Akhbar Alsabah اخبار الصباح

"العسكري" ينهب ميزانية الصحة.. والمواطن وحده من يدفع الثمن

ميزانية الصحة تهتم الدول عادة بمجال الصحة وتنمية بشكل دائم، لأنه يعتبر من أهم ركائز بناء الدول القوية، لذا يتم تخصيص قدرٍ كافٍ في ميزانية الدولة لهذا المجال، ليكفي العاملين به مؤونة الحياة، لكن في مصر العسكر، الوضع يختلف تمامًا، فالصحة في ميزانية النظام لا تمثل أكثر من 3.1% من الناتج المحلي.

تمثل ميزانية الصحة أزمة داخل مجلس النواب؛ بسبب بعض البنود التي تظل محل اعتراض من العاملين بمنظومة الصحة، حيث تضم سلسلة من التناقضات في بنودها، حسبما أكدت نقابة الأطباء، لعل أبرزها تخصيص نحو 30 مليار جنيه لمستشفيات الجيش والشرطة، والتي تخدم نحو 500 ألف ضابط ضمن المؤسسة العسكرية، في حين أن باقي الميزانية، الذي يقدر بنحو 24 مليار، لباقي منظومة الصحة.

هذا كله بالإضافة إلى نحو 13 مليار جنيه للجهاز التنظيمي لمياه الشرب والصرف الصحي وللهيئة القومية لمياه الشرب، حيث تعتبر تلك البنود ضمن الخدمات العامة وليست ضمن الميزانية المخصصة لتطوير المنظومة الطبية وشراء الجهة ومعدات طبية.

وبحسب "محمد العماري"، رئيس لجنة الصحة بمجلس نواب العسكر، فإن الموازنة التي تم اعتمادها لوزارة الصحة في الموازنة العامة للعام المالي 2017/2018، لا تمثل الاستحقاقات الدستورية ولكنها جاءت وفقًا لاستحقاقات موازنة 2016/2017.

وأعلن ممثل وزارة المالية في حكومة النظام، خلال اجتماع لجنة الشئون الصحية، والمخصص لمناقشة الموازنة العامة بحضور ممثلين من وزارات المالية والتخطيط والصحة، أنه تم تخصيص 54 مليار جنيه خلال الموازنة العامة للعام المالي الحالي 20182017، مشيرًا إلى أنها بذلك أصبحت تمثل 3.1% من الناتج المحلي.

لجنة الصحة ببرلمان "عبد العال"، أعلنت إنه تم اعتماد 2.77 مليار جنيه للجهاز التنظيمي لمياه الشرب والصرف الصحي، بالإضافة إلى 9.5 مليار جنيه للهيئة القومية لمياه الشرب.

كما تم اعتماد 14 مليون جنيه للجهاز التنفيذي لمياه الشرب، وبند خاص بالاحتياطات تضمن 500 مليون جنيه للتغذية، و300 مليون جنيه أدوية و700 مليون جنيه تسويات مياه وكهرباء وتليفونات للمستشفيات تتم خلال العام، إضافة إلى 600 مليون جنيه دعم أدوية وألبان أطفال.

كما شملت موازنة وزارة الصحة، ضمن الموازنة العامة للعام المالي 2017/2018 تخصيص 300 مليون جنيه لغير القادرين، و100 مليون جنيه لدعم التأمين الصحي على الفلاحين، ودعم التأمين الصحي على الطلاب بـ300 مليون جنيه، و176 مليون جنيه لدعم المرأة المعيلة، و232 مليون جنيه للتأمين الصحي على الأطفال دون سن المدرسة، و352 مليون جنيه لدعم المؤسسات العلاجية.

كما تم اعتماد 10 مليارات و987 مليون جنيه للهيئة العامة للتأمين الصحي، و348 مليون جنيه لشركات قطاع الأعمال والشركات التابعة لها، و626 مليون جنيه للعلاج الطبي بالهيئات الاقتصادية.
الصحة.. حائط الحكومة لسد العجز !

يقول الدكتور "محمد حسن خليل"، المنسق العام للجنة "الدفاع عن الحق في الصحة" إن الحكومات المصرية تنظر إلى قطاعي الصحة والتعليم على أنهما "الحيطة الواطية" التي يتم اللجوء إليها في كثير من الأوقات لسد العجز العام بالموازنة ، مؤكدًا أن استقطاع 20 مليار جنيه من ميزانية الصحة، يعد مخالفة صريحة للدستور الذي يقر بزيادة الميزانية تدريجيًا بنسبة 3% من الناتج القومي الإجمالي بحلول العام المقبل وهو ما لم تلتزم به الحكومة.

ومن جانبه، أوضح الدكتور "خيري عبدالدايم"، نقيب الأطباء السابق أن استقطاع الحكومة من الميزانية المخصصة للإنفاق على الصحة لسداد فوائد الديون هو استمرار لـ"سياسات فاسدة وخاطئة واستهتار بصحة المواطنين ومخالفة للدستور" وكل ذلك نتيجة للاستمرار في سياسة الاقتراض "الخاطئة" التي تحمل الأجيال الحالية والقادمة أعباءً فوق قدراتهم.

