Akhbar Alsabah اخبار الصباح

السيسي يواصل تهجير أهالي سيناء

أهالي سيناء واصل نظام عبد الفتاح السيسي تهجير أهالي سيناء؛ استعدادًا لتنفيذ صفقة القرن التى يسعى مؤتمر البحرين للكشف عن بنودها وتطبيقها على الأرض، ويعمل قائد الانقلاب الدموي من خلال التهجير وتنفيذ بنود الصفقة المشبوهة على مجاملة الصهاينة والأمريكان على حساب الأراضي المصرية.

ويواجه أهالي سيناء ظروفًا معيشية صعبة في ظل الحصار الذي يفرضه الجيش على مداخل ومخارج شبه الجزيرة، إضافة إلى فرض مناطق عازلة بطول الحدود مع غزة وفي محيط مطار العريش، ما أدى إلى تهجير الآلاف من الأهالي وهدم منازلهم لتفريغ المناطق المحددة، ضمن إطار المنطقة العازلة.

كانت اللجنة الشعبية للدفاع عن العريش، قد أكدت أن "صمود أهل سيناء في مواجهة مخطط التهجير هو الحل لإسقاط صفقة القرن".

وقالت اللجنة في بيان لها: «بات واضحًا للجميع أن سيناء هي مركز اهتمام صفقة القرن، وأصبح ما يحدث على أرض سيناء ذا معنى وصدى ليس داخليًّا وحسب بل إقليميًّا، ومن هنا فإن صمود سكان سيناء رغم الحصار والحرمان من أن تظل سيناء كما كانت منذ زرع الكيان الصهيوني مجرد كارت يساوم به الحكام على مائدة تقسيم المنطقة».

وأضافت: «هذا دومًا قدر سيناء من حكامها، حتى وصل الأمر لتكون أحد أهم مفاتيح سيناء (مضيق تيران والجزيرتين) ثمنا لتوسيع كامب ديفيد لتشمل السعوديين، ليكمل الكيان الصهيوني التحكم في أول خليج العقبة بعد أن سيطروا قديمًا على آخره (أم الرشراش المصرية وما تسمى مغتصبة إيلات الآن)».

وبحسب اللجنة، فإن «صمود سكان سيناء في مواجهة الظروف التي يعيشونها سيفشل مخطط تهيئة أرض سيناء وتفريغها لصفقة يسمونها سلامًا اقتصاديًّا».

وزادت: «لطالما رحبنا بفتح حدودنا مع غزة من أجل منطقة حرة، ولكن على أن لا يكون ذلك ثمنًا وبديلًا لفلسطين التي يرفض أبناؤها بدمائهم أيضًا ذلك الثمن الذى يعرضه وسطاء ومحللو صفقة القرن على حساب سيناء وأرضها، أي على حساب استقلال مصر».

وانتقدت من وصفتهم بـ«من يختبئون وراء القبلية ليداروا تحقيق مصالحهم الضيقة مع السلطة، وتربحهم من الأزمة».

يشار إلى أن "التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله جريمة يعاقب عليها القانون ولا تسقط بالتقادم"، هكذا نصت المادة رقم ٦٣ في دستور ٢٠١٤ الانقلابي، وعرفه القانون الدولي بأنه "الإخلاء القسري وغير القانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها"، وهي أيضا جريمة ضد الإنسانية وفقًا لاتفاقية روما للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي عرفت التهجير القسري في المادة 2 الفقرة "د" بأنه "إبعاد السكان أو النقل القسري لهم من المنطقة التي يوجدون فيها بصفة مشروعة، بالطرد أو بأي فعل قسري آخر، دون مبررات يسمح بها القانون الدولي".

