Akhbar Alsabah اخبار الصباح

السيسي يضع مصر في حالة انقلاب دائم

مصر الانقلاب الدائم قال الحقوقي بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، إنه من المتوقع أن يتبنى “البرلمان” في وقت سابق من هذا الأسبوع إصلاحًا دستوريًا يقضي على آخر إنجازات ثورة 2011 ويسمح لعبد الفتاح السيسي بالبقاء في السلطة حتى 2034.

وأوضح في مقال له بعنوان “مصر. الانقلاب الدائم” أنه طوال السنوات الست التي شهدت انقلاب عبد الفتاح السيسي على أول رئيس مدني في مصر، نظم السيسي العديد من الانقلابات السياسية والأمنية والتشريعية والدستورية والانتخابية، وأنه يقوم حاليًا بإعداد انقلاب دستوري يسمح له بالبقاء في منصبه حتى عام 2034.

وأكد “حسن” الذي نشر مقاله بدورية حقوقية بعنوان “أورينت اكس اكس آي” أن السيسي ارتكب خطأ مأساويًا، مشيرا إلى أنه لا يمنح الجيش غطاء دستوري لإزاحته فحسب، بل إنه منح كل من يعارضونه داخل وخارج نظامه هدفًا يربط الانقسامات التي لا يمكن التوفيق بينها.

وأوضح أن السيسي قد يكون ضحية لأعماله الخاصة، فإن تجارب الرؤساء المصريين السابقين الذين عدلوا الدستور لتعزيز سلطاتهم انتهى بهم الأمر إلى فقدانهم له.

تعهدات كاذبة

وأضاف أنه على الرغم من أن السيسي أعلن بعد انقلابه في عام 2013 أنه لن يترشح للرئاسة، إلا أنه يحكم البلاد فعليًا منذ ذلك الحين. مشيرا لى أنه في غضون عام، كسر السيسي وعده وأعلن أنه يترشح للرئاسة وانقلب على حلفائه العلمانيين، وأزالهم من الحكومة وسجن نشطاءهم. خلال فترة ولايته الأولى التي استمرت أربعة أعوام وخلفها وراء دخان مكافحة الإرهاب، شهدت مصر أكبر حملة قمع في تاريخها الحديث ضد المعارضة السلمية، سواء كانت إسلامية أو علمانية.

الانقلابات المتعددة

وفي خطوات الانقلابات التي خاضها السيسي منذ مجيئه، أشار إلى أنه طوال عامه الأول كرئيس، قاد السيسي انقلابا قانونيا من خلال إصدار المئات من التشريعات، وكثير منها غير دستوري. حيث تم تصميم البرلمان، وفقًا لمستشار سابق لسيسي حُكم عليه الآن، من قبل أجهزة المخابرات، وخنق هذه التشريعات بشكل جماعي خلال جلساته الأولى. بحلول نهاية ولايته الأولى، بدأ السيسي في تسوية الحسابات مع كبار ضباط الجيش والأمن. وأقال رئيس أركان الجيش ومدير المخابرات العامة ووضعهما قيد الإقامة الجبرية في المنزل وعين رئيس أركان مكتبه وابنه محمود في أعلى موقعين في المخابرات العامة. قام السيسي بسجن المرشحين للرئاسة الذين خاضوا الانتخابات ضده في إعادة انتخابه أو وضعوه قيد الإقامة الجبرية (وهي سابقة أولى خلال 65 عامًا في ظل النظام الجمهوري) بما في ذلك رئيس الأركان العسكري السابق ورئيس الوزراء السابق.

فشل سيناء

وأضاف أنه بعد أن أدار السيسي الانتخابات دون معارضة فعلية، قاد أكبر حملة اعتقالات جماعية لشخصيات سياسية علمانية منذ عام 1981 وأقال وزير الدفاع الذي تم التشكيك في ولائه له، وعين بدلاً من ذلك رئيس الحرس الرئاسي. بالتزامن مع الحملة على الجنرالات السابقين، أمر الجيش بإطلاق “العملية الشاملة” الدعائية ضد داعش في سيناء، والتي اعتبرها الكثيرون بمثابة صرف عن الانتخابات الفاضحة.

وعلى عكس المعلن أشار بهي الدين حسن إلى استمرار العملية الشاملة، بعدما كان من المفترض أن تستمر لمدة ثلاثة أشهر، لمدة عام وانتهت دون عناء عندما استولى المتحدث الرسمي باسم الجيش للإشارة إليها في تصريحاته. ما زال داعش ينفذ هجمات مدمرة ويستخدم جرائم الجيش ضد المدنيين في سيناء كأداة للدعاية.

