Akhbar Alsabah اخبار الصباح

تصريحات أمريكية تصدم السعوديين

ولي العهد السعودي جاءت تصريحات وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس خلال كلمة ألقاها في مؤتمر أمني بالعاصمة البحرينية المنامة مؤخرا أن قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في مقر قنصلية بلاده بتركيا من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي في المنطقة، وأن “عدم التزام أي دولة بالمعايير الدولية وحكم القانون يقوض الاستقرار الإقليمي في وقت تشتد الحاجة إليه”؛ لتعكس إدراكا جديدا من جانب الإدارة الأمريكية لمدى خطورة التطرف في الاستبداد العربي باعتباره مغذيا لنزعات التشدد والإرهاب.

هذه التصريحات تحتاج إلى قراءة بتمعن شديد، فالإشارات الضمنية إلى دور السعودية في تقويض الأمن والاستقرار في الإقليم مقلق، والمستفيد الأكبر من مجمل ما حدث في الأسابيع الأخيرة هو إيران الذي تقول الرياض إنها تهدد الأمن الإقليمي.

وبحسب الأكاديمي الأردني والمحلل السياسي الدكتور حسن البراري فإن الوزير جيمس ماتيس ينطلق من ثقافة استراتيجية مختلفة انعكست على تصريحاته وعلى مستويين.

أولاً: ينتقد الوزير ضمنيًا سياسات السعودية الداخلية عندما يقول إن الأمة تكون أكثر أمنا عندما تسمح للأصوات المعارضة بالتعبير عن نفسها، والقراءة المتمعنة لهذه الجملة تفضي إلى فك شفيرة الفهم الأمريكي الذي حمّل السعودية بعضًا من الأعمال الإرهابية مثل تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر. فهناك انطباع سائد في الولايات المتحدة يفيد بأنه لو كانت السعودية دولة تسمح بالمعارضة وتسمح بالانتخابات لكان أسامة بن لادن في أكثر الأحوال نائبًا متطرفًا في برلمان سعودي ولما هاجم تنظيم القاعدة الولايات المتحدة.

ثانيًا: تسعى الولايات المتحدة إلى إيجاد تحالف عريض في المنطقة لمواجهة واحتواء إيران، واستقر الرأي الأمريكي على أن السعودية ستكون ذلك البلد الذي سيتبوأ مركز الصدارة في هذا التحالف، والسعودية أيضًا متحمسة لتشكيل ما يسمى بالناتو العربي الذي يضم دولاً عربية “معتدلة” بالإضافة إلى إسرائيل التي ستكون في حسابات التحالف، وإذا كانت السعودية ستقود هذا التحالف لمساعدة الولايات المتحدة في حربها الباردة مع إيران، فإن الرياض كان ينبغي ألا تدخل في خلافات مع دول من نفس المجموعة وهنا الحديث عن حصار قطر مثلاً.

في نفس السياق، شكلت عملية اغتيال جمال خاشقجي ضربة قوية لمكانة السعودية ووليّ عهدها التي استثمرت الولايات المتحدة كثيرًا في تلميع صورته، فكيف للولايات المتحدة الآن أن تبرر المضي قدمًا في علاقة مع دولة يقودها شخص يتهمه المجتمع الدولي بالضلوع في عملية اغتيال مواطن سعودي لا ذنب له سوى أنه عبر عن رأي مختلف عما يحب أن يسمعه ولي العهد؟

إزاء ذلك يرى كثير من المحللين أن البيت الأبيض سيجد صعوبة في الاستمرار بالعلاقة مع ولي العهد السعودي والحفاظ على الاحترام الداخلي في الوقت ذاته.

هل تحولت السعودية إلى عبء؟

المتابع لما يكتب في الصحافة الغربية سيجيب بنعم، والمتابع للتصريحات التي تأتي من قادة العالم الحر سيجد من الصعوبة بمكان العثور على تصريح واحد لصالح وليّ العهد السعودي، علاوة على ذلك، هناك أصوات محترمة على المستوى الدولي تطالب بمحاكمة دولية لمرتكبي الجريمة، وهذا ينطوي على تشكيك واضح في شفافية ومصداقية القضاء السعودي. لكن المسألة لا ترتبط بالقضاء بقدر ما ترتبط بمصداقية الموقف السعودي برمته حيال مقتل خاشقجي.

اللافت أن جيمس ماتيس تحدث عن التحالف المقرر تأسيسه العام القادم، لكن لا أحد يعرف بالضبط كيف يمكن إقامة تحالف بين مجموعة من الدول وهي في حالة خصام وتنافس وربما حرب باردة؟

فكرة وجود مصدر تهديد مشترك لا تكفي لإقامة تحالف، فلا بد من الدول الأعضاء أن تقرر آلية التصدي لهذا الخطر، وعليه كيف يمكن أن تقوم السعودية بهذه المهمة وسياساتها الإقليمية جلبت لها الخصوم وأبعدت عنها من كان يمكن أن يكون في صفها في مواجهة إيران.
سياسة | المصدر: الحرية و العدالة | تاريخ النشر : الثلاثاء 30 اكتوبر 2018
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com