عواقب وخيمة

فى سياق متصل، انتقدت منظمة "هيومن رايتس مونيتور" الممارسات القمعية لنظام الانقلاب تجاه أهالي سيناء. وأعربت عن بالغ قلقها إزاء ما يمارس في حق المواطنين من تهجير قسري سينتج عنه عواقب وخيمة، أولها تشريد آلاف المواطنين وآخرها تنامي وتيرة العنف، مرورا بزيادة معدلات الاعتقالات والتعذيب والمحاكمات العسكرية للمدنيين.

وأكدت المنظمة أن ما يحدث مخالف لكل أعراف حقوق الإنسان، محذرة من استمرار الصمت الدولي وغض الطرف عن هذه الجرائم التي ترتكبها السلطات المصرية تجاه مواطنين عزل فقدوا كل يملكون من ممتلكات خاصة لأسباب غير واضحة، وقالت إن هذا الصمت سيسمح بمزيد من ارتكاب الجرائم في حق هؤلاء المواطنين.

وطالبت "هيومن رايتس مونيتور" الأمم المتحدة بإرسال بعثات تقصي حقائق للوقوف على ما يجري في سيناء، وتوثيق الجرائم المرتكبة على أيدي السلطات المصرية، وجلب مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة, حيث لا يمكن للحكومة المصرية التي ارتكبت هذه الجرائم أن تقوم بالتحقيق فيها؛ كونها طرفًا في الجريمة.

الأمن القومي

واعتبر باحث في شئون سيناء، رفض الكشف عن هويته، مواصلة نظام الانقلاب تهجير أهالى سيناء يضع علامات استفهام على أسباب إصراره على استكمال المنطقة العازلة برغم زوال أسبابها، ما يدفع كثيرين إلى الربط بين ما يجري على الأرض في رفح وبين الحديث عن مخطط كبير تشترك فيه مصر، والاحتلال الصهيوني، وأميركا، والسعودية، وطرف فلسطيني أيضا، بهدف توسعة قطاع غزة، على طريق حل القضية الفلسطينية في مرحلة لاحقة.

ويشير إلى أن الأسابيع المقبلة قد تكشف الأهداف الحقيقية لمخطط تهجير مدينة رفح، وإمكانية تمدد المخطط ليطال مدينة الشيخ زويد، التي قطعت أجهزة الدولة المياه والكهرباء عنها بشكل شبه دائم منذ سنوات.

وأكد أن ما يجري من تفريغ سيناء من سكانها يتصادم بقوة مع مقتضيات الأمن القومي المصري، فتوطين السكان بسيناء كان هدفا ثابتا لكافة الأنظمة المصرية في مواجهة أي عدوان صهيوني ظل يطالب بتفريغ سيناء من سكانها وإخلاء المناطق الحدودية من السكان، وهو ما كان يقابل برفض بات من الحكومات المصرية، ولكنه مع الانقلاب العسكري منذ يوليو 2013، بات كل شيء مقلوبًا، فتحولت المطالب الصهيونية لسياسات مصرية ثابتة!.

دستور الانقلاب

ويؤكد المحامي والحقوقي جمال عيد، أن التهجير مخالف للدستور؛ لأن المادة 63 من دستور 2014 الانقلابي تنص على أنه "يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم".

ويقول عيد: إن المادة القانونية واضحة وصريحة في موضوع حظر التهجير، حتى لو رفض شخص واحد فقط، كما أن المادة لم تتحدث تماما عن التعويض.

وأضاف أنه "يجب احترام الدستور، فالقضاء على الإرهاب يكون بالقانون وتقديم نموذج احترام القانون وليس بإهداره، والدستور ليس قابلا للتلاعب والعبث مهما كان الأمر، محذرا من أن عدم احترامه يعطي رسالة للمواطنين بعدم احترامه أيضا.

جرائم حرب

ويرى الكاتب الصحفى قطب العربي أن ما يعانيه أهل سيناء شيء يفوق الخيال، ويفوق القدرة على التحمل. ويكفي أن أحد الجنرالات المعبرين عن النظام ينطقها بـ"الفم المليان"، عبر الفضائيات، "اللي خايف على نفسه ميرحش سيناء"، وهو ما عنونت به منظمة "هيومن رايتس ووتش" أحدث تقاريرها عن الوضع في سيناء، وهو التقرير الذي استغرق عامين لإنجازه، ووثق الكثير من الانتهاكات الخطيرة التي وصفها بجرائم حرب ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم، والتي يمكن محاكمة مرتكبيها أمام القضاء الدولي.

