Akhbar Alsabah اخبار الصباح

السيسي أوصل مأزق المياه لطريق مسدود

المأزق المصري بشكل متدرج وصلت الردود الإثيوبية الموثقة والعلنية الأخيرة لأن تكون الأقوى منذ وصول أبيي أحمد للحكم قبل أكثر من عام ونصف، بل نسفت اللغة الدبلوماسية السابقة، والوعود والأيمان التي قطعها أحمد بشأن عدم الحاق الضرر بمصر، ما دفع بالسيسي خلال كلمته أمام الأمم المتحدة للاعتراف لأول مرة بفشل المفاوضات، كما طالب في سابقة هي الأولى من نوعها بتدويل القضية.

المأزق المصري

ويرجع المحبوب علي في دراسة على موقع المعهد المصري للدراسات المأزق المصري لعدة أسباب أبرزها حرص إثيوبيا الدائم على أن تكون المفاوضات ومخرجاتها وتوصيات المكاتب الاستشارية بشأن الأضرار البيئية والمائية المترتبة على بناء السد غير ملزمة، وإنما تحظى باحترام فقط. وكان هذا أحد شروط قبولها استئناف المفاوضات بعد انقلاب 3 يوليو 2013، وللأسف تمت الموافقة المصرية على ذلك.

وقالت الدراسة إن اتفاقية الخرطوم الإطارية المتعلقة بالسد 23 مارس 2015، وبنودها المستلهمة من الاتفاقيات الأممية لا تنص صراحة على الحقوق المصرية المكتسبة وعلى حصة مصر التي تقدر ب 55.5 مليار متر مكعب، بل أكدت على بعض المبادئ الدولية العامة التي تحدث مشاكل في تطبيقها لا سيما مع طرف يجيد المراوغة والمماطلة في المفاوضات كإثيوبيا، حيث تضمنت فكرة الضرر البالغ، وليس الضرر اليسير، مما يجعل هناك تباين بين الجانبين بشأن تقدير هذا الضرر، ونفس الأمر يتعلق بفكرة الاستخدام العادل والمنصف للمياه.

وأضافت أنه بدلا من التأكيد على الحقوق المكتسبة المصرية، والذي حرص الرئيس المخلوع مبارك على وضعه كأحد شروط ثلاثة للتوقيع على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل المعروفة باسم اتفاقية عنتيبي، تم النص في اتفاقية الخرطوم على مبدأ الاستخدام العادل والمنصف، ما يعني إمكانية تغيير حصة مصر بحسب مجموعة من العوامل منها المشاريع التي تقيمها الدول المشاركة في حصة النهر، وهو ما تستند إليه إثيوبيا حاليا باعتبار أن مشاريع وسدود الري التي تقيمها على النيل الأزرق يؤثر على التدفق الطبيعي للمياه منه.

وشدد على أن ما سبق مهد لرفض الاقتراح الذي تقدمت به مصر بالحصول على 40 مليار متر مكعب خلا سنوات الملء. موضحا أن الخيارات المصرية أمام إثيوبيا باتت محدودة. بين خيار دبلوماسي تفاوضي ممل ومضيعة للوقت، وخيار قانوني يتمثل في التحكيم الدولي، مرفوض إثيوبيا، أما الخيار العسكري، فقد استعدت اثيوبيا لهذا الخيار أيضا عبر شرائها وفق موقع ديبكا الصهيوني ”8 يوليو 2019″، منظومة صواريخ Spyder-MR لحماية سد النهضة.

آثار المأزق

وأوضحت الدكتورة مها عزام رئيس المجلس الثوري المصري، ابعاد خيانة العسكر وفشلهم الذريع في حماية الأمن القومي المصري بالنسبة لمياه النيل وسد النهضة.

وقالت إن أزمة اكمن في أن منظومة العسكر لم تستثمر او تطور الثروة المائية على مدى الـ60 عاما الماضية، فأصبحت مصر وامن مصر القومي رهينة لأي سد يبنى على النيل في إثيوبيا او السودان.

وأوضحت أنه لو قررت إثيوبيا تعبئة خزان النهضة (٧٤ مليار م٣) في ٣ أعوام ستتقلص الأرضي الصالحة للزراعة في مصر بالنصف، ولو قررت إثيوبيا تعبئة خزان النهضة في ٦ سنوات ستتقلص الأراضي الصالحة للزراعة في مصر ب ١٧٪، مضيفة إلى ذلك تقلص كمية المياه المتاحة لكل مواطن نتيجة ازدياد تعداد السكان من ٥٨٥ م٣ للمواطن الواحد إلى ٤٥٧ م٣ في 2030.

وحملت العسكر مسؤولية جرائم متعددة، ليست فقط الموافقة على بناء سد النهضة، بل إضاعة الإعداد لامكانية بناء سد على النيل قبل دخوله الأراضي المصرية وعدم بناء بنية تحتية تؤمن المياه التي تحتاجها الدولة المصرية لأمنها القومي ويحتاجها الشعب للبقاء في الأعوام القادمة، معتبرة أن ذلك خيانة عظمى للوطن.

الخليج والصهاينة

وقال المحلل فتحي أبو الشوك في تدوينة على مدونات الجزيرة إن من موّلوا مشروع سدّ النّهضة وساهموا في إنشائه هم من يدعمون السّيسي منذ انقلابه، السّعودية والإمارات والولايات المتّحدة والكيان الصهيوني مع مساهمات من بنوك وشركات مصرية، أمّا المسؤولية الأكبر فتقع على السّيسي الّذي يبدو أنّه باع النّيل بثمن بخس، بعد أن فرّط في جزيرة ثيوس لليونانيين وجزيرتي تيران وصنافير للسّعودية وغاز المتوسّط للكيان الصهيوني واستهان بدماء المصريين. ليس من مهمّات السّيسي الدّفاع عن مصر أو الحفاظ على أمنها القومي كمجابهة مشروع مدمّر لها كسدّ النّهضة، فهو كما صرّح مؤخّرا بأنّه مشغول بمحاربة الإسلام السّياسي إلى جانب مهمّته الأصلية في ضمان أمن الكيان الصهيوني!

وأكد أبو الشوك حرص الرّئيس الأثيوبي على أن يكون الكيان الصهيوني هو المتحكّمة في السدّ، وما الأنابيب العملاقة التي أنشئت أسفل قناة السّويس الجديدة إلا دليل على أنّ الهدف الحقيقي من كلّ ما يجري هو إرواء ظمأ الكيان الصهيوني وتحقيق أطماعه في مياه النّيل.

ولم يخل المحلل في تدوينته مسؤولية الأذرع والمطبلين فقال “ولذرّ الرّماد على العيون قد تبرز من حين آخر طفرة من الوطنيّة الزّائفة في شكل فلم تعتبره دار الإفتاء ممرّا إلى الجنّة في حين يبرز مهرّجون آخرون كسعد الهلالي ليتقوّل على صحابة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بأنّهم وصفوا النّيل بأحد أنهار جهنّم في انتظار أن يكتمل المشهد وتصدر فتاوى بتحريم الغسل فيه أو الشرب منه وجواز التيمّم!

ويتفق المحللون الثلاثة من أن التساؤل حول أسباب توقيع مصر أساسا على اتفاقية الخرطوم التي كان من أحدد مثالبها أيضا اعترافها ببناء السد، وبالتالي إمكانية حصول إثيوبيا على تمويل دولي لعدم الاعتراض المصري. وربما كانت المفاجأة التي فجرها السيسي أمام الجمعية العامة، هي أن مصر هي التي بادرت بهذه الاتفاقية وشجعتها!
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : السبت 12 اكتوبر 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com