يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية تمضي على خطى المملكة العربية السعودية بالعمل على تأديب قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي ومعاقبته على سياساته البهلوانية التي يلاعب فيها كل الأطراف في ذات الوقت حيث قررت واشنطن تعليق مساعدات بقيمة 100 مليون دولار ووجهتها نحو دول أخرى على رأسها تونس.
وكانت صحيفة المونيتور قد ذكرت أمس أن إدارة "أوباما" تمنع ثلاثي المساعدات الاقتصادية لمصر .. وحولتها إلى إلى بلدان أخرى على رأسها تونس..
الباحث والمحلل السياسي الأمريكي إريك تراجر ، زميل بـ "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" تناول هذه القضية في مقال نشرته أمس الثلاثاء صحيفة وول ستريت جورنال تحت عنوان "نموذج مألوف في الخلاف المصري مع السعودية".
تراجر يرى أن السيسي يتعامل مع واشنطن بنفس طريقة تعامله مع الرياض حيث يشدد على رغبته في ترسيخ العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة وفي ذات الوقت يرتبط بعلاقات أكثر ودا مع غريم واشنطن الرئيس في إشارة إلى الرئيس الروسي فلادمير بوتين.
وبحسب تراجر فإن رهانات السيسي على المضي في هذه السياسات دون خسارة دعم أجنبي لم تنجح حيث علقت الرياض مساعدات نفطية وعلى خطاها قررت واشنطن تحويل أكثر من 100 مليون دولار من المساعدات المخصصة للقاهرة إلى دول أخرى، وهو ما يؤشر لتغييرات جارية في المواقف الأمريكية والسعودية تجاه القاهرة.
صفقة السيسي مع السعودية
يقول زميل "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" إن ثمة صفقة عقدتها السعودية مع السيسي عقب الإطاحة بالقائد الإخواني محمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب، في يوليو 2013، حيث هرعت الرياض إلى تقديم 5 مليارات دولار إلى القاهرة، وتعهدت بتقديم مساعدات إضافية في مارس 2015.
وفي أبريل 2016، وقع الملك سلمان اتفاقيات مع مصر بقيمة 25 مليار دولار. وبحسب الكاتب فإن هذا الدعم السعودي لمصر ما بعد مرسي يعكس قلق الرياض من الطموحات الإقليمية للإخوان المسلمين، وكذلك إيمان السعودية بأن استقرار مصر سيعزز من مقاومة المملكة لإيران ووكلائها.
أما عن موقف السيسي فيلفت الكاتب إلى أن الجنرال وافق ضمنيا على هذه الصفقة مصرحا بأن مصر تعتبر أمن الخليج خطا أحمر.
ولكن في نظر مسؤولي الرياض، بحسب المقال، لم يلتزم السيسي بالصفقة، حيث رفض إرسال قوات لتعزيز الجهود السعودية ضد الحوثيين في اليمن، كما رفض طلبا سعوديا بالاشتراك عسكريا في سوريا. وأن تفريط السيسي في جزيرتي "تيران وصنافير" ماهو إلى محاولة لتلطيف الأجواء.
وجاء تصويت المندوب المصري للقرار الروسي بشأن سوريا ليعيد الضوء على الاختلافات بين الدولتين مجددا بشأن سوريا.
ويعرض الكاتب أبرز الاختلافات بين رؤيتي الدولتين حيث ترى السعودية أن بقاء الأسد من شأنه تكريس هيمنة ونفوذ إيران، غريمتها الرئيسية.
أما مصر، فيراودها القلق من الحركات الإسلامية السنية الأكثر نشاطا في محاربة الأسد، واضعة في اعتبارها حربها ضد الجماعات الإسلامية.
كما أسهم أيضا في توتير العلاقات بين الجانبين تصريحات وزير الخارجية المصري بعد مقابلة بنظيره الإيراني في سبتمير الماضي أن “التحالف الذي يقاتل في سوريا ربما يريد تغيير النظام، لكن ذلك ليس موقف مصر"!.
ورغم محاولة السيسي تلطيف الأجواء مجددا حيث شكر الرياض لدعمها السخي منذ الانقلاب على مرسي داعيا إلى أنه لا يجب أن تكون الخلافات حول دمشق سببا لتقويض الشراكة بين البلدين، وطالب باستمرار ضخ شحنات الوقود المدعم من جانب الرياض.
وبحسب تراجر فإن السيسي على النقيض من ذلك، استضاف يوم الإثنين الماضي رئيسا لجهاز استخباري سوري وعقد الجانبان مباحثات ثنائية.
وذكرت وكالة الأنباء السورية أنه تم الاتفاق على تعزيز التنسيق في الحرب ضد الإرهاب.
يلاطف واشنطن وينام في أحضان موسكو
وبحسب الباحث السياسي الأمريكي فإن السيسي يمضى على نفس السياسيات مع واشنطن حيث يشدد بشكل روتيني على رغبته في ترسيخ علاقات إستراتيجية مع واشنطن؛ بينما يرتبط بشكل أكثر ودا مع غريم واشنطن الرئيسي.
فرغم المساعدات الأمريكية السنوية العسكرية لمصر والبالغة 1.3 مليار دولار، تدهورت العلاقات الثنائية بينهما على خلفية اختلافات سياسية.
ويعدد تراجر مواقف السيسي المناقضة لسياسات واشنطن حيث عزز السيسي شراكته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ووقع البلدان اتفاقية أسلحة بقيمة 3.5 مليارات دولار في سبتمبر 2014، ثم اتفاق في مايو الماضي بقيممة 25 مليار دولار لبناء محطة نوورية بمصر.
كما تستطيف مصر مناورة عسكرية مشتركة بدأت يوم 15 أكتوبر وتستمر حتى 26 أكتوبر الجاري. كما دعمت مصر الموقف الروسي في سوريا بما يعكس التقاء مصالح ضد الحركات الإسلامية السنية.
وينتهي الكاتب إلى أن رهان السيسي بالرقص على الحبال واللعب بالمواقف المتناقضة أثبت فشله والدليل على ذلك تعليق الرياض مساعدات نفطية في أكتوبر الجاري وتحويل واشنطن أكثرمن 100 مليون دولار من المساعدات المخصصة للقاهرة إلى دول أخرى ما يعكس تغيرت جوهرية في مواقف البلدين من السيسي.