ويقول إن نظام السيسي يتعامل مع أهل سيناء كما لو كانوا "جراثيم" ينبغي القضاء عليها، حتى لا تضر غيرها، ويواصل قتلهم وتفجير مساكنهم، وإخلاءهم من بيوتهم، واعتقال رجالهم ونسائهم في سجون معزولة، وفوق كل ذلك يفرض حالة من التعتيم الشديد على ما يرتكبه من جرائم بحقهم، ويسن قانونا خاصا لمنع نشر أي روايات تخالف الروايات الرسمية التي يعلنها المتحدث العسكري، وهي روايات ثبت في الكثير من الأحيان كذبها.

ويشير العربي إلى أن أهل سيناء هم جزء أصيل من الشعب المصري، قدرهم أنهم يعيشون في تلك البقعة وهي بوابة مصر الشرقية، التي ظل أهل سيناء حماة لها عبر التاريخ، ولا يقدح في ذلك وجود بعض العناصر الفاسدة أو حتى الخائنة بينهم، فهذا استثناء يؤكد متانة القاعدة، وهو أمر لا يقتصر على سيناء، بل توجد هذه العناصر في كل مكان، ويكفي أهل سيناء قدرا وتعظيما تحملهم شظف العيش في تلك الصحاري القاحلة، التي لا تتمتع بما تتمتع به غيرها من المحافظات من خدمات وبنية تحتية قوية .

مواطنون درجة ثالثة

ويوضح أن المظالم التي يتعرض لها أهل سيناء أكثر من أن تحصى، ويمكن إجمالها في شعورهم بالاغتراب عن الوطن، وأنهم مواطنون درجة ثالثة، رغم كل تضحياتهم الوطنية والتاريخية. وقد رفع أهل سيناء عبر ممثليهم، من ساسة ونشطاء ومثقفين وشيوخ عوائل مظالمهم، ودعوا السلطات المختصة لرفع هذه المظالم.

وبدلا من الاستجابة لمطالبهم، كان الرد السلطوي هو المزيد من القمع، وهو ما وفر البيئة الصالحة لنمو التشدد، ومن ثم الإرهاب الذي لم يعد يقتصر في ضرباته على عناصر ومراكز السلطة، بل شمل أيضا قتل وتعذيب وملاحقة أهل سيناء أنفسهم، والذين أصبحوا بهذا الشكل بين نارين (نار الجيش ونار داعش).

ويؤكد العربي أن استخدام القوة الغاشمة في سيناء كما أمر السيسي لا يفرق بين مدنيين ومسلحين، بل إن غالبية الضحايا هم من المدنيين المسالمين من أبناء سيناء الذين ضاقت عليهم أرضهم بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وأجبروا على ترك أرضهم وديارهم بغير حق لإفساح سيناء أمام تنفيذ صفقة القرن التي تواجه عثرات كبيرة، لكن السيسي يرى فيها أكسير حياة جديد لبقائه في السلطة لفترة أطول.

ويخلص إلى القول: إن هذا القمع والقتل والتنكيل والتهجير بحق أهل سيناء لن يقضي أبدا على الإرهاب، بل الأصح أنه يصنع بيئة وتربة خصبة له، ويوفر له حاضنة شعبية من غضب المكلومين والثكالى والمظلومين، مؤكدا أن السيسي فشل فشلا ذريعا في حربه ضد الإرهاب، وهي الحرب التي يستند إليها لتبرير ما يفرضه على المصريين من معاناة، وما يلهي به المؤسسة العسكرية حتى يحتفظ بولائها له.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الأربعاء 26 يونيو 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com