Akhbar Alsabah اخبار الصباح

“مخابرات السيسي” تعيد هندسة خريطة الإعلام

إعلام السيسي تتجهز مخابرات دولة الانقلاب العسكري في الساعات القليلة الماضية من حركات" تفوير" كبرى لإعلامها العطب وأذرع المتهالكة التي لم تثمن من جوع في الدفاع عن أكاذيب وخدع قائد سلطة الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي؛ حيث يستعدّ جهاز المخابرات العامة لإجراء تغييرات واسعة في مجال الإعلام، ستطيح قيادات وتصعّد أخرى لتولي مناصب قيادية بالإضافة إلى تصعيد إعلاميين مكان زملائهم ممن وصفوا بـ"منتهى الصلاحية".

وذكرت تقارير إعلامية منها موقع" الأخبار اللبنانية" أن هناك غموض يلفّ مصير عشرات العاملين المتوقع الاستغناء عنهم خلال الفترة المقبلة ضمن سياسة ترشيد النفقات، تواجه خطط تطوير عديدة تعثراً سبّب تعجيل حركة التغييرات.حيث كان يفترض أن تنطلق الشهر الماضي خطة جديدة لتطوير شاشات التلفزيون المصري الأرضية، تشارك فيها المخابرات والرقابة الإدارية.

تفوق لإعلام الثورة

كان تقرير من شركة «إبسوس» العالمية لأبحاث التسويق، قد كشف عن تصدر قنوات "وطن والشرق ومكملين" صوت الثورة المصرية بالخارج ومعارضة للانقلاب العسكري في مصر، قائمة الأعلى مشاهدة في مقابل تراجع قنوات مصرية تبث من الداخل موالية للمنقلب عبدالفتاح السيسي.

وجاء تصدر قنوات الثورة لنسب القنوات الأعلى مشاهدة، ليؤكد على عدم قدرة إعلام السيسي على احتكار المشاهدين لصالح اعلامه رغم الضخ الكبير للميزانيات ومحاولات غسيل المخ التي تم اتباعها طوال السنوات الماضية كما كشف عن ازمة نظام باكمله وفقدان القة فيه وفي اعلامه فضلا عن محاولات قنوات المعارضة تطوير نفسها وتجويد خطابها الاعلامي رغم المشاكل الكبيرة التي تواجهها.

فتش عن "إيجل كابيتال"

وكانت خطوة مفاجئة عندما قرر المنقلب عبد الفتاح السيسى السيسى تأميم الإعلام المصرى، بعد خروج شركة وهمية تمتلكها داليا خورشدي للاستحواذ على 100% من حصة رجل الأعمال الانقلابى أحمد أبو هشيمة من خلال مؤسسة أطلق عليها "إيجل كابيتال للاستثمارات المالية".

شركة إيجل كابيتال -التى يرأس مجلس إدارتها "خورشيد" وزيرة الاستثمار السابقة وزوجة طارق عامر محافظ البنك المركزى المصرى- تأسست منذ عام تقريبا، وغير مقيدة فى البورصة المصرية، ولكن خطط الشركة للطرح ما زالت قائمة.

استحوذت شركة إيجل كابيتال على 100% من أسهم مجموعة إعلام المصريين المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبوهشيمة، وهذا الاستحواذ يمثل باكورة الصفقات الاستثمارية للشركة، وسيتم الإعلان عن قيمة الصفقة الخميس المقبل، وتم اختيار المهندس أسامة الشيخ كرئيس لمجلس إدارة إعلام المصريين وعضو منتدب بدلا من أحمد أبوهشيمة.

مكونات الصفقة،من بين الكيانات التابعة لإعلام المصريين نرصدها كما يلى:

قنوات فضائية: شبكة قنوات أون.صحافة مطبوعة: اليوم السابع، وصوت الأمة وعين، مجلة إيجيت، مجلة توداى بيزنس.وصحافة إلكتروية: اليوم السابع، انفراد، موقع دوت مصر، دوت تى فى، عين المشاهير.

