Akhbar Alsabah اخبار الصباح

ثلاثة سيناريوهات لسقوط السيسي

عبدالفتاح السيسي أخبرني بهي الدين حسن، مدير مؤسسة القاهرة لحقوق الإنسان، أن عبدالفتاح السيسي خذل نفسه وشعبه، وذلك في ذكرى الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس المصري محمد مرسي.

منذ تظاهرات 2011، حكم مصر إسلاميون أو عسكريون؛ ما مثّل كابوسًا للمصريين. لكن، لم يتوقّع أسوأ المتشائمين أن يصل الوضع إلى قمع منهجي وفشل أمني وركود اقتصادي.

اعتبر كثير من المحللين أن الشعب يشعر بالتعب، ظهر هذا في ردّ الفعل الصامت في الشوارع على التصديق على نقل ملكية الجزيرتين إلى السعودية، ويبدو أن حلم الثورة بعيد المنال.

لكنّ هناك متابعين للوضع رؤوا أن الاحتجاجات المتفرقة بدأت في الظهور بجانب تراكم الغضب؛ ما قد يدعو المصرين إلى النزول للشوارع مرة أخرى.

دعا المفكر المصري حاتم عسكر المصريين إلى النزول، معتبرًا أن النظام في وضع حرج وضعيف، على خلفية زيادة أخرى في أسعار البترول والبنزين؛ ما أدى إلى احتجاجات وغضب ظهرا في وسائل التواصل الاجتماعي.

في أول مظاهر احتجاج في الشارع، انتشر سائقو سيارات على كوبري 6 أكتوبر في وسط القاهرة، حاملين لافتات تدين زيادة تكلفة السلع البترولية بنسبة 43%؛ وهي أزمة ستؤدي إلى إشعال التضخم في الشهور القادمة.

اعتبر مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي أن الأمر انتهى بخيانة، بعد بيع السيسي جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية؛ ويبدو أن الشارع المصري يغلي بسبب سوء الوضع وسينفجر في أيّ لحظة.

كيف تآكلت مكاسب 2011؟

عانت مصر من ظروف سيئة في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. لكن، في عهد السيسي، دخلت مصر إلى مراحل لا مثيل لها من الاستبدادية.

بداية، سعى أوّل تحرك للثورة المضادة في 9 مارس 2011؛ عندما هجم الجيش المصري على ثوار ميدان التحرير لإنهاء مكاسب الانتفاضة الشعبية التي كانت تحاول الاكتمال بتغيّر الحكام والعقول.

بعد سبع سنوات، انفرد السيسي والدولة البوليسية ونخبة رجال الأعمال بالسلطة، مع استبعاد منهجي لكل المنافسين؛ آخره اعتقال المرشحين الرئاسيين المحتملين في الأسابيع الماضية.

فَهِمَ السيسي والموالون له أن المتظاهرين يمكنهم في 18 يومًا تغيير الرئيس فقط وليس النظام بأكمله؛ لذا يمكننا اعتبار ما حدث في 2011 انتفاضة وليس ثورة. من أجل تغيير حقيقي، كانت هناك ضرورة لوجود تنظيم، وخبرة سياسية، وتماسك أيديولوجي وفهم تاريخي؛ وهو ما لم يحدث.

لذا؛ تمكّنت الثورة المضادة والقوة والدعاية الإعلامية من إنهاء الانتفاضة. لكنّ غرور الجيش بقيادة السيسي يمكن أن يتسبب في استكمال الوضع إلى ثورة.

كيف تدهورت مصر منذ الانقلاب العسكري؟

منذ الانقلاب العسكري شهدت مصر ثلاث أزمات يمكن أن تتسبب في تحوّل كبير؛ وهي: قومية مفرطة، انتشار الإرهاب من سيناء إلى الدلتا، الأزمة الاقتصادية التي لم تنتهِ حتى الآن.

قال أشرف الشريف، الزميل في مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط، إن الدولة ومؤيديها الذين أظهروا استبدادًا وكرهًا للأجانب في أحيانٍ أعطيا لأنفسهما الحق في تصنيف آخرين بالخيانة.

يمكن لهذه الأزمة، التي تأتي بسبب القومية المفرطة السامة، أن تتسبب في واحدة من كبرى الأزمات؛ وهي مواجهة المصريين بعضهم بعضًا.

مع انقسام الدولة بين السيسي والمؤسسات الأمنية وداعميه والإسلاميين والتقدميين ونقاد الوضع والذين ليس لهم توجه سياسي ومن لا يستطيعون تحمّل التكاليف الأساسية للمعيشة، مع ارتفاع نسب التضخم إلى 30%؛ فإن الكسور المجتمعية المطوية يمكن أن تهدد الدولة والمنطقة.

بجانب ذلك، اُستُهدف المسيحيون على أيدي «تنظيم الدولة» داخل القاهرة والمحافظات الرئيسة بعد أن كان منحصرًا في سيناء، وهجمات الدولة ضد منظمات المجتمع المدني والقضاة والنشطاء السياسيين؛ ما يبرز صورة قاتمة للوضع في مصر.

ثلاث شرارات ثورية محتملة

في محاولة السيسي لإخماد الحماس الثوري، ربما تسبّب في خلق مزيد؛ وتنقصنا الآن «شرارة الثورة».

مقتل المواطن المصري خالد سعيد في 2010 كان شرارة كافية لتظاهرات 2011. ربما يتسبب قرض صندوق النقد الدولي في شرارة ثورة جديدة؛ بسبب الارتفاعات الجديدة للأسعار في الفترات المقبلة، مع اندثار أموال كافية لدى المصريين لتحمّل الوضع.

