه، وقد نجح باجتثاث ما كان يشكل هاجساً لوالده عندما كانت ترمى أعباء فشل الدولة على كاهله. سعد الحريري اليوم الأقل تضرراً ولكن مع وقف التنفيذ هو مرهون بمواقف داخلية وخارجية مع ضغط السفراء الأجانب بعدم استقالته كما السفراء الأحزاب الداخليين. إن وعود الحريري في إطلالته اليتيمة لا تختلف عن الـ900 ألف وظيفة التي وعد بها منذ سنة، هو ببساطة ينتظر ما سيؤول إليه الشارع والطبقة الحاكمة، لن يجرؤ الحريري على أن يغرد خارج سرب الأحزاب، فهل ينجو سعد الحريري اليوم؟ فليحكم التاريخ.
سياسة | المصدر: الجزيرة - رامي زوده | تاريخ النشر : الأحد 27 اكتوبر 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com