Akhbar Alsabah اخبار الصباح

ليست سوريا... إنها الحرب في السعودية

العوامية برزت أزمة بلدة #العوامية السعودية على السطح مجددًا مع نشر وسائل الإعلام الغربية تقارير حول البلدة التي تشهد اشتباكات عنيفة بين الأمن السعودي ومسلحين شيعة، يقول الإعلام الرسمي إنها مجموعات إرهابية ، فيما يقول سكان إن الحملة تستهدف الانتقام من مسقط رأس القيادي الشيعي البارز نمر النمر.

فقالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أنها حصلت على معلومات حول "الوضع الصادم" في بلدة العوامية السعودية ، التي تشهد حصارا منذ مايو الماضي و "حربا سرية " بين الأمن السعودي و "مسلحين شيعة".

وأوضحت الصحيفة :" أن المعركة رغم تلقيها قدراً ضئيلاً من التغطية الإعلامية سواء داخل المملكة المحافظة أو خارجها بدأت منذ وصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى السعودية في مايو الماضي، وسط تعتيم او تغطية إعلامية قليلة جدا".

وتناولت هيئة الإذاعة البريطانية" بي بي سي" الأحداث ، مشيرة إلى ان مئات من السكان يفرّون حالياً من بلدة العوامية بعد أسابيع من الاشتباكات بين بعض المسلحين وقوات الأمن.

السعودية أم سوريا ؟

وطُوِّقت بلدة العوامية المعروفة بسُكَّانها الشيعة - وهي بلدة موجودة منذ 400 عام في محافظة القطيف شرقي المملكة ويقطن بها 30 ألف شخصٍ تقريباً - بحواجزٍ وضعتها أجهزة الأمن منذ أدّت محاولاتٍ لإخلاء بعض السكان لنشوب عنفٍ في العاشر من مايو الماضي.

ومنذ ذلك الوقت تدهور الوضع سريعاً في العوامية. ويُفيد السكَّان المحليون بأنَّ 25 شخصاً على الأقل قد قُتِلوا جرَّاء القصف أو برصاص القناصة، وتبدو صورٍ يُزعَم أنها لشوارع العوامية المتناثرة بالأنقاض والطافحة بمياه المجاري أقرب لمشهدٍ من سوريا وليس من مدينة خليجية ثرية بالنفط.

ويَصعُب التأكُّد من صحة أية معلومات آتية من بلدة العوامية، إذ لا يُسمح لوسائل الإعلام الأجنبية بالاقتراب من المنطقة دون مرافقين حكوميين. ما يعني أنَّ العالم يعتمد في هذا الأمر على وسائل الإعلام الحكومية السعودية الخاضعة لرقابة شديدة، وعلى المواقع الإخبارية ذات التوجّه الشيعي، والشبكات الاجتماعية في الحصول على أية لمحة عمَّا يحدث هناك.

وبذلك، لا يُمكِن التأكُّد من صحة الصوّر المنشورة التي تزعم انه للوضع في البلدة السعودية .

متظاهر مسلح

لكن صحيفة " الأندبندنت" نشرت تصريحات على لسان باحثين وسعوديين قالت أن أحدهم متظاهر مُسلَّح من داخل المدينة المحاصرة، وناشطان يعيشان في خارج البلاد .
وقال ناشطٌ مسلَّح مناهض للحكومة في مقابلة نادرة أجرتها معه وسائل إعلام غربية: "كنت متظاهراً سلمياً، كذلك كان معظمنا في العوامية، حتى قرَّرت الحكومة تصنيفنا كإرهابيين مطلوبين. كُل ما فعلناه هو المطالبة بالإصلاح، فاستهدفوا المدينة بأكملها".

وأضاف الناشط أنَّ قواتٍ حكومية داهمت منزله في بداية الحصار، وتعدوا على زوجته بالضرب، وصوَّبوا أسلحتهم نحو ابنته البالغة من العمر 5 أعوام، وأمسكوا بابنته الأخرى ذات الأشهر الثمانية ورفعوها عالياً ثم هدَّدوا بإلقائها على الأرض.

ووصف الأمر قائلاً: "قالوا لفتاتي الصغيرة: سنقتل أباكِ ونُلقي برأسه في حجرك".