الانقلاب العسكري

وكشف الحقوقي اليساري إلى أن الدراسات الأكاديمية تشير إلى أن العامل الحاسم الثابت في السياسة المصرية منذ الانقلاب العسكري الأول في عام 1952 كان الخلاف بين الجيش وكبار الضباط العسكريين في السلطة. كما لاحظوا أن هذا الخلاف المفرط قد استهلك البلد وأدى إلى نضوب موارده وتآكل الكفاءات.

وأضاف أن هذا الخلاف انعكس بشدة على الكفاءة والفعالية العسكرية وساهم في هزيمة مصر العسكرية الأكثر مهانة في عام 1967.

وأوضح فيما يخص السيسي أنه منذ اليوم الأول للجنرال كرئيس، يدرك أنه يتوجب عليه يوميًا أن يتعامل مع توازن دقيق للغاية بين اثنين من العناصر الحيوية؛ الأول هو أن الجيش هو دائرته الانتخابية الرئيسية، والثاني هو أن الجيش يشكل تهديدًا وأنه يتعين عليه احتواء طموحات كبار الضباط العسكريين لتحل محله.

ولفت إلى أن معضلة السيسي، وجميع الرؤساء الذين سبقوه على مدار الأعوام الـ 67 الماضية، تتمثل في كيفية إدارة هذا التوازن الدقيق دون أن ينتهي بهم المطاف إلى سحقهم بالانتفاضات الشعبية أو الانقلابات العسكرية.

السيطرة على القضاء

وعن هدف التعديلات قال “حسن” إن التعديل الدستوري الذي يسمح للسيسي بالبقاء في السلطة لمدة 12 عامًا إضافيًا، قد طغى على التعديلات الأخرى التي تؤكد دكتاتورية رجل واحد.

ووفقًا لتصريحات اثنين من كبار المسؤولين القضائيين، فإن هذه التعديلات ستمنح السيسي سلطة كاملة على القضاء وستضفي دستورية على هيمنة الجيش على السياسة. هذه التصريحات غير المسبوقة، إلى جانب المواقف العامة الأخرى لشخصيات من نظامي مبارك والسيسي، تشير إلى نقص نشير إلى عدم وجود إجماع داخل النظام على تلك التعديلات.

ورأى أن صياغة التعديل المتعلقة بدور الجيش تعني أيضًا أنه للمرة الأولى لم يعد دوره مقصورًا على وكالة أمنية، بل هو منصب مضمون كمحكّم بين الجهات الفاعلة السياسية الرئيسية، بما في ذلك الرئيس.

وأوضح أن الجيش لعب هذا الدور بالفعل في عامي 2011 و 2013 عندما أطاح برئيسين، على الرغم من عدم وجود مثل هذا النص في الدستور. مشيرا إلى أن مثل هذا التعديل هو سلاح ذو حدين: إنه يعطي الجيش مبرراً لتحويل مصر إلى حمام دم كما كان الحال في سوريا، ولكنه يعطيها أيضًا غطاء دستوريًا للإطاحة بالسيسي بالأزمة الرئيسية التالية.

الإفلات من العقاب

وأشار الحقوقي المصري إلى أن الحفاظ على الإفلات من العقاب هو من أبرز ما يتوخاه السيسي من التعديلات، قائلا: من المرجح أن السيسي يدرك المخاطر التي تنطوي عليها التعديلات الدستورية لمستقبله كرئيس. ومع ذلك، فهو يدرك تمامًا أنه إذا تنحى عام 2022 كما ينص الدستور الحالي، فلن يكون آمنًا. تتهمه تقارير جماعات حقوق الإنسان الوطنية والدولية بارتكاب جرائم تتجاوز بكثير جرائم مبارك، بما في ذلك الإشراف على أسوأ مذبحة في تاريخ مصر الحديث. إن البقاء في السلطة هو الضمان الوحيد للحفاظ على إفلاته من العقاب، حتى لو كان ذلك على حساب الإخلال بالتوازن الدقيق الذي يحاول الحفاظ عليه مع الجيش.

وعبر حسن في ختام مقاله كيساري ماركسي خلافه مع الرئيس مرسي وطرح الإخوان “الإسلام هو الحل ” فزعم “ذهب محمد مرسي في التاريخ كرئيس أثبت لمصريين عن غير قصد أن الإسلام ليس حلاً للسياسة”. لكنه أشار أيضا إلى أنه في جميع الاحتمالات، فإن “السيسي سينضم إلى التاريخ باعتباره الجنرال الذي أثبت للمصريين أن الجيش ليس حلاً للمعضلة السياسية المزمنة في مصر، ولكنه كيان ينبغي أن يبتعد عنه إلى أجل غير مسمى”.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الثلاثاء 16 إبريل 2019
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com