Akhbar Alsabah اخبار الصباح

السيسي أوكل ملف الاستثمار الخليجي للمخابرات العامة

جهاز المخابرات العامة خلال هذا الأسبوع، أصدر رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي القانون 133 لسنة 2019 بإحالة كل القضايا التي صدرت فيها أحكام ببطلان الخصخصة والبيع في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلى اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، أو اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار.

يستهدف النظام بذلك، ثلاثة أمور:

أولا: اجتذاب رءوس الأموال لشراء الكيانات التي ستُطرح للبيع قريبا ضمن برنامج الطروحات الحكومية في البورصة.

ثانيا: منح المستثمرين الأجانب وفي مقدمتهم الخليجيون امتيازا تشريعيا إضافيا يحميهم من المشاكل القانونية المعقّدة ويضمن لهم إمكانية استرداد أموالهم في أي وقت بالاتفاق مع الحكومة بعيدا عن ساحات القضاء.

ثالثا: تكريس مستجدات هيكلية تضمن إشراف الدائرة الضيقة المقربة من السيسي على هذا الملف تحديدا وتقليص سلطة العمل الحكومي المدني.

ولتحقيق هذه الأهداف، أنشأ مدير جهاز المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، وحدة جديدة للإشراف على عمل لجان فض المنازعات والمتابعة مع المستثمرين الإماراتيين والسعوديين والكويتيين؛ لإنهاء المشاكل القائمة بينهم وبين حكومة الانقلاب حول تسوية آثار الأحكام الصادرة ببطلان شرائهم لأراض أو مشاريع، وكذلك إلغاء القرارات السابق صدورها ضد بعضهم بسحب الأراضي أو المشاريع في عهدي المجلس الأعلى للقوات المسلحة والرئيس الشهيد محمد مرسي بين 2011 و2013.

ويستند القانون الجديد إلى فتوى صدرت من مجلس الدولة العام الماضي باستحالة تنفيذ حكم بطلان خصخصة شركة “طنطا للكتان” وبيعها للمستثمر السعودي عبد الإله كعكي، وذلك بعدما ثبت عدم إمكانية استرجاع الأصول والأراضي التي تصرف فيها المستثمر السعودي بالبيع وتغيير النشاط، ما اضطر حكومة الانقلاب برئاسة شريف إسماعيل وقتها للدخول في مفاوضات معه لمنعه من إقامة دعوى تحكيم ضد مصر.

خطورة القانون الجديد الذي أصدره رئيس الانقلاب، أنه يترتب عليه تفريغ أي أحكام سابقة أو مستقبلية تصدر ببطلان بيع أصول الدولة للمستثمرين من مضمونها، وضمان عدم تنفيذها، حتى وإن كانت تشير إلى فساد مالي أو إداري، وإحالة الأحكام بعد صدورها إلى إحدى اللجنتين الوزاريتين لفض المنازعات أو تسوية منازعات العقود، لتباشر إجراءاتها وديا؛ ما يمثل رسالة إيجابية لسوق الاستثمار الخليجي الذي كان مستثمروه أكثر من تضرر من قضايا الخصخصة، وترتب على ذلك رفع 16 قضية ضد مصر في آخر 7 سنوات، موزعة بين “إكسيد” ومراكز تحكيم إقليمية ودولية أخرى.

وتنقل صحيفة “العربي الجديد” اللندنية، عن مصادرها الخاصة أنه تم وضع هذا القانون بتعليمات مباشرة من السيسي على خلفية لقائه بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في أغسطس2018، فضلاً عن لقاءات متكررة بين وفود حكومية مصرية وأخرى إماراتية وسعودية وكويتية، طالبت بإنهاء المشاكل القائمة بين المستثمرين من تلك الدول والحكومة.