وأضاف: "لم يُترَك لنا خيارٌ آخر. وَجَبَ علينا الدفاع عن حيواتنا وحياة نسائنا. دُمِّرَت المنازل تحت القصف، وإطلاق النار الكثيف، وقذائف الآر بي جي، أصبح الكل هدفاً".

أُغلِقت الطُرق المؤدية للعوامية بالمتاريسٍ منذ 3 أشهر بعد أن رفضت سُكَّانها الانصياع لقوات الأمن التي جلبت جراراتٍ ومعدّات بناءٍ لتنفيذ أوامرٍ بهدم المنطقة القديمة وإعادة تطويرها.

متظاهرون أم إرهابيون؟

من جانبها، قالت الرياض أنَّ المُسلَّحين في العوامية هُم إرهابيون عازمون على زعزعة استقرار البلاد بأكملها، ويجب منعهم من استغلال المباني المهجورة في البلدة والشوارع الضيقّة والملتوية بها كمخابئ.

ويجد الصحفيون ومراقبو حقوق الإنسان على حدٍ سواء صعوبةً في التعرُّف على هُوية المسلحين، ومصدر أسلحتهم، وأعدادهم. ورفض المصدر المُسلَّح داخل العوامية التعليق على حجم قواتهم المقاتلة أو مصدرها، متذرِّعاً بأسبابٍ أمنية.

والتزم النشطاء الآخرون الموالون للعوامية بالغموض عندما ضُغِط عليهم بتلك الأسئلة أيضاً - لكنّهم يتفقون مع الرأي القائل إنَّ حملة هدم الحي تحرِّكها الرغبة في قمع المدينة المتمرِّدة للأبد.

وقال آدم كوغل، وهو باحثٌ بشؤون الشرق الأوسط في منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان: "لقد وثَّقت نزاعاتٍ دارت في السعودية من قبل لكنَّ لم يشبه أياً منها ما يحدث في العوامية. رأيت مظاهراتٍ من قبل، لكن لم يكن أياً منها مسلَّحاً".

وأضاف: "التفاصيل قليلة عمَّا يحدث على الأرض هناك، لكن الواضح كلياً أنَّ هناك اشتباكاتٍ تحدث بين الدولة ومواطنيها في مدينة سعودية حالياً، وهو أمرٌ غير مسبوق".

وقال ناشطٌ من المدينة ويقيم بالولايات المتحدة: "الناس خائفون لدرجة أنَّ الجُثث ظلَّت متناثرةً في الشوارع لأيام".

وتفيد عدة تقارير بأنَّه يَصعُب على عربات الإسعاف ومركبات الصرف الصحي الوصول للبلدة؛ إذ يجري تعطيلها في نقاط التفتيش، ما يسهم في تفاقم ظروف المدينة غير القابلة للمعيشة.

وقال علي الدبيسي، رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومقرَّها برلين، والذي سافر للخارج في 2013 "إنَّه لا يمكن اختزال المواجهة القائمة في بلدة العوامية باعتبارها قضية طائفية فحسب".

وأوضح: "عندما قتلوا الشيخ نمر فإنهم أعدموا معه 4 شيعيين و43 سنياً، إذاً يتعدى الأمر مسألة الطائفية".
أضاف: "أعتقد أنهم سيمارسون قمعاً مشابهاً على أية منطقة معارضة. ما يريدونه الآن هو إخلاء البلدة وحسب، لإنهاء الاحتجاجات".

الخروج الآمن

ويوم الجمعة الماضي، 28 يوليو، أرسلت السلطات السعودية لسُكَّان العوامية مجدداً إشعارات بإخلاء البلدة، آمرةً إيّاهم بالرحيل من خلال طريقَين مُحدَّدَين والتلويح بملابس بيضاء في أثناء ذلك.

جاء هذا الأمر تزامناً مع زيادة حدة القتال - وقالت عنه وسائل الإعلام السعودية إنَّه قد أسفر عن مقتل 7 أشخاصٍ على الأقل.

ويتهم النشطاء السلطات السعودية بإطلاق النار بشكلٍ عشوائي على المدنيين، ومنازلهم، وسياراتهم، بينما أنكرت الرياض تلك المزاعم.

