أسدلت الدائرة الأولى فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد الشاذلي، نائب رئيس مجلس الدولة، الستار على معركة جزيرتي "تيران وصنافير"، بعد الحكم اليوم الاثنين بمصريتها، وتساءل مراقبون عن مصير الحرب التي شنها نجل رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، لترويض المجلس قبل النطق بالحكم، والتي أسفرت عن اغتيال المستشار وائل شلبي شنقاً.
تسلسل الأحداث قبل الحكم التاريخي اليوم كان مريبًا للمراقبين، فجأة يعلو نجم جهاز الرقابة الإدارية في مصر بشكل غريب وتتواتر الأنباء عن دور نجل السيسي (مصطفى) أحد ضباط الجهاز،في كشف الفاسدين، وقبل أيام من إقرار الحكومة تسليم تيران وصنافير للسعودية، وقبل نطق مجلس الدولة بالحكم الخاص ببطلان الاتفاقية اليوم الاثنين، تظهر قضية الرشوة الكبرى واكتشاف مغارة علي بابا تحت سرير مسئول مشتريات بمجلس الدولة، وبعد تدمير سمعة الجهاز واتهام نائب رئيسه بالفساد، ومن ثم استقالته، تلقي الرقابة الإدارية القبض على المستشار وائل شلبي مساء لتعلن في الصباح خبر انتحاره بالكوفية الخاصة به داخل إحدى غرف الحجز بالجهاز!
الحكم في طعن الحكومة على حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 21 يونيو الماضي ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وبطلان التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" للمملكة العربية السعودية، جاء صادمًا للكفيل الخليجي الذي راهن على نجاح رئيس الانقلاب في قتل الجزء اليسير الذي تبقى من ضمير القضاء المصري، وأثبت فشل عملية "تحميل الزند".
قضية فساد أم ابتزاز؟
اعتبر عدد من السياسيين والنشطاء قضية رشوة مسئول المشتريات بمجلس الدولة وهذا المبلغ الخرافي قضية مفتعلة، للضغط على مجلس الدولة قبل النطق بالحكم في قضية تيران وصنافير.
وتساءل الناشط اليساري كمال خليل: “قضية الرشوة :هل هي محاربة للفساد؟ أم تصفية حسابات؟ أم تيران وصنافير؟ أم شيء آخر؟!.. ينبغى التريث فى بلد تتوه فيه حقيقة الأمور، الحرامية في مغارة علي بابا مش أربعين.. المغارة عامرة بملايين اللصوص”.
وسخر أحد الناشطين قائلا: “احنا نسمي القضية رشوة مجلس الدولة! واخدلي بالك يا أحمد؟ وبعدين نحظر النشر فيها قبل حكم #تيران_وصنافير_مصرية، حكموا بسعودة الجزر نحفظها”.
وقال آخر: “معقولة مدير مشتريات مجلس الدولة يحصل على 150 مليون جنيه رشوة! تبدو لي أن القضية برمتها ملفقة بهدف الإساءة لمجلس الدولة قبل حكم تيران وصنافير”.
وكانت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة قد مدت أجل الحكم في استشكال المطالبة باستمرار تنفيذ حكم بطلان اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير مع السعودية، إلى جلسة اليوم الاثنين 16 يناير الجاري.
وفاة غامضة قبل الحكم
وعلى طريقة انتحار سليمان خاطر جندي الأمن المركزي الذي قتل 7 إسرائيليين تسللوا إلى الحدود المصرية، ثم أعلنت سلطات العسكر انتحاره لاحقا.. زاعمة شنق نفسه بملاءة السرير.
تأتي أيضا ملابسات وفاة المستشار وائل شلبي بطريقة تبدو أغرب وأصعب في التصديق، حيث قيل إنه شنق نفسه بالكوفية، وفي رواية أخرى بالكرافتة، وشكك مراقبون ونشطاء في الأمر برمته، فلماذا سينتحر نائب رئيس مجلس الدولة في قضية لم تثبت عليه بعد، ووصفها حقوقيون بغير المكتملة؟؟ واعتبروا أن البراءة من القضية الأساسية وهي رشوة اللبان مضمونة البراءة، فليس هناك تلبس ولا تسجيلات للرشوة ولا أدلة دامغة على وقوعها.
وتساءل آخرون.. كم يبلغ طول الكوفية لينتحر بها أحدهم؟.. وكيف علقها في شباك الحجز؟.. وما هو ارتفاع شباك الحجز من الأساس ليتعلق عليه جسد المنتحر؟!
فشل تلميع المحروس
الإجابة على هذا السؤال تأتي في استعراض سريع لأخبار الجهاز بين عامي 2015 و2016، حيث تقابلنا أخبار يبدو الهدف الواضح منها هو تلميع ملحوظه لجهاز “الرقابة الإدارية” مع إظهار اسم مصطفى السيسي نجل رئيس الانقلاب كبطل أوحد في هذا الجهاز.
فجهاز الرقابة الإدراية الذي أعلن عن قضية رشوة “موظف مجلس الدولة” هو أيضا الذي أعلن مطلع الشهر الماضي عن كشف خيوط قضية الاتجار بالأعضاء البشرية، وهو من قام بنفسه بإلقاء القبض على المتهمين؛ وليست وزارة الداخلية كما هو معتاد في مثل هذه القضايا، في أمر هو الأغرب من نوعه.
وتحدث مراقبون عن أن الترويج المبالغ فيه من قبل وسائل الإعلام المؤيدة للسلطة، لجهاز الرقابة الإدارية، باعتبارها أكثر الجهات الرقابية والأمنية نشاطا في محاربة الفساد، الهدف منه هو “تلميع” صورة نجل السيسي بطريقة غير مباشرة.