Akhbar Alsabah اخبار الصباح

ماذا عن مكالمة بن سلمان للصحفي خاشقجي من داخل القنصلية السعودية؟

خاشقجي كان واضحاً أن الرواية الرسمية السعودية التي صدرت أول البارحة عن "وفاة" جمال خاشقجي رحمه الله نتيجة "شجار" متهافتة ولن تصمد طويلاً، لكن ذلك حصل أسرع بكثير من المتوقع برأيي.

لربما كانت تصريحات قيادات حزب العدالة والتنمية التركي البارحة العامل الأهم حيث أعطت انطباعاً بعدم اقتناع أنقرة وعدم إقرارها بهذه الرواية. اليوم، يتحدث مصدر سعودي لرويترز عن رواية "مطورة" نوعاً ما، تتحدث عن "خنق" خاشقجي وإخراج جثته بسجادة إلى خارج القنصلية.

برأيي أن هذه الرواية أيضاً لن تصمد كثيراً، وستضطر الرياض لـ"تطويرها"، إذ بالنظر لرغبة السعودية بإغلاق ملف التحقيق وتجنب تحمل المسؤولية السياسية، تتضمن الرواية الجديدة/المعدلة 3 ثغرات كبيرة، هي:

أولاً، الحديث عن فريق من 15 شخصاً فيهم طبيب جنائي لـ"إقناع" الخاشقجي بالعودة للسعودية. هذا يشير لمعنى الخطف بالحد الأدنى والقتل بالحد الأعلى وما بينهما من تحقيق/تعذيب، (وكلها تنتهك الأعراف الدبلوماسية واتفاقية فيينا التي تنظمها)، وكل ذلك بتكليف رسمي.

ثانياً، الحديث عن "متعاون" تركي سلمت له الجثة، ما سيقوّي يد أنفرة في التحقيق للمطالبة بالكشف عن اسمه وتفاصيل أخرى متعلقة بمكان تسليم الجثة..الخ.

ثالثاً، الحديث عن المسؤولية المباشرة للفريق السعودي في "قتل" خاشقجي هذه المرة سيؤدي إلى - ويدعم - مطالبات تركية بالتحقيق معهم، وهو امر متوقع أن ترفضه السلطات السعودية بطبيعة الحال مبدئياً. لكن بالنظر إلى ضعف الموقف السعودي ومصلحة الرياض بعدم تدويل التحقيق/القضية قد تحمل الأيام القادمة تنازلات على هذا الصعيد.

بطبيعة الحال، حديث مسؤولين سعوديين عن أن القضية "جريمة حصلت على أراض سعودية ضد مواطن سعودي" وبالتالي اختصاص السلطات السعودية حصراً بالتحقيق والحكم حديث لا قيمة له ولا وزن. فالحديث عن ان "القنصلية أرض سعودية" هو كلام مجازي يشير لوضعها الدبلوماسي أكثر مما هو كلام واقعي، ولذا فقد دخلت السلطات التركية وفتشت في القنصلية وبيت القنصل ولكن بعد سماح الرياض بذلك، فضلاً عن انتهاك الأعراف الدبلوماسية الذي يدعم الموقف التركي. قد يكون هناك - وقد كان - تعاون بين البلدين، لكن التحقيق الرئيس تركي، ولذلك تحدث المسؤولون الاتراك عن تحقيق تركي خاص مختلف عن مسار التعاون مع الرياض.

بكل الأحوال، الرواية السعودية المعدّلة أيضاً ستحتاج لتعديلات إضافية، خصوصاً إذا ما استمر الضغط التركي وهو الامر المرجح حتى الآن. هذا الضغط مستمر بجرعات تدريجية محسوبة فيما يبدو لي. فقد نشرت صحيفة يني شفق التركية اليوم ما أسمته معلومات حصلت عليها أن محمد بن سلمان تحدث هاتفياً مع جمال خاشقجي - رحمه الله - لإقناعه بالعودة للسعودية وحين رفض الأخير قتله الفريق المتواجد داخل القنصلية، وهو أول خبر أو تسريب يشير صراحة وبشكل مباشر لمعرفة ومتابعة ولي العهد السعودي بما حصل داخل القنصلية (فضلاً عن إعطائه الأوامر بشكل مباشر إن ثبت) وهو ما يضرب الرواية السعودية في مقتل.

لننتظر ونتابع، لكن من الواضح أن القضية ما زال فيها الكثير بينما شارف التحقيق التركي (وبالتالي إعلان الرواية التركية) على النهاية. الساعات والأيام القليلة القادمة - فيما يبدو - حافلة بالكثير.
سياسة | المصدر: الدكتور سعيد الحاج | تاريخ النشر : الأحد 21 اكتوبر 2018
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com