Akhbar Alsabah اخبار الصباح

استعراض الصين قوتها في ميلادها السبعين

جمهورية الصين الشعبية نظمت بكين قبل أيام عرضاً عسكرياً هو الأكبر في تاريخ البلاد بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، وشهد العرض الذي شارك فيها أكثر من 15 ألف جندي ومئات المدرعات والطائرات الحربية، الكشف عن صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على استهداف الأراضي الأمريكية، بالإضافة إلى طائرة شبح مسيرة تم الكشف عنها لأول مرة.

وفي كلمة له بهذه المناسبة، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، أنه لا توجد قوة يمكنها أن تهز دعائم الأمة الصينية، وهو ما فسر على أنه رسالة حزم وقوة موجهة إلى الخارج وبالتحديد الولايات المتحدة، وذلك استناداً إلى الظروف الاستثنائية التي تمر بها الصين الشيوعية في عقدها السابع، سواء على مستوى الحرب التجارية التي تخوضها مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أو الاضطرابات غير المسبوقة في هونغ كونغ، حيث اتهمت بكين في وقت سابق واشنطن بأنها تقف وراء إشعال الفتنة وإثارة المحتجين المطالبين بتعزيز الحريات والديمقراطية في المستعمرة البريطانية السابقة.

براغماتية الصين
في احتفالات هذا العام، كانت لدى رئيس البلاد شي جين بينغ، رغبة كبيرة في إبراز قوته داخل الحزب والدولة، خصوصاً بعد الانتقادات التي وجهت إليه العام الماضي في أعقاب إزالة بند في الدستور الصيني
المتعمق في الشأن الصيني يدرك أن الصين واحدة من أكثر الدول براغماتية إن لم تكن أكثرها، ويبدو ذلك واضحاً في طريقة تعاملها مع العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والدولية، ولسنا هنا في صدد إعطاء أمثلة، فالصين لديها القدرة على الفصل بين ما هو تجاري وما هو سياسي، فهي تعتبر أن حربها مع الولايات المتحدة تجارية، ومثل هذه الحروب تحل بالصفقات وليس بالرؤوس النووية.

أما فيما يتعلق بصراع الهيمنة والنفوذ بين أكبر اقتصادين في العالم، فهو قائم بطبيعة الحال ويحمل صبغة سياسية، لكنه لا يشكل هاجساً بالنسبة للصين كما الولايات المتحدة، ولا يستدعي استعراضاً للقوة لإثبات التطور أو التفوق، ربما لأن ذلك يعتبر تحصيل حاصل في المستقبل المنظور، مادامت عجلات التنمية الصينية تسير على سكة ثابته ونحو هدف محدد، على خلاف القطار الأمريكي الذي يقوده سائق متهور يدعى ترامب.

اعتبارات خاصة
منذ تأسيسها عام 1949 دأبت الصين الشعبية على تنظيم احتفالات كبيرة كل خمسة أعوام احتفاء بهذه المناسبة الوطنية، وتشهد الاحتفالات التي تنظيم في ميدان تيان آنمن وسط االعاصمة، استعراض القادة الشيوعيون فرق الجيش العسكرية التابعة لهم، على اعتبار أن رئيس البلاد أو الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، هو أيضاً رئيس اللجنة العسكرية في الحزب، وبالتالي تكون هذه المناسبة فرصة لإبراز سيطرته ونفوذه، خصوصاً وأن الاحتفالات تتم في شهر أكتوبر، أي قبل أشهر قليلة من انعقاد المؤتمر الوطني السنوي الذي تخضع فيه سياسات الحزب وزعيمه للتقييم والمساءلة.

في احتفالات هذا العام، كانت لدى رئيس البلاد شي جين بينغ، رغبة كبيرة في إبراز قوته داخل الحزب والدولة، خصوصاً بعد الانتقادات التي وجهت إليه العام الماضي في أعقاب إزالة بند في الدستور الصيني يقضي بألا يمكث رئيس البلاد في الحكم لأكثر من فترتين متتاليتين، بالإضافة إلى إدارج أفكاره وفلسفته في الدستور، وهي سابقة لم تحدث منذ عهد ماو تسي تونغ.

وقد بدا ذلك جلياً في الحفل، حيث تم تخصيص فقرات طويلة لاستعراض الإنجازات التي حققتها الصين خلال فترة حكمه الممتدة منذ ستة أعوام، مثل: إطلاق مبادرة الحزام والطريق، وبناء أول حاملة طائرات صينية، وإنشاء أكبر ستالايت في العالم لرصد حركة الكواكب، وبناء أول محطة مأهولة في الفضاء، بالإضافة إلى تحديث الجيش وتطوير الترسانة العسكرية، وهي إنجازات يرى فيها الرئيس الصيني ملاذاً لتجاوز الضغوط التي يتعرض لها داخلياً وخارجياً، خصوصاً وأنه سيكون مطالباً في المؤتمر الوطني المقبل للحزب، بتقديم إجابات حول ملفات وقضايا شائكة، أبرزها: الاضطرابات المستمرة في هونغ كونغ، تصاعد الأصوات المنادية بالإنفصال في تايوان، النزاع في بحري جنوب وشرق الصين، الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وأثرها على تراجع معدلات نمو الاقتصادي الصيني.

ما تقدم يشير إلى أن الرسائل التي أراد الرئيس الصيني إيصالها، موجهة إلى الداخل وليس الخارج، وما يعزز هذه الفرضية تواتر تقارير صحفية تحدثت عن خلافات داخل الحزب الشيوعي حول طريقة إدارة الأزمات والتعامل معها، خصوصاً فيما يتعلق بالاحتجاجات في هونغ كونغ، ومثل هذه الخلافات لا تنشر عادة على حبل الغسيل الصيني، لكنها تترجم لاحقا بوجوه جديدة تتصدر المشهد السياسي.
سياسة | المصدر: الجزيرة | تاريخ النشر : الاثنين 07 اكتوبر 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com