Akhbar Alsabah اخبار الصباح

هل يصعّد الحراك السلمي بالجزائر إلى عصيان مدني؟

الحراك السلمي بالجزائر لأول مرة منذ اندلاع الحراك الشعبي بالجزائر يوم 22 فبراير/شباط الماضي، ترتفع الأصوات من داخل مسيرات "الجمعة 24" مهدّدة بالإضراب الشامل والدخول في عصيان مدني.

وجاءت تلك الشعارات التصعيدية عقب خيبة الأمل التي خلفها الإعلان عن قائمة "لجنة الحوار" قبل عشرة أيام، وما رافقها من تخبط حال دون شروعها حتى الآن في مهمة الوساطة، خصوصا بعد رفض الجيش أي شروط مسبقة للتهدئة.

وبقدر ما يتحمس المؤيدون لفكرة العصيان المدني لاجتثاث النظام، فإن الكثيرين داخل الحراك يحذرون من الخطوة، بل يشككون في خلفياتها.

آخر الأوراق
وقال الناشط عبد الفتاح جحيش "بعد خمسة أشهر من التلاعب والمناورات، حان الوقت لاختبار قدرة الحراك على فرض خياراته وإثبات وجوده واختبار جدية النظام والجيش في مرافقة التغيير والانتقال الديمقراطي".

وأكد جحيش، وهو أستاذ بجامعة جيجل، أن "العصيان المدني وسيلة للضغط على النظام، لإجباره على تنفيذ مطالب الشعب في حال استمر في عناده وتجاهله".

وأوضح في تصريح للجزيرة نت أنه رفض مثل كثيرين اللجوء إلى العصيان في البداية "لأن المرحلة لم تكن حرجة ولا حاسمة، ولم ينضج حينها الحراك بما يكفي لتلك الخطوة التي تحتاج إلى توعية واسعة، أما اليوم فقد صار حتميّة".

ويعتقد المحامي عبد الغاني بادي أن "الأوساط المُنادية بالعصيان المدني ترى أن السلطة تراوغ وتناور لإخراج انتخابات على مقاسها، من خلال تمسكها بخيارات دستورية لم تعد توحي بأنها قادرة على إنتاج تحول حقيقي".

وأضاف في تصريح للجزيرة نت "تمسك السلطة بقراراتها صار مستفزا ومحفزا على كيفية البحث عن بدائل خارج الحراك، إذ يرى البعض أنه صار روتينيا تتحكم السلطة في كثير من معطياته".

عقل الدولة العميقة
ويرى نور الدين بكيس، أن "ما شهدته مسيرات الجمعة 24 من دعوات للعصيان المدني ليست تعبيرا عن صيرورة الحراك، وإنما إيذانا بالسيطرة النسبية للعقل السياسي للدولة العميقة على التأثير في توجه المظاهرات".

وأوضح بكيس، وهو أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الجزائر، أن "الغاية الرئيسية من تلك الدعوات لا تستهدف تغيير أو إسقاط النظام، لأن الدولة العميقة أدرى الناس بقوة النظام الأمنية، وحتى أقل المواطنين وعيا لا يعتقدون بإمكانية إسقاط النظام".

وأضاف "العقل السياسي للدولة العميقة يحتاج إلى العصيان المدني كمدخل لتعفين الأوضاع، للتخندق من جديد داخل السلطة، من خلال اعتماد التدخل الأجنبي لإعادة التموقع".

وشدد بكيس في تصريح للجزيرة نت على أن "أخطر ما يتهدد الحراك هو الاستثمار في نفسية المجتمع المحبط، عندما لا يرى حلولا في الأفق، وهذا ما تعمل على زرعه الأذرع الإعلامية للدولة العميقة، كي تصنعا وعيا مناسبا لدى الجماهير المحتجة لخدمة أجنداتها".

ويؤكد أن هذه الأجهزة التابعة للدولة العميقة "لا تحتاج إلى إقناع ولكن لإنتاج سلوك يناسب خياراتها الإستراتيجية، ليحدث التقاطع بين الاندفاع الصادق للمجتمع بحثا على التغيير والاستثمار القذر لجماعات المصالح لسرقة مخرجات التضحيات".

وعن إمكانية استجابة الجزائريين لخيار العصيان، يجزم جحيش أن المواطنين جاهزون، لأن الإرادة الشعبية نحو التغيير في تصاعد مستمر، مضيفا "استجابة النظام للمطالب تبقى مأمولة، تفاديا لأي سيناريو آخر لا تحمد عقباه".
ويرى المحامي بادي أن الصورة غير واضحة حول العصيان الرائج، فهو يأخذ في الأصل عدة أشكال تقترب كثيرا من الإضراب الشامل، لكن تبقى خطورته مرتبطة بكيفية تعامل السلطة معه ورد فعلها، مؤكدا أن "بداية سبتمبر/أيلول ستكون فاصلا في مسألة العصيان".

ويخالف بكيس سابقيْه بالقول إن الحراك تعلم من درس أزمة التسعينيات الدامية، وإضراب "جبهة الإنقاذ الإسلامية" المنحلّة صيف 1991، وازداد تعلما من مأساوية ثورات الربيع العربي.

وأضاف أن المجتمع الجزائري يختزن وعيا كافيا يسمح بالمراجعة، وإبطال مثل تلك المغامرات من داخل الحراك، على حد تعبيره.

ويؤكد أن "عشرات الآلاف يراقبون مساره، ويتدخلون عند حدوث الشرارات الأولى" لإمكانية إنتاج التصرفات العنيفة "لأنهم يعلمون أن العنف يُولد بالفعل ورد الفعل العنيف".
سياسة | المصدر: الجزيرة | تاريخ النشر : الأحد 04 اغسطس 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com