Akhbar Alsabah اخبار الصباح

استعداد لتظاهرات موحدة بالعراق

تظاهرات العراق أغرق ناشطون عراقيون عدداً من مدن جنوب البلاد بقصاصات ورقية ومنشورات على جدران المدارس والمساجد والأسواق، تدعو للاستعداد إلى جمعة موحدة للتظاهر في مدن الجنوب التسع، إضافة إلى بغداد، لتجديد ما أسموه المطالبة بالحقوق، في وقت تشهد المدن ذاتها فتوراً واضحاً لناحية زخم التظاهرات، أرجعه ناشطون إلى عمليات الاعتقال والقمع الواسعة، والارتفاع القياسي في درجات الحرارة خلال ساعات النهار. في غضون ذلك، كشفت مصادر حكومية عراقية عن تشكيل الحكومة وفداً مشتركاً من ديوان الوقف الشيعي ومديرية شؤون العشائر، إضافة إلى زعماء قبليين محليين في محافظات الجنوب، للتحرّك نحو عشائر قتلى التظاهرات والجرحى الذين تسببت إصاباتهم بإعاقة دائمة خلال مشاركتهم بالتظاهرات، بغية تعويضهم مالياً وتقديم امتيازات أخرى لذويهم، في تحرّك من الحكومة يقابل الدية العشائرية المعتمدة اليوم بالعراق بشكل واسع. ويأتي ذلك بالتزامن مع استمرار الحكومة العراقية بالإعلان من خلال بيانات يومية، عن حُزم إصلاحات اقتصادية ووعود تتعلّق بالخدمات والتمويل المالي للمحافظات الجنوبية وإطلاق فرص العمل لأبنائها.

استعدادات للتظاهرات: جمعة المطالب

إلى ذلك، أوضح الناشط المدني في البصرة أحمد حسوني اللامي في حديث مع "العربي الجديد"، أنه تمّ الاتفاق على تظاهرات واسعة وموحّدة يوم الجمعة المقبل في البصرة والنجف وكربلاء وميسان وذي قار وواسط والقادسية وبابل والمثنى، إضافة إلى بغداد، وتحمل المطالب نفسها. ورفض اللامي الحديث عن خمود التظاهرات أو القول إنها فورة غضب شعبية وانتهت مع الوقت، قائلاً إن "التظاهرات ستستمر لحين تلبية المطالب كلها، وجرى التوافق عليها باعتبارها سلاح التغيير الوحيد في العراق اليوم".

من جانبه، قال حيدر النجفي، عضو تنسيقة النجف، وهي لجنة مصغّرة مؤلفة من شباب غير معروفين سابقاً وينحدرون من قرى وأرياف ومدن عدة في المحافظة، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الشيء الوحيد الذي تحقق اليوم بعد نحو ثلاثة أسابيع، هو التأكيد على أنّ الديموقراطية في العراق كذبة كبيرة، والدليل آلة القمع التي أنزلتها الحكومة على رؤوس المحتجين السلميين". وأضاف "صدمنا من ردّ فعل الحكومة وتعامل الجيش والشرطة مع المتظاهرين، رغم أنهم أبناء الجنوب، ورغم أنّ بعض الأحزاب والمسؤولين حاولوا الإيحاء بأنّ الجنود والأمن من الأنبار والموصل وصلاح الدين، وأنّ هناك مندسين. لكن تبيّن أنّ الموضوع أكبر بكثير، وهو أنّ من جلبهم الأميركيون للعراق مع الاحتلال، لا يصلحون لحكم ديموقراطي ولا حتى لإدارة الدولة". ورأى النجفي أنّ "التظاهرات تراجعت لكنها ستنشط مرة أخرى، كونه لم يتغيّر شيئاً"، مؤكداً أنّ بعد غد الجمعة "ستكون هناك تظاهرات حاشدة".

إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام عراقية محلية عن أحد قيادي التظاهرات في المثنى، ويدعى خزعل، قوله إنّ "تظاهرات محافظة المثنى ستتحوّل إلى اعتصام مفتوح، وسيتم نصب الخيم يوم السبت المقبل، ويبقى هذا الاعتصام قائماً لحين تلبية مطالبنا والتي من أهمها إقالة المحافظ ومدير شرطة المثنى ومدير الاستخبارات، وهذه المطالب لن نتنازل عنها".

من جانبه، أكّد محمد المنصوري، عضو مجلس محافظة البصرة، أمس الثلاثاء، أنّ "الشركات الأجنبية في المحافظة رفضت تعيين أي مواطن بصري منذ الأزمة ولغاية الآن، ولا يوجد أيّ تحسّن في ملف الخدمات، ولا سيما لناحية توفير المياه الصالحة للشرب". وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام عراقية أنّ "تواطؤ بعض أفراد الحكومة الاتحادية مع الشركات الأجنبية العاملة في المحافظة، سيضيع حقوق أهالي البصرة"، مشيراً إلى أنّ "المحافظة تسلّمت نحو 60 ألف طلب تعيين لغاية الآن، لكن لم تفتح الحكومة الاتحادية أبواب التعيينات رغم وعودها بفتح عشرة آلاف درجة وظيفية". وأكّد المنصوري أنّ "دولة الكويت أرسلت مولدات كهربائية ضخمة وأجهزة خدمية أخرى إلى البصرة، وقد وصلت حالياً إلى ميناء أم قصر، تمهيداً لنقلها وإيصالها إلى المحافظة".