وقال الناشط المقيم بالولايات المتحدة إنَّ مئاتٍ من الأشخاص قد فرّوا من العوامية - ويُقدَّرون في بعض الإحصائيات بـ90% من السُكَّان المحليين، وبقى بالبلدة 3000 إلى 5000 شخص. وبينما توفَّرت لهم مساكنٌ بالبلدات المجاورة، إلّا أنَّ ذلك واجه انتقادات بعدم كفايته لمواجهة الطلب المُتوقَّع.

وكان سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، قد قال في تصريحات صحفية، إن السلطات تلقت مطالبات من السكان بمساعدتهم في الخروج من منطقة الاشتباكات، مؤكداً أن عمليات الإخلاء مؤقتة لحين إزالة أوكار الإرهابيين والمتشددين الذين استغلوا المباني المهجورة ملجأ للأعمال الخارجة عن القانون وتجارة الأسلحة وترويج المخدرات.

وفي مايو الماضي، أدانت منظمة الأمم المتحدة خطط إعادة التطوير المذكورة، متهمة السلطات بمحاولة إخلاء السكان قسراً من العوامية دون تقديم خياراتٍ ملائمة لإعادة تسكينهم في المقابل، ضمن عملية تهدِّد "بإحداث ضرر دائم بالتراث التاريخي والثقافي للبلدة".

وقال نشطاء محليون إن القوات السعودية سهلت خروج الأفراد الهاربين من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص على الأقل بينهم شرطيان. وحصلت عشرات الأسر على أماكن إقامة مؤقتة في بلدة قريبة.

وظهرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي لتوفير مأوى للأسر النازحة ورد عدد من الأشخاص بفتح بيوتهم بينما عرض آخرون دفع مقابل توفير أماكن إقامة مؤقتة خارج العوامية.

وقال التلفزيون الرسمي إن السلطات دعت النازحين للتوجه إلى مقر المحافظة لطلب مساكن مؤقتة أو الحصول على تعويض عن المنازل التي اضطروا لتركها.

وأفادت صحيفة عكاظ السعودية في يناير الماضي بأن أمير القطيف قال إن عدد المنازل داخل البلدة القديمة التي ستدفع لأصحابها تعويضات بعد هدمها يبلغ 488 منزلا، وتقدر قيمة التعويضات بأكثر من مائتي مليون دولار.

حي العوامية التاريخ

وفيما يلي معلومات عن بلدة العوامية والحي التاريخي بها التي نشرتها "بي بي سي" :

- بلدة العوامية، التي يقدر عدد سكانها بـ 30 ألفا وتطل على الخليج العربي، ذات أغلبية شيعية وتقع في المنطقة الشرقية بالمملكة.

- منطقة المسورة،الحي التاريخي، بالعوامية يبلغ عمرها 400 عام، وتتمتع بتراث فريد، وذلك بحسب الأمم المتحدة.

- العوامية هي مسقط رأس رجل الدين البارز نمر النمر الذي أدى قيام السلطات السعودية بإعدامه إلى تصاعد الاضطرابات في المنطقة الشرقية.

- المظاهرات والإحتجاجات بدأت في العوامية في شهر فبراير/شباط 2011 حينما كانت المنطقة العربية تعيش ذروة ما يسمى بالربيع العربي واتهمت السلطات السعودية حينها رجال دين شيعة وعلى رأسهم نمر النمر بالتحريض على المظاهرات.

- الرياض تقول إنها ستقوم بإزالة حي المسورة، الذي يتألف من شوارع ضيقة، بعدما أصبح ملاذا "للمسلحين الشيعة" حسب قول السلطات.

- السلطات السعودية تقول إن الهدف من هدم الحي يأتي في إطار تطويره وإن بعض البيوت في الحي تعود لمئة عام وإجمالي عددها 488 بيتا حسب مسح أجرته عام 2014 وقد تم تقدير قيمة كل المنازل وقبض أصحابها قيمتها وانتهت المهلة المعطاة لهم للخروج من الحي.

- الأمم المتحدة تقول إنه يجب على الحكومة السعودية وقف ما وصفته بأعمال الهدم لحي تاريخي، والذي يتعرض سكانه لضغوط الإخلاء بدون توفير سكن بديل أو تعويض مناسب، وتتهم قوات الأمن السعودية بالإقدام على "إحراق يتعذر إصلاحه" لمبان تاريخية وبإجبار السكان على الفرار من منازلهم.
سياسة | المصدر: نافذة مصر | تاريخ النشر : الأحد 06 اغسطس 2017
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com