لم يكن العالم النووي المصري، أبو بكر عبد المنعم رمضان، الذي توفى قبل أيام في المغرب العالم الوحيد الذي رحل فجأة خارج البلاد أثناء مشاركته في مهمة رسمية.
فقد سبقه 3 علماء مصريين آخرين فقدوا حياتهم مع سقوط طائرة إثيوبية كانوا يستقلونها قبل 6 أشهر.
تلك الوقائع أعادت إلى الأذهان ذكريات وفيات غامضة لعماء مصريين بالخارج، خلال القرن الماضي، وبينهم جمال حمدان، سمير نجيب، مصطفى مشرفة.
وحينها توجهت أصابع اتهام غير رسمية للاحتلال الصهيوني، مشيرة إلى أن لها تاريخ في المساس بالخبرات المصرية، رغم عدم وجود دليل يثبت ذلك.
وهذه الشكوك دفعت البعض لتقديم بلاغ للنائب العام المصري، عقب وفاة العلماء الثلاثة على متن طائرة إثيوبية، فضلا عن جدل بمنصات التواصل التي استغلت صفة العالم النووي المصري ومهامه لإطلاق اتهامات بتورط الكيان الصهيوني.
وترصد وكالة الأناضول، تلك الوفيات الأربع التي وقعت خلال 6 أشهر في إثيوبيا والمغرب على النحو التالي:
** سبتمبر 2019 … عالم نووي مصري
أفاد بيان وزارة الهجرة المصرية، في 7 سبتمبر الجاري بأن العالم المصري بهيئة الرقابة النووية الرسمية أبو بكر عبد المنعم رمضان، توفي بالمغرب، إثر عارض صحي طارئ.
فيما نقل أشرف إبراهيم، سفير القاهرة لدى الرباط، عن السلطات المغربية القول إن الوفاة نتيجة “سكتة قلبية”.
وتوفي أبو بكر رمضان (في العقد السادس)، أثناء حضوره ورشة عمل تنظمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مدينة مراكش المغربية، وفق المصدر ذاته.
وقالت وسائل الإعلام المغربية إن “العالم المصري كان في وقت سابق مكلفا بدراسة الآثار المحتملة للمفاعلات النووية في ديمونة بالكيان الصهيوني، وبوشهر في إيران”، وهو ما لم يتطرق له البيان المصري.
وكانت عبارة “وفاة غامضة” هي المسيطرة بشكل لافت على التناول الإعلامي المحلي في مصر والمغرب، ووصلت تقارير إخبارية عربية إلى حد طرح سؤال “هل قتله الموساد؟”.
وسارت تغريدات في “تويتر” تحمل اتهاما، دون دليل، للاحتلال مكتفة بالقول إن تاريخهم هكذا مع علماء العرب ومصر خاصة.
وهو ما دعا الإعلامي المقرب من النظام المصري، محمد الباز، آنذاك إلى الحديث عن “وجود مبالغة وتصوير الوفاة أنها في ظروف غامضة وأسئلة عن الموت مسموما، وأنها لعبة مخابرات”.
ورغم تقليل الباز، إلا أن الإعلامي المؤيد للنظام، سيد علي، كان غاضبا في برنامجه المتلفز، قائلا: “في ضجة كبيرة على السوشيال حول وفاة العالم النووي المصري الكبير (..)، لوجه الله حافظوا على علمائنا”.
“هل صدفة أن يموت علماء الذرة خارج مصر بشكل غامض؟”، طالبا “علي” بحماية شخصية لعلماء مصر بالخارج.
ولم تتهم مصر، أي جهة أو تقول إن هناك شبهة جنائية في الوفاة.
واستخدمت تقارير صحفية محلية عبارات تثير الشكوك بينها “لكن الغريب أن ضحايا الطائرة كان من بينهم علماء متخصصين في مجالات دقيقة، خاصة في مجال الزراعة”.
واستخدم بيان مجلس الوزراء عن وزارة الزراعة لفظ “استشهاد”، مع تأكيده وفاة علماء بوزارة الزراعة وهم “أشرف تركي، ودعاء عاطف عبد السلام وعبدالحميد فراج مجلي نوفل”.
وأوضح أنهم كانوا متوجهين في مهمة علمية عن التحسين الوراثي للإنتاج الحيواني والنباتي في العاصمة الكينية نيروبي.
كما قالت نقابة الزراعيين بمصر، في بيان لها، إنها تحتسبهم “عند الله من شهداء العلم”.
وقالت إنها “قررت تنظيم حفل تأبين للأعضاء الثلاثة، بعد إجراء كافة الترتيبات اللازمة، والإشادة بدورهم في البحوث العلمية وتطوير القطاع الزراعي”.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد تقدم محام مصري يدعي عمرو عبدالسلام، ببلاغ آنذاك إلى النائب العام المصري لتشكيل فريق من النيابة بالتنسيق مع وزارة الخارجية لمتابعة سير التحقيقات التي تجريها السلطات الإثيوبية.
ودعا البلاغ، الذي نقلته وسائل إعلام محلية آنذاك، إلى “الوقوف على أسباب الحادث ومعرفة أسباب سقوط الطائرة، وعما إذا كان الحادث قدري بسبب عطل فني أم أن الحادث مدبر؟”.
كما دعا إلى “اتخاذ اللازم على ضوء ما تسفر عنه التحقيقات على الصعيد الدولي من أجل القصاص لشهداء العلم”.
واستكمل مقدم البلاغ، “الضحايا كانوا في مهمة عمل خاصة ورسمية، وجرى إيفادهم من قبل الدولة بالتحسين الوراثي للإنتاج الحيواني والنباتي، في ظل مساعي مصر الحثيثة للدخول في عمق إفريقيا بالتزامن مع رئاستها للاتحاد الإفريقي”.
وقال البلاغ إن “سقوط الطائرة بعد عدة دقائق من إقلاعها على هذا النحو وعلى متنها خيرة من علماء مصر أثناء توجههم جميعا في مهام رسمية بالعاصمة نيروبي يثير الشك والريبة، ووجود شبهة جنائية في تعمد إسقاط الطائرة بهدف اغتيال العلماء”.
وذهب البلاغ إلى أن “الموساد” كان له باغ في اغتيال عدد من العلماء المصريين على مر العقود الماضية.
وهو اتهام للاحتلال متكرر عادة في تقارير صحفية مصرية وعربية لم ترد تل أبيب عليه بعد.
ومن هؤلاء عالمة الذرة المصرية سميرة موسى التي توفيت عام 1952 في ولاية كاليفورنيا الأميركية إثر حادث، وكذلك العالم جمال حمدان عام 1993، وعالم الذرة المصري سمير نجيب، والعالم مصطفى مشرفة الذي توفي عام 1950، والعالم يحيى المشد الذي اغتيل عام 1980″.
وتوفي علم الذرة المصري مصطفي مشرفة يوم يناير 1950 بالخارج إثر أزمة قلبية مفاجئة، وبعد عامين لحقته تلميذته النابغة عالمة الذرة سميرة موسى، إثر حادث اصطدام في الولايات المتحدة الأمريكية في أغسطس 1952.
وفي يونيو 1980، تعرض عالم الذرة يحيي المشد، في فرنسا لاعتداء بضربه بآلة حادة على رأسه.