وعود نُفّذت وأخرى لم ترَ النور

ولغاية الآن، قدّمت الحكومة العراقية من خلال بيانات رسمية ومؤتمرات صحافية لرئيس الوزراء حيدر العبادي، وخلية الأزمة المشكّلة من قبل الحكومة للنظر بطلبات المحتجين في الجنوب، ما لا يقل عن أربعين وعداً، جميعها تتعلّق بالجانب الخدمي وتأمين فرص العمل وتوفير السيولة المالية للمحافظات الجنوبية. ومن أبرز هذه الوعود؛ تخصيص نحو 3 مليارات دولار للبصرة، وتوفير 10 آلاف فرصة عمل لها، وتخصيص مبلغ 800 مليار دينار (نحو 680 مليون دولار) لصندوق الإسكان. وكذلك إطلاق التعيينات في محافظة المثنى، ومراجعة المشاريع المتوقفة فيها واستئناف العمل بها، وإطلاق تخصيصات مالية لمشاريع تعبيد طرق وإنشاء جسور وتنظيف شبكات الصرف الصحي، وتمويل موازنة دائرة الصحة في المحافظة لشراء أجهزة ومستلزمات حديثة لها، ومراجعة ملف إنشاء المستشفى الألماني، ودراسة آلية تسديد قروض المزارعين، وتأمين حصة المحافظة من مياه الفرات وإطلاق برنامج للتخفيف من الفقر فيها.

وفي محافظة ذي قار، أطلقت وعود ببدء التعيينات في دوائر الدولة، وتأمين سبعة آلاف فرصة عمل مختلفة، ودفع حصة المحافظة من مشروع "البترودولار"، وإعادة النظر بحصتها من الكهرباء، وتخصيص مبالغ مالية لإكمال عدد من المشاريع الخدمية، وإعادة القوات الأمنية التي جرى نقلها من المحافظة إلى مناطق أخرى. كذلك تعهّدت الحكومة في بياناتها بإكمال مشروع ماء الشرب ووضع خطة تفصيلية لإعادة تأهيل المصانع والمعامل الحكومية المتوقفة في ذي قار، وحلّ جميع مشاكل المدينة الصناعية، وكذلك تأهيل مشاريع شبكات الصرف الصحي والماء ومحطات المعالجة، وإطلاق تخصيصات مالية لدعم القطاع الصحي وتأمين الأدوية، ودراسة تأجيل تسديد قروض المزارعين لمدة سنتين أو إعفاء تلك القروض من الفوائد، وحسم ملف الملعب الأولمبي، وضمان حصة المحافظة من مياه دجلة والفرات وتمويل مشروع تأهيل المدارس.

وأتت هذه الوعود إلى جانب وعود أخرى، مثل العمل الفوري على إعادة العمل بالمشاريع الخدمية غير المكتملة، والمباشرة الفورية ببرنامج التدريب والتأهيل في المراكز التابعة لوزارة العمل. وقد تشابهت وعود الحكومة لهذه المحافظات بالوعود التي أطلقت للمحافظات الجنوبية الأخرى، والتي أجرى وفود منها لقاءات مع رئيس الحكومة في بغداد.

وفي هذا الإطار، قال القيادي في التيار المدني العراقي، محمد كانون الحجامي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الحكومة نجحت في احتواء التظاهرات إلى حدّ ما من خلال قمعها وترهيب المشاركين فيها، وإشراك أحزاب وفصائل مسلحة معها، فيما بدا وكأنه تحالف مصالح مشتركة، وكذلك من خلال وعود كثيرة تقاربت فيها مع طموحات الناس، كوظيفة وماء نظيف وكهرباء وفتح مكاتب توظيف". وأضاف "هناك طلبات فعلاً تحققت ودفعت أموال ضخمة للجنوب، وفتحت مكاتب تشغيل هناك، ولكن هناك طلبات لا يمكن تلبيتها الآن مثل الكهرباء والماء، إضافة إلى استحالة إيجاد فرص عمل لنحو نصف مليون عاطل بالجنوب"، موضحاً "لكنّ قلة من المتظاهرين يؤمنون أنّ عودتهم لمنازلهم وإنهاء الاحتجاجات يعني تفويت فرصة كبيرة في تحقيق إصلاح حقيقي بالوضع العراقي العام".

ديّات لقتلى التظاهرات

وفي ظلّ هذه التطورات، كشف مسؤول حكومي عراقي في بغداد لـ"العربي الجديد"، عن تشكيل الحكومة لجنة مشتركة من ديوان الوقف الشيعي ومديرية شؤون العشائر بوزارة الداخلية ووجهاء وزعماء قبائل من الجنوب، بهدف التحرّك نحو ذوي قتلى التظاهرات وأولياء الذين أصيبوا بجروح سببت لهم إعاقات أو إصابات بالغة بدف تعويضهم.

ووفقاً لتعبير المسؤول، فإنّه سيتم دفع دية الضحايا ومنح فرص تعيين حكومية لذويهم وقطع أراض سكنية لهم، ومعاملتهم ضمن قانون الشهداء، الذي يعطي ذوي الشهيد امتيازات كثيرة ومختلفة"، مؤكداً أنّ العبادي وافق أيضاً على فتح تحقيق في حوادث مقتل المتظاهرين بمدن جنوب البلاد بناءً على طلبات وُجّهت له من زعماء قبليين هناك.
سياسة | المصدر: العربي الجديد | تاريخ النشر : الأربعاء 25 يوليو 2018
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com