شركة بريزنتيشن: وهى شركة فى المجال التخصصى الرياضى، ومصر للسينما، وسينرجى للإنتاج الإعلامى، وشركة أى فلاى، وشركة بى أو دى المتخصصة فى العلاقات العامة، وشركة هاشتاج للتصميم والجرافيك، شركة اشيبشيلن، شركة دانيو المتخصصة فى مجال تنظيم الأنشطة التسويقية، وأكاديمية إعلام المصريين.

باي باي "تامر مرسي"

في الشأن نفسه، قد نُفِّذَت المخابرات"الذراع الإعلامي" بالفعل «بروفات» عديدة على ذلك، وبدأت تستُعين بمذيعين للتدريب في الإستوديوهات، من بينهم عاملون ضمن القناة الإخبارية لمجموعة «DMC»، التي لم تنطلق بعد، وتبدو شبه متوقفة، على رغم الاستعدادات الجارية لها منذ أكثر من عامين.

وكان قد أُعلن رسميا، قبل عدة شهور، دمج شبكة «DMC»، التي أدارتها المخابرات الحربية سابقا، مع باقي الشبكات، لتكون تابعة للمخابرات العامة، تمهيداً لفرض السيطرة على جميع الشبكات المهمة الموجودة في مصر من خلال شركة «سينرجي» التي يترأسها تامر مرسي، لكن المفاجأة الكبرى أن تامر نفسه بات على وشك مغادرة منصبه في الشركة خلال الأيام المقبلة، حيث سيُعيَّن شخص آخر مكانه بإعلان رسمي.

ومن ضمن الأسباب المتداولة للغضب على تامر مرسي، تعثر إطلاق القناة الإخبارية لـ«DMC»، التي كان يفترض تخصيصها للأخبار المحلية، مقابل بقاء قناة أخرى مرتبطة بتغطية الأخبار الدولية، فضلاً عن استمرار عملية الإنفاق على رواتب عمالة زائدة من دون الاستفادة منها.

قيود خانقة

في 3 أبريل 2019، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا لها بعنوان " قبضة السيسي الحديدية تصل إلى التليفزيون"، التقرير ذكر أن مسلسلات رمضان ذات الخصوصية الهائلة في مصر والشرق الأوسط تواجه قيودا خانقة.

وأورد التقرير أن القنوات والمخرجين والممثلين والإعلاميين يخضعون لإملاءات نصية معينة وتخفض أجورهم، بينما تولت شركة إنتاج مرتبطة بالجيش مسئولية عدد من أكبر المسلسلات، في إشارة إلى شركة سينرجي.

وأضاف تقرير الصحيفة الأمريكية أن المخرجين تم إبلاغهم بضرورة أن تتبع مسلسلاتهم الأفكار التي جرى إقرارها مثل الإشادة بالجيش والشرطة، أو تشويه سمعة جماعة الإخوان المسلمين، ومن لا يلتزم بالقواعد لن يظهر على الهواء.

وكشفت نيويورك تايمز أن "الحملة ضد المسلسلات التليفزيونية هي الجانب الثقافي للنسخة الاستبدادية بعيدة المدى والمتسلطة التي ترسخت في مصر في عهد السيسي، حيث وصلت إلى مستويات جديدة حتى بالنسبة لبلد يحكمه رجال أقوياء يحظون بدعم الجيش منذ عقود".

حركة تغييرات مرتقبة

ويجري الإعداد لإعلان سلسلة خطوات للرأي العام، ترتبط بتطوير شبكة القنوات الخاصة أولاً، ومراجعة حسابات المكسب والخسارة في الفترة الماضية، ليس في ما يتصل بالمذيعين وبرامجهم فقط، بل أيضا بجدوى استمرار الشبكات بالشكل الحالي، ما يرجّح إمكانية حدوث عمليات دمج وتقليص تستبق نهاية العام.

حتى قبل أسابيع قليلة، كان تامر مرسي يحظى بدعم كبير من جهات مختلفة، من بينها المخابرات، لكن الغضبة عليه تصاعدت ليكون قاب قوسين أو أدنى من الرحيل، ما لم تحدث معجزة تبقيه في منصبه، في ظلّ تواصل مسؤولين في الجهاز مع الإعلاميين مباشرة، واتخاذ قرارات عديدة من دون الرجوع إليه.

