لم يكن قرار الرئيس المصري محمد مرسي الشهر الماضي بالتراجع عن تعيين النائب العام المستشار عبد المجيد محمود سفيرا لمصر في الفاتيكان، والإبقاء عليه في منصبه، هو نهاية للزلزال السياسي الذي أحدثه القرار، فلا تزال توابعه مستمرة حتى الآن.
توابع الزلزال تباينت شدتها على مقياس الحالة السياسية المصرية بين الانخفاض والارتفاع، لكنها بلغت ذروتها – مؤخرا – بعد تصريح لنائب مجلس الشعب السابق محمد الصاوي قال إنه تلقى مكالمة من النائب العام، تهدده بعد شكوى تقدم بها مع زميله النائب حاتم عزام لمجلس القضاء الأعلى للمطالبة بإقالة النائب العام لتقاعسه عن أداء مهام وظيفته.
واعتبرت شكوى الصاوي وعزام وسيلة من وسائل الضغط الشعبي لإقصاء النائب العام عن منصبه، وبدأ هذا الضغط مباشرة بعد فشل مساعي الرئيس مرسي في إقصاءه، حيث نظمت عدة قوى ثورية وقفات احتجاجية أمام مقر دار القضاء الأعلى للمطالبة بالإقالة، من بينها الوقفة التي نظمها "ائتلاف الثورة لتطهير القضاء".
كما نظم "ائتلاف الثورة لاستقلال السلطة القضائية"، والذي يضم 27 حزبا وحركة ثورية وقفة احتجاجية أخرى، وكانت الوقفة الأكبر في سياق الضغط الشعبي على النائب العام تلك التي نظمتها الجماعة الإسلامية في 30 أكتوبر/ تشرين أول الماضي وشارك فيها 27 حزبا وائتلافا أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة.
وتزامن مع كل هذه الوقفات حملات على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، ومنها الحملة التي حملت عنوان "صوت على خلع النائب العام" ،والتي شارك فيها أكثر من 21 ألفا، وحملة أخرى بعنوان "يسقط النائب العام حامي النظام".
وانطلقت حملة أخرى تجاوزت إقالته إلى ترشيح البديل، وحملت عنوان :"حمله ترشيح المستشار زكريا عبد العزيز لمنصب النائب العام"، وتجاوز عدد المشاركين بها الألفي عضو.
وجاءت شكوى الصاوي وعزام لتساعد على اتساع دائرة الغضب الشعبي، ليس بسبب الشكوى نفسها، فهي في حد ذاتها لا تحمل جديدا، ولكن بسبب الجدل الذي أثارته بعد اتهام الصاوي للنائب العام بالاتصال به وتهديده بفتح ملفات قديمة تخصه وموجودة في مكتبه، إذا لم يسحب الشكوى.
وتفاعلت قوى سياسة مع إتهام الصاوي، ووصف محمد البلتاجي أمين حزب الحرية والعدالة بالقاهرة وعضو الجمعية التأسيسية لوضع الدستور سلوك النائب العام بالـ "فضيحة ".
وقال في بيان له اليوم الثلاثاء: "بعد فضيحة المكالمة التليفونية التهديدية من النائب العام للمهندس محمد الصاوي أظن أن المطالبة برحيل السيد عبد المجيد محمود لم تعد فقط مطلبا جماهيريا ثوريا، بل أصبحت بالضرورة مطلبا قضائيا كذلك، وهذا من أجل الحفاظ على مصداقية القضاء وثقة الجماهير في منظومة العدالة".
وأصدر المحامي عصام سلطان نائب رئيس حزب الوسط هو الآخر بيانا أعرب فيه عن تضامنه مع الصاوي، ووجه سلطان رسالة إلى النائب العام قائلًا " سيادة النائب العام : .. نحن لا نتهدد.. نحن لا نخاف ..نحن لن نسكت ..القانون سيأخذ مجراه ..معك ".
وتوجه سلطان في ساعة متأخرة من صباح اليوم الثلاثاء بصحبة المهندس محمد الصاوي والمهندس حاتم عزام إلى قسم قصر النيل لتحرير بلاغًا ضد النائب العام، يتهمه فيه بالتهديد واستغلال النفوذ في مكالمته للصاوي.
وكانت شكوى الصاوي وعزام لمجلس القضاء الأعلى قد تضمنت اتهام النائب العام بتأجيل جميع القضايا التي تخص رجال نظام مبارك إلى أجل غير مسمي، وطالبوا المجلس بتشكيل لجنة قضائية لحصر البلاغات التي قدمت ضد أفراد النظام السابق سواء قبل الثورة أو بعدها وبيان ما تم فيها وتاريخ كل إجراء من إجراءات التحقيق، وما انتهت إليه التحقيقات ومدى اتفاقها مع الثابت بالأوراق وصحتها قانونا من عدمه، مؤكدين في شكواهم أن أغلب الشعب المصرى لديه شكوك في حيادية النائب العام فيما يخص هذا الجانب.
واندلعت الشهر الماضي أزمة بين القضاء ومؤسسة الرئاسة المصرية على خلفية قرار الرئيس محمد مرسي إقصاء النائب العام من منصبه بتعيينه سفيرًا في الفاتيكان، وهو ما اعتبره قضاة تدخلاً من السلطة التنفيذية في استقلال القضاء؛ وذلك قبل أن تتراجع مؤسسة الرئاسة وتبقي النائب العام الحالي في موقعه خاصة أنه ليس من صلاحيات الرئيس إقالة أو عزل النائب العام.