واتهم عبدالدايم" ،حكومة "إسماعيل" بأنها "غير مسئولة" في ظل زيادة معدلات الإنفاق "الجنونية" على مشروعات اقتصادية غير ملحة أو ذات نفع على المواطن في الوقت الحالي، كالعاصمة الإدارية ومشروع المليون ونصف فدان وقناة السويس الجديدة وتنمية جبل الحلال، ما يزيد أكثر من الأعباء على المواطنين.

أما الدكتور إيهاب الطاهر، أمين عام نقابة الأطباء إن موقف النقابة واضح منذ البداية بشأن زيادة الموازنة الخاصة بالصحة، ومتمسكين بضرورة تفعيل مادة الصحة في الدستور والتي تلتزم الدولة من خلالها بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.

وأضاف طاهر "من ثم لا يمكن انتظار تحسين الخدمات الصحية المُقدمة للمواطنين دون زيادة حقيقية في الموازنة، فشراء الأدوية والمستلزمات الطبية الجديدة وإصلاح الأجهزة المعطلة تعني أموالًا إضافية وميزانية أكبر وهو ما لم تتحمله الحكومة وتتركه على المواطن".

وأعرب الطاهر عن رفضه الشديد لتحميل المواطن الأعباء الإضافية الناتجة عن العجز في الموازنة في الوقت الذي تُحمل فيه جهات أخرى عديدة للمريض الفارق بين القيمة المحددة للعلاج وإجراء عملية ما والقيمة الفعلية بناءً على الأسعار الجديدة عقب تحرير سعر صرف الدولار، ومن ثم لابد من تعديلها فعليًا طبقًا للأسعار الحقيقية حتى لا تتربح جهات أخرى من وراء ذلك.
ميزانية الصحة أزمة

قال الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء المسؤولون ينظرون إلى ميزانية الصحة على أنها أزمة وعبء على الدولة، في حين أنه يجب التعامل معها على أنها استثمار في صحة المواطنين، حسبما تتعامل الدول المتقدمة، مشيرًا إلى أن نصيب المواطن من ميزانية الصحة لا يتجاوز 60 دولارًا، وهو رقم لا يذكر مقارنة بالنسب الدولية، فمن المفترض ألَّا يقل عن 500 دولار للفرد الواحد، وهناك دول عربية يصل نصيب الفرد فيها إلى ألفي دولار، كما هو الحال في الإمارات او قطر.

وأضاف سمير في تصريحات خاصة، أن هناك سوء إدارة لموارد الدولة، حيث يتم صرف المليارات على الوزارات المنتجة كالكهرباء والبترول، كمكافئات ومنح وأرباح، في حين لا تحظى وزارات استراتيجية كالصحة والتعليم بالحد الأدنى من هذا، مشيرًا إلى أن «هناك خلل يصل إلى مرحلة الفساد، حيث إنه تم تخصيص نحو 30 مليار جنيه من ضمن ميزانية الصحة للمستشفيات الجيش والشرطة التي تم ضمها إلي الميزانية، وهي تخدم فقط 500 ألف ضابط وأسرهم، في حين أن هناك 24 مليار جنيه لباقي قطاع الصحة.
سبوبة الصحة

أكدت الدكتورة منى مينا، وكيل نقابة الأطباء التي ترى أنه في كل دول العالم المتقدمة التي تحتاج للدفع للأمام يكون الاستثمار الفعلي في الصحة والتعليم ذات جدوى كبيرة على زيادة الناتج القومي، ولكن في مصر فإن الحكومات المتعاقبة تنظر إلى الإنفاق على الصحة على أنه "عبء" وسرعان ما تتهرب من الالتزام بالدستور ولا تراعي حق المواطن في تلقي خدمة صحية جيدة.

وأضافت أن استمرار العجز في الإنفاق على الصحة وغيرها من القطاعات الحيوية وتردي الأوضاع الصحية لا ينتج عنه فقط استمرار معاناة المواطنين، ولكنه في الوقت ذاته يكلف اقتصاديات الدول خسائر أخرى خطيرة.

كما أن الحكومة تنفذ سيناريو العام الماضي حين أضافت بنودًا عديدة للإنفاق على قطاعات الصحة (المياة والمجاري والصرف الصحي وغيرها من الخدمات المتعلقة بالصحة العامة) ومن ثم تم تخفيض الموازنة من 70 مليار جنيه إلى 47 مليار فقط.

وأوضحت أن الإنفاق على قطاع الصحة (الوقاية والعلاج) يختلف كليًا عن المحددات الاجتماعية للصحة، فضلًا عن تحميل موازنة الصحة لتسديد جزء من ديون مصر هو منطق غير مفهوم في فترة لا نعلم كيف تم الموافقة على هذه القروض وفيما تم إنفاقها بعد ذلك.

وطالبت وكيل نقابة الأطباء الدولة بالالتزام بالدستور الذي ينص على حد أدنى للإنفاق على الصحة كأحد الضمانات الحقيقية لإصلاح الوضع الصحي المتدهور، قائلة: "ليس المهم زيادة الإنفاق ولكن لابد من وجود خطة محكمة لترشيده وتحسين الأوضاع بالفعل".
سياسة | المصدر: جريدة الشعب | تاريخ النشر : السبت 20 مايو 2017
أحدث الأخبار (سياسة)
يمكنكم متابعة احدث اخبارنا عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى المختلفة
facebooktwitterRss
®أخبار الصباح AkhbarAlsabah.com