باي باي " أسامة كمال"

وقبيل عيد الأضحى بأيام قليلة، أقصت شبكة «DMC» الإعلامي أسامة كمال من برنامج «مساء DMC» الذي تُقدَّم أربع حلقات منه أسبوعيا.. إقصاءٌ جاء للدفع بالإعلامي رامي رضوان، الذي حصد إشادة من السيسي خلال إدارته جلسة «اسأل الرئيس» في «المؤتمر الوطني للشباب» بنسخته الأخيرة.

يأتي إقصاء أسامة، وهو رجل أعمال بالأساس ويمتلك شركات عدة، بسبب سخط المخابرات عليه، على رغم أنه معروف بولائه للنظام، لكن أحيانا يخرج عن النص ويتطرق إلى بعض الأمور التي لا تعجب ضباطا كبارا في الجهاز، الأمر الذي دفع إلى إطاحته فجأةً، وبرفقته فريق الإعداد الذي عمل معه منذ انطلاق القناة قبل نحو 30 شهرا.

حركة التغييرات المرتقبة هي السبب الرئيس في إرجاء المشاريع الدرامية التي كان يفترض أن تنفّذها شركة "سينرجي" لرمضان المقبل. فعلى عكس العام الماضي، لم تعلن الشركة مبكرا التعاقدات مع نجوم الفن، في ظلّ سعي المخابرات إلى تنفيذ توجيهات السيسي في مجال المضامين المُقدَّمة فنيا وإعلاميا.

ذلك أن السيسي لم يعد قادرا على تقبّل ولو القليل من النقد، بل يريد أن يشاهد الإعلام الذي يتمناه، إعلاما داعما للدولة لا يعارض ولا يناقش، ويكتفي بتأييد كل ما يقال من دون حتى شرح التفاصيل أو السؤال عن أمور قد تبدو مثار جدل.

أما الدراما والسينما، فيرغب في حصرهما في «نماذج وطنية» و«قصص كفاح»، كالتي يكرّم أصحابها في "مؤتمرات الشباب".

سلاح فتاك

وفي 5 أغسطس2015، وقف عبد الفتاح السيسي في كلمة له خلال حفل تدشين محور تنمية قناة السويس ليقول: "الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان محظوظا، لأنه كان يتكلم والإعلام كان معاه".

وفي 24 فبراير 2016، في خضم مؤتمر إطلاق إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، قال السيسي منفعلا: "أنا عارف مصر وعلاجها، لو سمحتوا متسمعوش كلام حد غيري، أنا لا بكدب ولا ليا مصلحة غيرها، أنا فاهم أنا بقول إيه"، في إشارة منه إلى أصوات إعلامية مخالفة لسياسته.

عصا السيسي الغليظة

ومن مفردات غضب السيسي، وتململه الدائم من الآلة الإعلامية برمتها، قطع خطوات واسعة في تحجيمها، وتجلى ذلك في 11 من أبريل 2017، عندما أصدر قرارا، بتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد أحد أبرز مؤيدي النظام، بالإضافة إلى عضوية 12 آخرين.

وجاء المجلس فزاعة للسيسي التي يخوف بها كل من يخالفه الرأي، ويحكم من خلالها قبضته على النوافذ الإعلامية برمتها، الحكومية منها والخاص.

توجس السيسي كان نابعا من إدراكه أن بوتقة الإعلام أسهمت في إسقاط مبارك، واندلاع ثورة 25 يناير 2011، وإطاحة الجيش بالرئيس الشهيد الراحل د.محمد مرسي عبر انقلاب عسكري تم التمهيد له شعبيا، وفي تقديم السيسي نفسه في صورة المخلص والقائد الفذ.

الجنرال يخشى من أن يضرب بنفس السلاح الذي استخدمه من قبل، وهو ما جعله يتخذ تلك الإجراءات القابلة للتطور والتوسع، لتصل بصناعة الإعلام إلى حالة متردية فيما يخص قواعد العمل، والحقوق والحريات الأساسية.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الخميس 15 اغسطس 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com