يمكن أن تكون الشرارة أيضًا في جريمة للشرطة المعتادة الجاهزة لقتل المصريين الأبرياء بدم بارد، كما قلّل نظام مبارك من شأن المصريين في 2011. ويبدو أن غطرسة السيسي ومعظم فريقه يريان استحالة احتمالات خروج انتفاضة جديدة تتحول إلى ثورة.

في هذه المرحلة المضطربة، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة للوضع:

السيناريو الأول: الانقلاب

لم يؤذِ السيسي عموم المصريين فقط؛ ولكن أيضًا مصالح رجال الأعمال التي تتداخل مع مصالح الجيش، الذي يسيطر على جزء كبير من اقتصاد الدولة. كما عمل السيسي مع جماعته في صمت ضد مرسي والإخوان، ومن المحتمل أن يكون هناك آخرون يتآمرون ضده.

على عكس الثورات، مثل هذا التفويض سيطيح بديكتاتور دموي ليأتي بمستبد غيره؛ لكن السيسي ليس مرسي، فجنون الشك وتحالفاته سيؤديان إلى رحيل دموي. مع صعوبة هذا السيناريو يجب أن نتذكر مذبحة رابعة، التي أثبت بها السيسي أنه يستطيع ارتكاب جرائم حرب على نطاق دموي واسع.

من ينكر وجود صراع داخلي في الجيش يجب عليه النظر إلى تاريخ العسكرية المصرية؛ خاصة أثناء رئاسة محمد نجيب، الذي واجه نتيجة قراره بإبعاد الجيش عن السياسة وإعادته للدفاع عن الوطن بانقلاب جمال عبدالناصر عليه.

السيناريو الثاني: التظاهرات

معظم من يعتقدون أن هذا السيناريو لن يحدث يرون أن المعارضة منقسمة والمواطنين مرهقون ولا يستطيعون الوقوف في وجه حاكم مستبد. قلّت التظاهرات المعارِضة، باستثناء تظاهرات صغرى على خلفية بيع السيسي الجزيرتين؛ كانت كبراها في أبريل 2016 عندما أُعلن لأول مرة عن هذه الصفقة.

في الوقت الذي اشترى فيه السيسي أسلحة بمليارات الدولارات، تحوّل غالبية المصريين إلى فقراء؛ مع تركّز معظم الثروة في أيدي 10% فقط من النخبة.

منذ أربعة أشهر صرخ المصريون في الشوارع «نريد الخبز»، في هذه اللحظة تغلّب غضبهم على إرهاقهم؛ وظهر جليًا أن الرئيس الأمني لا يمكنه جلب الاستقرار ولا الأمن للدولة.

أخرج الوضع السيئ كثيرين عن شعورهم؛ من بينهم الإذاعية المصرية إنجي سمير، التي قالت للآلاف من متابعيها: «نحن أصبحنا عبيدًا لهم، وتُعرض زيادة الأسعار كأمر واقع؛ بدلًا من الصمت يجب علينا الاحتجاج والتظاهر».

توقع كثيرون أنه عندما تشتعل التظاهرات ستكون أكثر دموية من تظاهرات 2011؛ حيث قال البعض في معسكرات المعارضة إن المتظاهرين تركوا الميادين مبكرًا، بينما رأى آخرون أنه كان من السذاجة توقّع أن تتفهم المؤسسة العسكرية وتحترم أو تخشى من النهج السلمي، كما ترى وزارة الداخلية وقوات الأمن القومي أن كبرياءهما أخذ ضربة في 2011. إذا تكرر الوضع مرة أخرى فسوف يُدمّر هذا إمبراطوريات كليهما.

قمع أيّ انتفاضة أخرى سيُرحّب به السيسي، الذي يرى أيّ معارضة له خيانة. في حالة اندلاع احتجاجات يرى محللون أنه إذا لم يتحرك الجيش ضد السيسي ستشهد الدولة حمام دماء.

السيناريو الأخير: المصريون في مواجهة بعضهم

العجز عن إجراء حوار متحضر مع شخص في معسكر المعارضة أمرٌ محوريٌّ في السيناريو الثالث، وهو أخطر سيناريو وأكثرهم احتمالية. عند متابعتك التلفاز أو مواقع التواصل ستشهد انقسام المجتمع.

ترفض الجماعات الموالية للسيسي فهم المعارضة المصرية وتنوعها، أما المعارضة فإنها تبدأ عنفًا لفظيًا في رفضهم وانتقادهم لمعسكر السيسي.

لا زال الملايين يعتقدون أن الجيش سيحميهم من حكم الإسلاميين، بينما يرفض الملايين الحكم الإسلامي والعسكري؛ لذا: ما البديل في حالة ازدراء المسار المدني؟ في الأغلب، يمكن أن يؤدي هذا الانقسام إلى صراع بين المصريين.

هل من الممكن ألّا يحدث أيّ من هذه السيناريوهات؟ هل سيقبل المصريون الخضوع ويرضون بالفشل؟ يقول البعض إن ذلك حدث لمدة 30 عامًا في عهد مبارك فلا يمكن استبعاده الآن.

لكنّ وحشية السيسي تختلف عن أيّ رئيس، وتوجد أسباب كثيرة تدعو إلى التحرّك، ما بين الجوع والقمع.
سياسة | المصدر: رصد - عمر خليفة | تاريخ النشر : السبت 01 يوليو 2017
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com