وركز السيسي في محادثاته مع قيادات الإمارات آنذاك على بحث التسهيلات التي ستمنحها مصر للشركات الإماراتية ليس فقط في مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ومنطقة غرب الساحل الشمالي، وتمتع الشركات في هاتين المنطقتين بالمميزات ذاتها الممنوحة للشركات الإماراتية في منطقة هضبة الجلالة، شرق القاهرة، بل أيضا بجذب مزيدا من رءوس الأموال الإماراتية لشراء أسهم الكيانات الحكومية.

وعلى مدار سنوات ما بعد الانقلاب الذي رعته السعودية والإمارات بتحريض أمريكي إسرائيلي، فإن الضغوط الخليجية والإماراتية على وجه الخصوص، كانت تقف وراء إدخال تعديلات تشريعية عديدة في مجال الاستثمار في مصر في السنوات الأخيرة، كان أولها في سبتمبر 2013 عندما أصدر المعين من الجيش عدلي منصور، في غياب البرلمان، تعديلاً على القانون يحرر الهيئات الحكومية التي لها قوانين خاصة من التقيّد بإجراءات المزايدات والمناقصات في عمليات البيع والشراء، ويرفع الحد الأقصى للتعاقد بالأمر المباشر لشراء المنقولات وتلقّي الخدمات لصالح الوزارات والهيئات الحكومية.

وبناءً عليه أصبح القانون يسري فقط على وحدات الجهاز الإداري للدولة، من وزارات ومصالح وأجهزة لها موازنات خاصة، ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والاقتصادية، وهي التي لا تملك الأراضي الزراعية أو الصحراوية.

الهدف تسهيل عمليات البيع والخصخصة

ويراهن نظام العسكر على “سرعة وحسن تطبيق القانون الجديد” ليكون قاطرة لجذب استثمارات خليجية للتعامل في الحصص الإضافية من أسهم الشركات الحكومية المطروحة والمقرر طرحها تباعاً في البورصة، لا سيما أن القانون يضمن اتّباع سياسة التسوية بالنسبة لكل المشاكل، سواء كانت بسبب عدم التوافق بين المستثمر والحكومة، أو عدم وفائه بالتزاماته التعاقدية، أو صدور حكم ببطلان التعاقد من المحكمة الإدارية العليا كما حدث في قضايا صفقات “المراجل البخارية، وعمر أفندي، وطنطا للكتان، وشبين الكوم للغزل والنسيج”، وغيرها من القضايا المرتبطة بكيانات اقتصادية سبقت خصخصتها.

وبدأت الوحدة الاستخباراتية الجديدة بالفعل مهامها بالتواصل مع ممثلي شركة “منا” القابضة الكويتية وباقي شركائها الكويتيين في الشركة المصرية الكويتية لاستصلاح الأراضي، للتنازل عن الدعوى التي أقاموها في سبتمبر الماضي ضد مصر أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار “إكسيد” لإلغاء قرار سحب 26 ألف فدان في منطقة العياط في الجيزة، جنوب القاهرة، والصادر عام 2011 من الهيئة العامة للتعمير والتنمية الزراعية التي بادرت إلى فسخ العقد مع الشركة بعد إقامة دعاوى لبطلان العقد أمام القضاء من مواطنين متضررين، وثبوت أن الشركة لم تستغل الأرض في الأغراض الأصلية للصفقة، وهي الزراعة والإنتاج الحيواني والسمكي، وبيعها 10 آلاف متر بحوالي مليار جنيه (نحو 60 مليون دولار) لأغراض سكنية.

واتخذت الشركة الكويتية هذه الخطوة بعد صدور حكم محكمة الجنايات ببراءة وزير الري الأسبق محمد نصر علام من تهمة تحويل نشاط استغلال الأرض المملوكة للشركة من الزراعي إلى العمراني.

وتُشكك براءة الوزير في صحة الدافع وراء سحب الأرض من الشركة، وهو ما يحيي آمالها مرة أخرى في تحقيق استفادة مالية من مقاضاة مصر بحجة أنه كان من حقها تغيير نشاط استغلال هذه المساحة الشاسعة من الأرض، وأنها عرضت سابقا دفع 10 مليارات جنيه للتسوية ورفضت مصر ذلك.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الأحد 28 يوليو 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com